محمد بن عبدالرحمن يشيد بالعفو والصفح عند المقدرة    1214 مصنعا سعوديا تعزز منظومة الأمن الغذائي    تداول يتراجع ويغلق عند 11644 نقطة    اعتدال أسعار الغاز الطبيعي عالميا    الذهب يرتفع.. وتوقعات بخفض أسعار الفائدة    تمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة    استعراض مشروعات جزيرة دارين وتاروت أمام سعود بن بندر    غزة: استئناف إدخال المساعدات ووفود دولية لمتابعة وقف إطلاق النار    نائب وزير الخارجية يصل إلى جمهورية غانا في زيارة رسمية    رئيس جمهورية غانا يستقبل نائب وزير الخارجية    وزير الخارجية يستعرض مع الأمين العام للأمم المتحدة مسارات التعاون    فيصل بن خالد: الممارسات التطوعية دعم للمنظومة الصحية وإنقاذ للأرواح    أمير القصيم يدشن مشروعي "التاريخ الشفوي" و"تاريخنا قصة"    سردية الوعي وبناء الذاكرة الوطنية    الوقت في المدن الكبرى: السباق مع الزمن    «خيرية القطيف» تشارك الأمل ب«التبكيرة خيرة»    الهلال والسد في قمة الزعماء    سماء المملكة تشهد ذروة زخة شهب «الجباريات»    أبها يواجه خطر الوحدة    خطر بطاريات ألعاب الأطفال    زيلينسكي: اقتربنا من نهاية الحرب    خامنئي لترمب: تدمير البرنامج النووي الإيراني وهم    منتدى الأفلام السعودي.. نحو العالمية    عندما يتكلم غير المختص في غير مجاله    هياط المناسبات الاجتماعية    6 مخاطر للذكاء الاصطناعي في الحروب    مبادرات وطنية لكبار السن    أمين منطقة جازان يتفقد المشاريع والخدمات البلدية في محافظة أبو عريش    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان على غزة إلى أكثر من 68 ألف شهيد    منصة "مُعين" الرقمية تشهد أكثر من 23 مليون زيارة و1.3 مليون جلسة قضائية رقمية    "إثراء" يطلق "موسم الشتاء" بأكثر من 130 برنامجًا ثقافيًا    «التعاون الإسلامي» تُرحّب باتفاق وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان    جمعية شفيعًا تنظم رحلة تكريمية لطلاب الحلقات الحافظين لكتاب الله من ذوي الإعاقة للمدينة المنورة ومكة المكرمة    تخصصي الملك فهد بالدمام يطلق مؤتمر "الابتكارات المتقدمة في الطب المخبري"    سيرة من ذاكرة جازان    تلوث الهواء يبطئ نمو دماغ الأطفال حديثي الولادة    تكريم الكلية التقنية للبنات بشرورة لمشاركتها في اليوم الوطني 95    جمعية رعاية الأيتام بنجران تواصل ‏برامجها ‏التوعوية    نائب أمير مكة يترأس اجتماع محافظي المنطقة لمتابعة مشاريع التنمية وتحقيق مستهدفات رؤية 2030    جذب استثمارات هندية في الصناعات المتقدمة    المنتخب السعودي.. من «منتخب النتائج» إلى «منتخب المنهج»    «كينونيس» يقود القادسية لعبور نيوم واستعادة وصافة روشن    القادسية يعبر نيوم بثلاثية ويستعيد وصافة" روشن"    شراكة مع الخزانة الأمريكية وصندوق أوبك لإعادة البناء.. سوريا تعزز التعاون مع واشنطن والمجتمع الدولي    حين تسرق الثمرة.. ويبقى الجذر صامداً    دعوة إلى استعادة نعمة الملل في زمن الضجيج    العليمي: الانتهاكات تهدد الإغاثة وتعمّق معاناة اليمنيين.. الحوثيون يقتحمون مجمعاً أممياً بصنعاء مجدداً    الجيش السوداني يتصدى لمسيرات الدعم السريع بكادوقلي    نائب أمير نجران يُدشِّن أسبوع مكافحة العدوى    بهدف تعزيز الشفافية والحوكمة في جمع التبرعات.. لائحة جديدة لتنظيم إنشاء وتمويل الأوقاف    ولي العهد يعزّي رئيس وزراء اليابان في وفاة توميتشي موراياما    ولي العهد يعزي رئيس وزراء اليابان في وفاة توميتشي موراياما    «المساحة» : زلزال الخليج العربي بعيد عن أراضي السعودية    سعود بن بندر يستقبل مشرف البعثة التعليمية في البحرين ومدير تعليم الشرقية    بطاقة الأولوية لم تعد أولوية !!    أمير الشرقية يكرم مواطنين لإخمادهما حريقا في محل تجاري بالجبيل    نائب أمير جازان يزور الأديب إبراهيم مفتاح للاطمئنان على صحته    لا مال بعد الموت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يوقف العبث بالحضارات
نشر في الوطن يوم 13 - 10 - 2025

من جنوب الجزيرة العربية، من منبعٍ مهمٍّ للحضارات، تصعد اليوم صرخة التاريخ: من يوقف العبث بالآثار؟.
