مع دخول الهجوم البري الإسرائيلي على مدينة غزة يومه الأول وسط قصف مكثف ونزوح جماعي للسكان، وجدت إسرائيل نفسها في مواجهة تصاعد الغضب الدولي بعد تقرير أممي اتهمها بارتكاب "أعمال إبادة جماعية" ضد الفلسطينيين. فبينما أكد وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس أن "غزة تحترق"، مشيراً إلى شدة العمليات العسكرية، تحدثت الأممالمتحدة عن "نية مبيتة للتدمير" تمثلت في القتل والحصار ومنع المساعدات، مما وضع الحرب في غزة في قلب معركة ميدانية وسياسية وقانونية على الساحة الدولية. معارك ميدانية وأكد مسؤول عسكري إسرائيلي أن "المرحلة الرئيسية" من العملية انطلقت مع تقدم القوات من أطراف غزة نحو مركزها، مشيرًا إلى أن ما بين 2000 و3000 مقاتل من حماس ما زالوا في المدينة. ويقول الجيش إن قدرات الحركة تراجعت بعد عامين من الحرب، لكنها ما تزال تنفذ هجمات مباغتة عبر الأنفاق والعبوات الناسفة. في المقابل، أفادت وزارة الصحة في غزة بمقتل 69 شخصًا على الأقل في المدينة خلال يوم واحد فقط، بينهم 22 طفلًا، إضافة إلى عشرات الجرحى الذين استقبلتهم مستشفيات الشفاء والأهلي والقدس. ووصف مدير مستشفى الشفاء محمد أبو سلمية الليلة الماضية بأنها "الأصعب منذ بداية الحرب". اتهامات بالإبادة وجاء الهجوم بالتزامن مع تقرير لخبراء مستقلين كلفهم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، اتهم إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في غزة. ورُفض التقرير من قبل الحكومة الإسرائيلية التي وصفته بأنه "محرّف وكاذب". لكن المشاهد الواردة من المستشفيات والمناطق المدمرة عززت الانتقادات الدولية، وسط دعوات لوقف إطلاق النار. إبادة جماعية وخلصت لجنة التحقيق التابعة لمجلس حقوق الإنسان في الأممالمتحدة إلى أن إسرائيل ارتكبت "أعمال إبادة جماعية" في غزة، مستندةً إلى أربعة من المعايير الخمسة لاتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948. وأكدت اللجنة أن السلطات الإسرائيلية، بما في ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس إسحاق هرتسوغ ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، تتحمل المسؤولية عن "جرائم فظيعة" استهدفت الفلسطينيين، شملت القتل الجماعي، إلحاق أذى جسدي ونفسي خطير، فرض ظروف معيشية مدمرة، ومنع المواليد. التقرير، الذي ترأسته نافي بيلاي المفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان، شدد على أن "نية التدمير" واضحة في السياسات المعلنة والأفعال الميدانية، مثل الحصار الشامل، منع المساعدات، واستهداف نظام الرعاية الصحية والأطفال. رفض الاتهامات ورفضت إسرائيل النتائج ووصفتها بأنها "افتراء دموي" و"تقرير مشوه وكاذب"، متهمة أعضاء اللجنة بالتحيز والعمل لصالح حركة حماس. في المقابل، دعت اللجنة الدول إلى وقف نقل السلاح إلى إسرائيل ومنع أي مساهمات في الإبادة الجماعية، معتبرةً الصمت الدولي "تواطؤاً". وأشارت إلى أن محكمة العدل الدولية تنظر في قضية إبادة جماعية رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، فيما انضمت دول أخرى مثل إسبانيا والمكسيك وليبيا إلى الدعوى. وبينما يرى خبراء أن إصدار حكم رسمي قد يستغرق سنوات، تواصل الحرب حصد آلاف الأرواح في غزة. ضغوط داخلية وفي إسرائيل، تواصلت احتجاجات عائلات الرهائن المحتجزين في غزة أمام منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مطالبين بوقف العملية العسكرية حفاظًا على حياة أبنائهم. ونصبت بعض العائلات خيامًا تعبيرًا عن غضبها، فيما صرخت عيناف زانجاوكر، والدة أحد الرهائن، بأن الحكومة "تضحي بأرواح المحتجزين لتحقيق مكاسب سياسية". وتعتقد تل أبيب أن نحو عشرين رهينة ما زالوا على قيد الحياة، فيما تؤكد حماس أنها لن تُفرج عنهم إلا مقابل صفقة تشمل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين ووقف إطلاق نار دائم. دور الوساطات وزار وزير الخارجية الأمرؤكي ماركو روبيو إسرائيل وغزة، محذرًا من "نافذة زمنية قصيرة للغاية" للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب. وأكد أن الهدف النهائي هو "تحجيم حماس"، معربًا عن أمله في أن يتم ذلك عبر المفاوضات. القاهرة تغيّر خطابها وفي تحول لافت، وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إسرائيل بأنها "العدو" خلال خطابه في قمة قطر، وهو توصيف غير مسبوق منذ توقيع معاهدة السلام بين البلدين عام 1979. وأكد ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، أن هذا الموقف يعكس حجم الغضب المصري من التطورات في غزة. الخطاب المصري الجديد تصدّر عناوين الصحف المحلية، في مؤشر على محاولة القاهرة إرسال رسالة قوية لإسرائيل بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام التصعيد، رغم أن العلاقات الرسمية لم تشهد بعد أي تغيير عملي. اتساع المأساة ومنذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر2023، أودت العمليات العسكرية بحياة نحو 64.900 فلسطيني، بحسب وزارة الصحة في غزة، نصفهم تقريبًا من النساء والأطفال. ومع استمرار العمليات البرية، تزداد المخاوف من تفاقم الكارثة الإنسانية، بخاصة مع انهيار البنية التحتية الصحية ونقص الإمدادات. وفيما تصف إسرائيل عمليتها بأنها تستهدف "البنية التحتية العسكرية لحماس"، يواجه المدنيون الفلسطينيون أثمانًا بشرية باهظة، لتظل صورة "غزة تحترق" العنوان الأبرز في مشهد الحرب الراهنة. • لجنة أممية: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة. • التقرير: إسرائيل استوفت 4 من 5 معايير اتفاقية الإبادة الجماعية. • تحميل المسؤولية لنتنياهو وهرتسوغ وغالانت. • إسرائيل ترفض وتصف التقرير ب"المشوه والكاذب". • الدعوة لوقف تصدير السلاح إلى إسرائيل. • محكمة العدل الدولية تنظر في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل.