بينما تواصل أوكرانيا تطوير أدواتها العسكرية المنخفضة التكلفة، لمواجهة الهجمات الروسية، هزّ انفجار سيارة مفخخة العاصمة الروسية «موسكو»، في حادثة اغتيال جديدة طالت أحد كبار قادة الجيش الروسي، ما يعكس تصاعدًا نوعيًا في مسار الحرب الدائرة منذ قرابة أربع سنوات. طائرات أوكرانية في ظل الهجمات الليلية المتكررة التي تستهدف المدن الأوكرانية والبنية التحتية للطاقة، لجأت كييف إلى إعادة ابتكار منظومات دفاعها الجوي عبر تطوير طائرات اعتراضية مسيّرة منخفضة التكلفة ومرتفعة الكفاءة. وتُعد طائرة «ستينغ»، وهي طائرة محلية الصنع تشبه الترمس الطائر، من أبرز هذه النماذج، إذ صُممت خصيصًا لاعتراض الطائرات الانتحارية الروسية التي باتت تحلق بسرعات أعلى وعلى ارتفاعات أكبر. وقال قائد وحدة أوكرانية متخصصة في مطاردة الطائرات المسيّرة، عُرف باسم «لوي»، إن كل طائرة يتم إسقاطها تعني حماية مباشرة للمنازل ومحطات الطاقة، مضيفًا أن وتيرة الهجمات الروسية تفرض حالة استنفار دائمة. الإنتاج الضخم خلال عام 2025، انتقلت الطائرات الاعتراضية الأوكرانية من مرحلة التجريب إلى الإنتاج الواسع النطاق خلال أشهر قليلة، في تحول يعكس سرعة التكيف مع متطلبات الحرب الحديثة. ويعتمد هذا النهج الدفاعي على الدمج بين الإنتاج الكمي السريع والتكنولوجيا المنخفضة التكلفة، بدلًا من الاعتماد الحصري على منظومات دفاعية باهظة الثمن وبطيئة التعويض. وتُنتج شركات ناشئة، مثل «وايلد هورنتس» و«جنرال تشيري»، نماذج متطورة مثل «ستينغ» و«بوليت»، تُقاد عن بُعد بواسطة مشغلين يستخدمون شاشات تحكم أو نظارات رؤية من منظور الشخص الأول. معادلة التكلفة يرى مطورو هذه الطائرات أن الأثر الاقتصادي لا يقل أهمية عن الأثر العسكري، إذ تتراوح تكلفة الطائرات الروسية التي يتم إسقاطها بين عشرة آلاف وثلاثمئة ألف دولار، مقابل طائرات اعتراضية لا تتجاوز كلفتها ألف دولار. ويقول خبراء دفاعيون إن هذه الطائرات باتت عنصرًا محوريًا في أنظمة مكافحة الطائرات المسيّرة الحديثة، لما توفره من قدرة على تغطية مساحات أوسع بكلفة أقل، مع تأكيد أنها لا تمثل حلًا سحريًا بمعزل عن أنظمة الرصد والقيادة البشرية. اغتيال الجنرال بالتوازي مع التطور العسكري الأوكراني، قُتل الفريق فانيل سارفاروف، رئيس مديرية التدريب العملياتي في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، إثر انفجار سيارة مفخخة في موسكو. وأعلنت لجنة التحقيق الروسية أن سارفاروف توفي متأثرًا بجراحه، مشيرة إلى أن أحد خطوط التحقيق يتمثل في احتمال ضلوع أجهزة الاستخبارات الأوكرانية في العملية. إستراتيجية الضغط يُعد مقتل سارفاروف ثالث عملية اغتيال تطول ضابطًا عسكريًا روسيًا رفيع المستوى خلال عام واحد، في سياق سلسلة هجمات مماثلة اتهمت موسكوأوكرانيا بالوقوف خلفها. وسبق أن قُتل الفريق إيجور كيريلوف بانفجار عبوة ناسفة. كما لقي الفريق ياروسلاف موسكاليك حتفه في حادثة مشابهة قرب موسكو، في عمليات قالت كييف ضمنيًا إنها تندرج ضمن مسار «تحقيق العدالة». وتعكس هذه العمليات سعي أوكرانيا إلى موازنة تفوق الجيش الروسي عبر ضربات نوعية وغير تقليدية. أفق التصعيد يتوقع مخططو الدفاع في أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي «ناتو» تصاعد إنتاج الطائرات المسيّرة لدى طرفي النزاع خلال عام 2026، بالتوازي مع مشاريع أوروبية لإنشاء نظام دفاع جوي متعدد الطبقات، يُعرف باسم «جدار الطائرات المسيّرة». كما تستعد الشركات الأوكرانية لتوسيع تعاونها مع شركات أمريكية وأوروبية، بما يدمج الخبرة الميدانية الأوكرانية مع القدرات الصناعية الغربية. تحول نوعي يشير تزامن تطوير الطائرات الاعتراضية الأوكرانية مع تصاعد عمليات الاغتيال داخل روسيا إلى انتقال الصراع إلى مرحلة أكثر تعقيدًا، تتداخل فيها الجبهات العسكرية المباشرة مع أدوات الحرب غير التقليدية. فبينما تسعى كييف إلى تحييد التفوق الجوي الروسي عبر حلول تقنية منخفضة الكلفة، تعمل في الوقت نفسه على إرباك القيادة العسكرية الروسية من خلال ضربات دقيقة، تستهدف شخصيات ومواقع ذات رمزية عملياتية. تحديات أمنية في المقابل، تضع هذه التطورات الأجهزة الأمنية الروسية أمام اختبارات متكررة، سواء على صعيد حماية العمق الداخلي أو فيما يتعلق بالقدرة على منع الاختراقات الاستخباراتية. وتأتي هذه التحديات في وقت تؤكد فيه موسكو تمسكها بأهدافها العسكرية في أوكرانيا، وسط اتهامات متبادلة بتوسيع رقعة الصراع خارج ساحات القتال التقليدية، ما ينذر بمرحلة أكثر تقلبًا في مسار الحرب الطائرات الأوكرانية • طائرات اعتراضية مسيّرة منخفضة التكلفة • إنتاج محلي سريع وقابل للتوسع • قدرة عالية على مواجهة طائرات «شاهد» الروسية • تغيير معادلة الكلفة في الدفاع الجوي • اعتماد متزايد على الأتمتة والذكاء الاصطناعي