ثلاثة أحداث في سيرة رسولنا (عليه الصلاة والسلام) تتعلق بشهر ربيع الأول. ففي هذا الشهر ولد وهاجر إلى المدينة وتوفي رسولنا الكريم، وفي هذا الشهر من كل عام يتداعى الناس في شتى أنحاء عالمنا الإسلامي إلى الاحتفال بمولد النبي العظيم. الحدث الجميل أن يحب الناس هذا النبي، لكن ما يشوه هذه الذكرى تلك الاحتفالات البعيدة عن الرؤية الصحيحة. وتبرز عدة تساؤلات؟ هل دعا الرسول الكريم إلى إحياء مولده؟ وهل قام الصحابة ومن بعدهم بتدشين الاحتفال بذكرى المولد وهم من أكثر الناس حباً له؟ وما ماهية تلك الاحتفالات؟ وما الذي يقام فيها؟ مع ملاحظة أنك حينما تبحث عن تاريخ الاحتفال بميلاد المصطفى (صلى الله عليه وسلم) تجد من المؤرخين من يرجعها إلى «الفاطميين» في القرن الرابع، وبعضهم يؤرخ لبدايتها بالقرن السادس، وحاول البعض التوفيق بين الرأيين فقال: إن العادة بدأت في مصر على يد الفاطميين، ثم انتقلت إلى العراق فبدأ انتشارها. وتستغرب حين تكون نشأة الاحتفال بالمولد على يد «الفاطميين» الذين كانوا بعيدين عن نهج رسولنا، بل ستتعجب عندما تعلم أن طيب الذكر «نابليون» احتفل بمولد النبي إبان الاحتلال الفرنسي لمصر فدفع أموالاً للاحتفال؛ ما دفع بالرافعي إلى تبرير ذلك بمحاولة استمالة «نابليون» قلوب المصريين وإظهار أن فرنسا صديقة الإسلام والمسلمين، وهذا منطق أي محتل على مر التاريخ؛ فهو يأتي لخراب البلاد بزعم المحبة ونشر السلام!! إن مما ينبغي التأكيد عليه أن محبة الرسول واجبة وهذه المحبة تتطلب طاعته والسير على نهجه واتباع ما جاء به. أما المدائح وحدها والاحتفالات فلا تسمن ولا تغني من جوع! ويمكن إيجاد بدائل أخرى للاحتفاء برسولنا تغني عن أهازيج الاحتفال بالمولد بحيث تكون طوال السنة بدلا من حصرها في يوم ما وبطريقة ما! يمكن للإعلام القيام بحملات تثقيفية بين وقت وآخر حول السيرة النبوية، فتبث المواد الإعلامية والأفلام الوثائقية حول ما يتعلق بالسيرة، وتقوم وزارات التعليم في عالمنا الإسلامي بحملات توعوية للطلاب لتعظيم الرسول وكيفية التأسي به، وتعليم سنته وتطبيقها. وكذا وزارات الأوقاف تتبنى برامج ترشد وتعلم الناس بسيرة الرسول العطرة حتى يتخذوها نبراساً يسيرون عليه ويقتدون به. يقول الله تعالى: «لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ..»، ولو بحثت في سيرته لوجدته قدوة لكل طبقات المجتمع وأطيافه. ففي سيرته ما يكون قدوة للأطفال والشباب والرجال والأزواج والآباء، والمعلمين، والحكام والخطباء والأئمة، والقضاة والقادة...الخ. أخيرا.. أعجبني الكاتب الإنجليزي «برنارد شو» عندما قال: لو كان محمد حياً لحل مشاكل العالم أجمع وهو يحتسي فنجاناً من القهوة! حلول مشاكلنا اليوم السياسية والاقتصادية، وعلاج أمراضنا الاجتماعية والثقافية والتربوية.. هنا في ثقافتنا الإسلامية كتاب ربنا وسيرة رسولنا، فقط.. أين من يعلم ويفهم ثم يعمل؟!!