خطة «احتلال غزة» تشهد خلافات غير مسبوقة بين المستويين السياسي والعسكري واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي الليلة الماضية جرائمه في قطاع غزة، عبر سلسلة من الغارات الدموية وتفجير روبوتات مفخخة، ما أسفر عن ارتقاء شهداء وسقوط ضحايا وتدمير واسع في عدد من المناطق. فقد استشهد طفل في قصف استهدف بناية سكنية بشارع الثلاثيني في حي الصبرة جنوب مدينة غزة، فيما أفادت مصادر محلية بارتقاء شهيد آخر برصاص قوات الاحتلال قرب محور «نتساريم» وسط القطاع. وقد فجّر الاحتلال روبوتات مفخخة في جباليا البلد شمال غزة، ما أدى إلى انبعاث غازات وروائح خانقة تسببت بحرقة في الأنف وضيق في التنفس، ما دفع الجهات الطبية إلى إصدار تحذيرات عاجلة لسكان أحياء الشيخ رضوان والجلاء وجباليا النزلة بضرورة استخدام كمامات مبللة بالماء للتخفيف من أثر هذه المواد السامة. كما شنّ الطيران الحربي للاحتلال غارات متفرقة استهدفت الأحياء الجنوبية لحي الصبرة بمدينة غزة، وغرب خانيونس، إضافة إلى غارة أخرى جنوب مخيم المغازي وسط القطاع، فيما أقدم جيش الاحتلال على نسف عدد من المنازل السكنية في الحي السعودي غرب رفح، مخلّفًا دمارًا شاملاً وتهجيرًا قسريًا للأهالي. ولم تسلم مدينة غزة من قصف عنيف استهدف أحياءها بشكل متكرر. المأساة أن أخبار القتل والقصف والتهجير والتجويع باتت تتكرر منذ ما يقارب العامين، لتجعل من غزة معجزة ذبيحة: فهي لم تمت بمعجزة، وفي الوقت ذاته ذُبحت بكل أدوات القتل والإجرام، على مرأى ومسمع من العالم. من جانب آخر، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن مقتل ضابط برتبة ملازم بانفجار عبوة ناسفة خلال ما وصفه ب «حادث عملياتي» داخل القطاع. كما نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر أمني أن احتلال مدينة غزة سيبدأ بعد استكمال تطويقها خلال شهرين تقريبًا. وبحسب تقديرات أمنية نقلتها صحيفة «معاريف» العبرية، فإن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لا يخطط لوقف عملية «مركبات جدعون 2»، إذ يرى أن استمرار الحرب حتى نهايتها شرط أساسي لبقاء حكومته متماسكة. في المقابل، دعا رئيس حزب «كحول لافان»، بيني غانتس، إلى تشكيل ما وصفه ب»حكومة من دون متطرفين» تضم نتنياهو ورئيس المعارضة يائير لابيد، ورئيس حزب «يسرائيل بيتنو» أفيغدور ليبرمان، على أن يكون هدفها الأول الإفراج عن الرهائن وإنهاء الحرب. المطالبة بوقف المجاعة أكدت الحكومة الفلسطينية، وغرفة العمليات الحكومية للتدخلات الطارئة في المحافظاتالجنوبية أمس، أن ما ورد في تقرير لجنة مراجعة المجاعة (FRC) التابعة للأمم المتحدة بشأن دخول محافظة غزة رسميا مرحلة المجاعة الكاملة -المرحلة الخامسة وفق تصنيف (IPC)- يعكس حجم الكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي يعيشها أهلنا في قطاع غزة. ويأتي هذا البيان تأكيدا لما أعلنه رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى بتاريخ 7 /5 /2025، حين أعلن في مؤتمر صحفي بمشاركة كافة الشركاء من المنظمات الأممية والدولية وممثلي المجتمع المدني والقطاع الخاص، أن قطاع غزة دخل فعليا في مرحلة المجاعة نتيجة الحصار الإسرائيلي المستمر، ومنع إدخال الغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية. وقالت الحكومة إن ما يواجهه الشعب الفلسطيني اليوم، وخصوصًا الأطفال وكبار السن، هو نتيجة مباشرة لسياسة ممنهجة اتبعتها قوات الاحتلال على مدار أكثر من 600 يومًا من الحصار الخانق، حيث تم استخدام