ففي أرضٍ أنجبت سبأ، ومعين، وقتبان، وأوسان، وحِمير، وفي مدنٍ كانت من أوائل أبجديات المجد الإنساني، من مأرب إلى صنعاء، ظهرت جماعة الحوثي العبثية لتقلب الموازين، وتعبث بميراثٍ حضاري هو من أهم ما تملكه الأمة العربية من آثارٍ ضاربةٍ في القِدم.
منذ أن وضعت هذه الجماعة يدها على السلطة في صنعاء، وهي تمارس تصرفاتٍ صبيانيةً غير محسوبة، تُشعل الحرائق السياسية، وتستفزّ دولًا أعظم منها شأنًا وقوة، ثم تختبئ خلف المدنيين والمواقع الأثرية كدرعٍ للجبن والخداع، يرمون صاروخًا عشوائيًا هنا أو هناك من باب الاستعراض الصبياني -حتى على سفن أمريكا وإسرائيل، التي لا تربطهم بهما أي حدودٍ سياسية- فيأتي الردّ عنيفًا، مزلزلًا، فيقع الخراب لا على رؤوسهم وحدهم، بل على المدن العريقة التي تحمل ذاكرة آلاف السنين من الحضارة والإنسانية.
إنها مغامرات مراهقةٍ سياسية، لا يدرك أصحابها أن كل حجرٍ في صنعاء أو مأرب أو ذمار أو شبام هو شاهدٌ على عظمة أممٍ سبقتهم بقرون، وأنهم اليوم يهدمون بأيديهم ما لم تتجرأ حروب العصور القديمة أن تمسَّه بسوء.
لقد أصبحت صنعاء، درة الجنوب العربي ومتحف التاريخ الحي، هدفًا مباشرًا للدمار بفعل تهوّر جماعةٍ لا تفهم معنى الإرث، ولا تقدّر قيمة المكان. فالمواقع الأثرية التي كانت تُدرَّس في كتب التاريخ وتُزار من البعثات العلمية والأثرية، باتت اليوم تُستخدم كمخازن سلاح ومواقع إطلاق للصواريخ ومخابئ للجبناء، لتُقصف بعد ذلك فتتحول إلى ركام، وتُدفن تحتها حضارة من أهم حضارات العرب الأولى.
ولم يتوقف العبث عند القصف، بل امتدّ إلى النهب المنظّم للآثار القديمة، التي سُرقت من المتاحف والمخازن، وبيعت في مزاداتٍ عالمية، لتُعرض قطع سبأ وحِمير ومعين وقتبان في عواصم بعيدة، بينما تبكي أرض الجنوب العربي على هويتها الممزقة.
وهنا يعتصر القلب ألمًا وحسرةً حين نرى هذا الإرث الحضاري العظيم يُدمَّر أمام أعين العالم، وتُنهب كنوزه، ويُتاجر بها في المزادات العلنية والسوق السوداء، وكأن جزءًا من التاريخ العربي يُباع قطعةً قطعةً لمن يدفع أكثر، في مشهدٍ مؤلمٍ يندى له جبين الإنسانية.
يا للعجب!
كيف تغيب الحكمة عن قومٍ كانت أرضهم أرض البنيان والعمران؟، وكيف يُستبدل مجد التاريخ بجهل الحاضر؟.
إن العبث الحوثي لم يدمّر فقط حجارةً ومعابد، بل دمّر صورة الإنسان العربي الأول، في الجنوب الذي صدّر الحضارة والعقل والتجارة إلى كل الدنيا.
إن العالمَ مطالبٌ اليوم بأن ينهض لحماية هذه البقعة الحضارية المهمة، لا من عدوٍّ خارجيٍّ فحسب، بل من جهلٍ داخليٍّ يلتهم ماضي الأمة وحاضرها.. فكل قذيفةٍ تسقط في صنعاء ليست مجرد انفجار، بل طعنةٌ في قلب الحضارة العربية.
من يوقف العبث؟
من يوقف هذا السقوط في مستنقع الجهل.. من يرفع راية الوعي في وجه عصابةٍ جعلت من أرض الحضارة ملعبًا للحماقة؟.
إن الجنوب العربي، منبعُ حضارةٍ يستحق أن يُنقذ من عبث الجهل، وأن يُعاد إليه صوته القديم، صوت سبأ التي علّمت الناس معنى المجد، لا معنى الخراب، ومعنى البناء لا معنى الهدم، ومعنى الأصالة لا معنى الحماقة.
اللهم احفظ بلدنا من كل مكروه، وبلادَ إخوتنا العرب والمسلمين كافة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.