مبكراً بدأت المواجهات الزوجية والعائلية تنشب في المنزل الواحد بسبب مباريات مونديال جنوب أفريقيا التي ستأخذ وقتاً طويلاً من فترات المشاهدة اليومية التلفزيونية، حيث سيقضي بعض الأزواج أكثر من 7 ساعات يومياً لمتابعة المباريات والتحليلات والأخبار اليومية للمونديال. ولم يجد سمير الشامي حلاً إلا بشراء تلفزيون جديد مع ريسيفر وستلايت للتخلص من متاعبه مع زوجته التي وجهت له إنذاراً مبكراً لتقاسم ساعات المشاهدة بالتراضي، مما سيحرمه رؤية مباراة يومياً على الأقل فيما لو استجاب للديموقراطية وحق المساواة اللذين تنادي بهما الزوجة خلال هذه الفترة كونها تتابع عدداً من المسلسلات السورية والتركية. وبهذه الطريقة تقاسم الزوج والزوجة غرف المنزل وانقسمت العائلة المكونة من ستة أشخاص إلى فريقين لكل فريق تلفزيون وغرفة. وفي المقابل تتنافس المسلسلات التركية التي تبث في الساعة ال9.30 ليلاً (ذات موعد المباراة الثالثة في البرنامج اليومي للمونديال) من إحدى القنوات العربية واسعة الانتشار مع المونديال كونها تجذب شريحة واسعة من المتابعين، ووصل عدد حلقاتها الى مئة حلقة ودخل تفاصيل مثيرة تدفع المشاهد لمتابعتها بشغف خصوصاً النساء والشباب، الذين يحرصون على مشاهدته ولا يجدون فرصة لرؤية الحلقات المعادة في اليوم التالي بسبب الالتزام بالعمل الوظيفي، وهو جعل الأمور معقدة في عدد لا بأس به من المنازل السورية حيث تنقسم العائلة بين مؤيد للمسلسل ومؤيد للمونديال.وترى السيدة نور أن المسلسل أجدى وأنفع من المباريات كونه يحمل أحداثاً وعبرا مفيدة، فيما المباريات مجرد لهو وراء كرة مملوءة بالهواء، ويرد وسيم معارضاً مصراً على أن المسلسلات (ممطوطة) وأحداثها متشابهة ومجرد قضاء ساعة مملة مؤكدا أن (اللي فينا مكفينا) وكرة القدم ممتعة وتخرجنا من هموم الحياة اليومية. ولجأ كثيرون لحيلة متابعة المسلسل التركي مع تسجيل المباراة المتزامنة في الموعد على الفيديو ومشاهدتها في وقت لاحق. وتتجه عائلة أبو راشد الريفية المكونة من نحو 30 شخصاً ما بين الأبناء والأحفاد والأشقاء والتي تميل بمعظمها نحو الرياضة وإن اختلفت ميول أبنائها إلى أن يتجمع الجميع في بيت الجد الذي يزدحم بكثير من الأعلام واللافتات المؤازرة لهذا المنتخب أو ذاك، وتم تجهيز كل متطلبات التشجيع والسهرة الكروية، وهناك استعدادات لمراهنات على الفوز قبل أن تبدأ المباريات، مع لائحة توقعات للمباريات ونقاط للفائز والمتعادل، وفي النهاية سيتم حساب من سيحصد أكبر عدد من النقاط، ويفتقد المنزل الى الهدوء بسبب الجدل الدائم حول المنتخبات واللاعبين لكن دون تذمر من أحد. ولأن موعد الذهاب الى البحر وقضاء فترة الاستجمام الصيفية بدأ طلبت أم عمار من زوجها قضاء العطلة الصيفية على البحر قبل أن يبدأ الازدحام مع انتهاء الفحوصات الجامعية والثانوية، لكن الزوج رفض بشدة متعللاً بارتباطه مع أصحابه بمشاهدة مباريات المونديال معا كونها فرصة لا تتكرر إلا مرة كل أربع سنوات، وأمام تعنت الزوج اضطرت الزوجة للجوء الى أهلها واصطحاب الولدين والذهاب إلى البحر تاركة زوجها وحيداً متوعدة بلهجة قاسية (خلي المباريات تنفعك)..