في كل صباح من أيام صيفنا القائظ كثيرا ما أتساءل: لماذا نذهب إلى أعمالنا صباحا عند تجاوز درجة الحرارة 40 درجة مئوية، ونعود منها عندما تقارب درجة الحرارة 50 درجة؟ هل أعيتنا الحيلة عن كيفية التعامل مع صيفنا؟ وكيف كان أجدادنا يتكيفون مع الحرارة الشديدة؟ منذ قرون طويلة وأهل الجزيرة العربية يباشرون أعمالهم صيفا بعد صلاة الفجر وحتى صلاة الظهر ويرتاحون بعدها إلى صلاة العصر، وفي هذه الفترة تتوقف حركة الناس كليا في المدن والقرى والمزارع لحماية أجسامهم من لهيب الصيف وخوفا من ضربات الشمس التي لم تعرف في حينها وفعلا سبقوا العالم في تطبيق التوقيت الصيفي. كان الأميركي بنجامين فرانكلين أول من طرح فكرة التوقيت الصيفي في عام 1784، ولكن لم تبد الفكرة جدية إلا في بداية القرن العشرين، حيث طرحها من جديد البريطاني ويليام ويلت الذي بذل جهودا في ترويجها. انتهت جهوده بمشروع قانون ناقشه البرلمان البريطاني في 1909 ورفضه. وتحققت فكرة التوقيت الصيفي لأول مرة أثناء الحرب العالمية الأولى، حيث أجبرت الظروف البلدان المتقاتلة على وجود وسائل جديدة للحفاظ على الطاقة، وكانت ألمانيا من أوائل البلدان التي أعلنت التوقيت الصيفي، وتبعتها بريطانيا بقليل ويطبق حاليا في 70 دولة. والهدف من زيادة ساعة للتوقيت الرسمي هو تبكير أوقات العمل والفعاليات العامة الأخرى لتوفير الطاقة أثناء ساعات النهار بدلا من ساعات الليل. وفي عالمنا المعاصر تلجأ بعض الدول لخفض ساعات العمل الرسمية أثناء الصيف لأسباب مختلفة كما في تونس أثناء شهر يوليو وأغسطس ينخفض دوام موظفي القطاع العام إلى النصف لإعطاء العاملين فرصة للعمل في قطاع السياحة بعد الظهر. وحيث إننا من أحوج الدول لتطبيق التوقيت الصيفي فلا أدري لماذا الخوف من خوض التجربة طالما أنها ناجحة في 70 دولة، وقد يكون الحل في تطبيق التوقيت الصيفي مع تخفيض ساعة في دوام القطاع العام، بحيث ينتهي عند صلاة الظهر. ولنا أن نتخيل العائد الاقتصادي من الحجم الهائل للطاقة الكهربائية التي سوف يتم توفيرها أثناء أوقات الذروة، بالإضافة إلى العوائد الاجتماعية المصاحبة لذلك في تغيير نمط حياة المجتمع اليومية، بحيث تكون فترة الظهيرة للراحة والهدوء وتوقف الحركة المرورية، وفترة ما بعد العصر لمزاولة الأعمال مرة أخرى، والنوم مبكرا استعدادا ليوم جديد.