التجويع كسلاح حرب لإبادة المدنيين، وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة، عبر إغلاق المعابر وتشديد القيود على المياه والصرف الصحي، فضلا عن عسكرة المساعدات الإنسانية وتحويلها إلى أدوات ضغط وموت جماعي. وحذرت الحكومة، وغرفة العمليات الحكومية من الانتشار السريع للجوع القاتل وسوء التغذية في كافة محافظات القطاع، ودعت المجتمع الدولي وأحرار العالم إلى تحرّك عاجل لوقف سياسة التجويع والإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، والضغط على إسرائيل لفتح جميع المعابر وضمان ممرات إنسانية آمنة لإدخال كميات كافية من الغذاء والدواء والإغاثة. وطالبت الحكومة، مجلس الأمن الدولي، والنقابات، والبرلمانات، ومنظمات المجتمع المدني حول العالم، بممارسة أقصى درجات الضغط على حكوماتهم لوقف دعم الاحتلال وفرض إجراءات عقابية حقيقية عليه. وأكدت الحكومة على ضرورة وحدة الموقف والتحركات الجماعية من أجل إنقاذ ما تبقى من حياة في قطاع غزة، ورفع الصوت عاليًا لوقف حرب الإبادة والتجويع بحق شعبنا الصامد. من جهتها قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية إن تواصل حراكها السياسي والدبلوماسي والقانوني الدولي، لحشد أوسع جبهة دولية ضاغطة لوقف جرائم الإبادة والتهجير والضم، وتقوم بالبناء على الإعلان الأممي بوجود مجاعة حقيقية في قطاع غزة لحث الدول والمجتمع الدولي على تحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية لوضع حد لها. وأكدت الخارجية أن المجاعة في القطاع ليست طبيعية أو ناتجة عن شح الإمكانيات، بل هي سياسة إسرائيلية متعمدة تندرج في إطار ارتكاب جريمة استخدام التجويع كسلاح في الحرب، مشددة على أن الفشل الدولي في وقف المجاعة فورا يضرب المنظومة الأخلاقية للدول والمجتمع الدولي، خاصة في ظل توفر القناعة لدى المنظمات الأممية المختصة ومطالبها بضرورة عدم إخضاع حسابات الإنسانية لحسابات السياسة والمصالح. وحذرت الخارجية، من المخاطر المترتبة على إعادة احتلال مدينة غزة ونتائجه الكارثية في تعميق الإبادة والمجاعة واتساعها لتشمل انهيار مرتكزات الحياة لأكثر من 2 مليون مدني فلسطيني في القطاع، متسائلة «ماذا يريد المجتمع الدولي أكثر من الإعلان الأممي بحقيقة ارتكاب إسرائيل للمجاعة حتى ينتصر لما تبقى من مصداقية لمبادئه وقوانينه ومؤسساته؟» وطالبت الوزارة بإجراءات دولية حازمة وترتيبات عملية ملزمة لإنقاذ الحياة في قطاع غزة والتحلي بالجرأة اللازمة لمواجهة الاستخفاف الإسرائيلي بالإجماع الدولي الحاصل على وقف الإبادة والتهجير والتجويع والضم، مؤكدة أن وقف تلك الجرائم هي مسؤولية دولية بامتياز. أجواء مشحونة وخلافات إسرائيلية كشفت قناة 12 العبرية عن أجواء مشحونة رافقت اجتماعًا أمنيًا مصغّرًا عُقد الأسبوع الماضي، ضم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ورئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير، وعددًا من كبار المسؤولين الأمنيين ورؤساء أحزاب الائتلاف، لمناقشة خطة اجتياح مدينة غزة. الاجتماع، الذي وصفته القناة العبرية بأنه من أكثر اللقاءات حساسية في الأسابيع الأخيرة، شهد خلافات غير مسبوقة بين المستوى السياسي والعسكري. وبحسب القناة، اندلع سجال حاد بين رئيس الأركان ووزير المالية في حكومة الاحتلال بتسلئيل سموتريتش، وصل إلى تبادل الاتهامات المباشرة بشأن طبيعة العملية العسكرية. زامير أوضح أن الجيش لا يستطيع تحديد إطار زمني لعملية إخلاء سكان غزة، مؤكدًا أن حجم التعاون من السكان غير معروف، وأن الوسائل التي ستُستخدم قد تتغير، الأمر الذي أثار غضب سموتريتش. الأخير هاجم المؤسسة العسكرية قائلاً: «نريد عملية قصيرة، حاصرهم، ومن يرفض المغادرة لا يحصل على ماء أو كهرباء، فليمُت جوعًا أو ليخضع». وسرعان ما دعم موقفه وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بسؤال ساخر: «مم تخافون؟ من المستشارة القضائية للجيش؟». رئيس أركان جيش الاحتلال دافع بشدة عن موقفه، مشيرًا إلى أن القتال لا يقتصر على غزة وحدها بل يمتد إلى خانيونس ورفح، وأن أي عملية تحتاج وقتًا أطول مما يتصوره المستوى السياسي. لكن سموتريتش اتهمه صراحة بعدم الرغبة في الحسم، فردّ زامير بصوت مرتفع: «أنت لا تفهم شيئًا، لا تعرف ما هو لواء ولا كتيبة، هذه عملية معقدة تستغرق وقتًا». اللافت أن نتنياهو ووزير الحرب يسرائيل كاتس التزما الصمت، فيما ركز نتنياهو ومعه وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر على البعد الدبلوماسي، مشيرين إلى أن الغطاء الأميركي، خاصة من الرئيس السابق دونالد ترمب، يتيح هامشًا للعملية لكنه لا يمنح وقتًا مفتوحًا. وأوضح نتنياهو وديرمر أن «عملية تستمر نصف عام غير مطروحة على الطاولة، ترمب يريد حسمًا سريعًا ولا يرغب في حرب طويلة»، وهو ما يعكس ضغوطًا أميركية إضافية على قيادة الاحتلال للإسراع بإنجاز العملية. وفي تطور لاحق، صرّح وزير الحرب الإسرائيلي بأن تسريب تفاصيل من هذه الاجتماعات الأمنية يعرّض أمن «إسرائيل» للخطر، ويمنح صورة مشوهة عن طبيعة العمليات الجارية في غزة. تظاهرات أقارب أسرى إسرائيليين تظاهر ناشطون وأقارب أسرى إسرائيليين في قطاع غزة، صباح أمس، أمام منازل عدد من الوزراء وأعضاء الكنيست في إسرائيل، احتجاجًا على ما وصفوه ب»التماطل» في بلورة الرد الإسرائيلي على مقترح الوسطاء لصفقة تبادل أسرى. وجرت المظاهرات قرب منازل رئيس الكنيست، أمير أوحانا في تل أبيب، ووزير الشؤون الإستراتيجية، رون ديرمر في القدس، ووزير الأمن، يسرائيل كاتس، في كفار أحيم، ووزير التعليم، يوآف كيش، في هود هشارون، ووزير الزراعة، آفي ديختر، في عسقلان. ونقلت صحيفة «هآرتس» العبرية عن قريب أحد الأسرى الذي وجّه حديثه إلى كاتس خلال الاحتجاج أمام منزل الأخير: «تحمّل مسؤوليتك، ونفّذ واجبك كإسرائيلي لا كموالي لنتنياهو. قُل: «إلى هنا، ننهي الحرب غير الضرورية، نتجه إلى صفقة، وندفع كل ثمن لازم». واعتبر أن «الولاء لنتنياهو يقودنا فقط إلى الهلاك، إلى مزيد من مقتل الجنود، ومعاناة الأسرى وقتلهم». وأضاف أن على وزير الأمن أن «يعمل فورًا على إطلاق سراح ابنه وبقية الأسرى أو أن يستقيل»، متسائلًا: «كيف تهتم كوزير أمن بإطلاق سراح ابني الذي يقبع منذ نحو 23 شهرًا في أنفاق حماس؟ لديك مسؤولية، قم بها، وإن لم تفعل فلتستقل مع رئيسك نتنياهو». وخاطبت قريبة أحد الأسرى الوزير ديختر أمام منزله بالقول إن لدى العائلة «تسجيلًا مصورًا من شهر أبريل لم يُنشر علنًا»، مضيفة: «الأسير لا يبدو في وضع جيد هناك»، ودعته إلى «الخروج والنظر مباشرة إلى الحقيقة، إلى المعطيات الصادمة التي تتحمل مسؤوليتها». وتساءلت: «أين قيم 'عدم ترك أي أحد خلفنا' و'إنقاذ الأرواح'؟ هذه قيم أساسية تأسست عليها إسرائيل». وقد تطوّر الموقف حين هاجم أحد الناشطين من اليمين المتظاهرين ونعَتهم بعبارات نابية، قائلاً: «لا توجد نفايات أكثر منكم، في الانتخابات المقبلة سيكون لليمين 70 مقعدًا على الأقل». وشاركت ابنة أحد الأسرى الذين قُتلوا واحتُجزت جثته في غزة في مظاهرة أمام منزل وزير الخارجية، غدعون ساعر، وشكرت الحضور بالقول: «أشكركم، حقًا مؤثر أن تأتوا في الصباح الباكر إلى هنا». وأضافت: «أشكر الشرطة التي تعاملنا باحترام – وأتمنى أن تتعلم حكومتنا منها وأن تعاملنا باحترام». والدة أحد الجنود الذين تحتجز جثامينهم في غزة، تظاهرت أمام منزل الوزير ديرمر ووجّهت خطابها لزوجته: «زوجك، رون ديرمر، يرفض مقابلتنا منذ ثمانية أشهر على توليه المنصب. لا يريد لقاء أهالي أسير، جندي ضحّى بنفسه في السابع من أكتوبر. في أي دولة نعيش؟». بالتزامن مع هذه الاحتجاجات، أغلق متظاهرون صباح أمس شارع رقم 1 المؤدي إلى تل أبيب قرب منطقة «شاعر هغاي»، ورفعوا شعارات قالوا فيها: «كفى للعرقلة والأكاذيب! نتنياهو، لا تجرؤ على تدمير الفرصة الأخيرة». وأضافوا: «أبرم الاتفاق وأعد كل الأسرى إلى بيوتهم. ليس لديك تفويض لتوسيع الحرب». تصعيد بالضفة واقتحام للمنازل شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، صباح أمس، حملة مداهمات واعتقالات واسعة في مناطق متفرقة من الضفة الغربيةالمحتلة، رافقها اقتحام للمنازل وتخريب الممتلكات واعتداءات جسدية بحق الفلسطينيين. في نابلس، اعتقلت قوات الاحتلال طالبا في جامعة النجاح الوطنية من حي المعاجين، وشابا آخر من منطقة الجبل الشمالي، إلى جانب شابين آخرين من مخيم بلاطة. وفي طولكرم، داهمت قوات الاحتلال بلدة علار شمال المدينة، واعتقلت طالبا بعد تفتيش منزله وتخريب محتوياته. أما في الخليل، فقد داهمت قوات الاحتلال قرية الطبقة جنوب دورا واعتقلت الشابين من بلدة سعير شرق المحافظة. وفي بلدة إذنا، اعتدى جنود الاحتلال على أحد الفلسطينيين بالضرب المبرح، ما استدعى نقله إلى المستشفى. وفي جنين، اعتقلت قوات الاحتلال شابا من بلدة قباطية، بينما داهمت قوات أخرى منزل عائلة في بيت لحم واعتقلته بعد تفتيشه. من جهة أخرى، اعتدى مستوطنون على مسن ستيني في حلحول شمال الخليل، فيما منع مستوطنون متطرفون عددا من الفلسطينيين من العمل في أراضيهم الزراعية بالأغوار الشمالية، واجبروهم على مغادرتها. كما واصل الاحتلال، تجريف مساحات واسعة من أراضي المواطنين في قرية المغير شمال شرق رام الله، لليوم الرابع على التوالي. وأفادت مصادر محلية، بأن التجريف يجري في مساحات واسعة من الأراضي لصالح شق طريق استعماري جديد، وتواصل آليات الاحتلال أعمال التجريف، واقتلاع أشجار الزيتون في المنطقة. كما تقوم جرافات الاحتلال منذ الخميس الماضي، بشق طريق استعماري من منطقة «الرفيد» صعودا إلى منطقة «قلاصون»، لتغيير معالم القرية، ما تسبب بتخريب آلاف الدونمات ومسحها بالكامل، وتجريف السهل الشرقي للمغير، المحاذي لشارع «ألون» الاستعماري، المزروع معظمه بأشجار زيتون. يذكر بأن قوات الاحتلال اقتحمت المغير وفرضت حصارا على القرية، قبل أن تنسحب فجر امس، مخلفة ورائها اعتداءات على المواطنين، وممتلكاتهم والأراضي الزراعية، واعتقال العشرات. كما تشهد مناطق الأغوار الشمالية تصعيدا متواصلا في اعتداءات المستوطنين، من اعتداءات جسدية على الفلسطينيين إلى سرقة المواشي ومنع الوصول إلى المراعي، ما أدى إلى تهجير قسري لعدد من العائلات خلال الفترة الماضية. ووفق تقرير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، نفذ المستوطنون 466 اعتداء في الضفة الغربية خلال يوليو الماضي، أسفر عن استشهاد 4 فلسطينيين وترحيل قسري لتجمعين بدويين يضمان 50 عائلة، مع محاولات إقامة 15 بؤرة استيطانية جديدة. قصف إسرائيلي متواصل على غزة الاستيطان يبتلع الضفة الغربية