مع اتساع سوق الشقق المفروشة والفنادق في مختلف المدن، أصبح هذا القطاع أحد أبرز أركان السياحة والإيواء، ورافدا اقتصاديا مهما يستقطب الزوار من الداخل والخارج. غير أن هذه الأهمية تصطدم أحيانا بظاهرة سلبية متزايدة، تتمثل في العبث المتعمد أو غير المتعمد من بعض المستأجرين الذين يخلّفون وراءهم أضرارا متفاوتة، تبدأ بخدوش في الأثاث، وتنتهي بخسائر جسيمة في الأجهزة والمرافق. وعلى الرغم من أن هذه السلوكيات تصدر من قلة من النزلاء، فإن أثرها يتجاوز حجمها، إذ يتحمل المستثمرون وأصحاب العقارات تكاليف الإصلاح والاستبدال، ما ينعكس بدوره على مستوى الخدمة والأسعار، ويؤثر على سمعة هذا القطاع الذي يسعى إلى تقديم تجربة مريحة وآمنة للنزلاء، فكثيرا ما يجد المالك نفسه مضطرا لتعويض الخسائر برفع الأسعار على بقية المستأجرين، أو خفض مستوى التجهيزات، للحفاظ على التوازن، وهو ما يضر بالسوق، ويفقده جزءا من جاذبيته. من هنا تبرز الحاجة إلى فرض تأمين إلزامي على المستأجرين، وهو إجراء معمول به في العديد من الدول، ويُنظر إليه كآلية عادلة تضمن حقوق جميع الأطراف، فالتأمين ليس عقوبة ولا عبئا إضافيا، بل ضمان يردع المستهترين ويحمي الممتلكات من العبث، ويعزز في الوقت نفسه شعور المستأجر بالمسؤولية تجاه المكان الذي يستخدمه، والأهم أن هذا المبلغ يُسترد كاملا عند مغادرة النزيل في حال لم يتسبب في أي أضرار أو مخالفات. قد يظن البعض أن هذا النظام يشكّل تكلفة إضافية، لكن الحقيقة أن غياب التأمين يجعل الجميع يدفعون ثمن تصرفات قلة لا تقدّر قيمة المكان. لذلك، فإن فرض هذا الإجراء يحافظ على استدامة الاستثمارات، ويمنح القطاع قدرة أكبر على تطوير خدماته، ويعزز الثقة بين المؤجر والمستأجر. كما يسهم في ترسيخ ثقافة احترام الممتلكات الخاصة والعامة. إن التأمين على مستأجري الشقق المفروشة والفنادق ليس رفاهية، بل ضرورة ملحّة لصيانة الأثاث والمرافق، وضمان استمرار هذا القطاع الحيوي في أداء دوره الاقتصادي والسياحي بكفاءة، بعيدا عن الخسائر المتكررة التي تخلفها السلوكيات العابثة، وهو إجراء بسيط في مظهره، لكنه عميق في أثره، يضمن أن تبقى هذه المرافق بيئة آمنة تحفظ حق الجميع، بعد وضع معايير وتقييمات عادلة وآلية تنفيذ مرنة من قِبل وزارة السياحة.