نمر هذه الأيام بأجواء قاسية شديدة في حرارتها، وكم وجدنا من يشتكي من حرارة الجو على الرغم من وجود أجهزة التكييف في كل مكان، ومع ذلك نجد الكثير يتوجع، ولا يستطيع أن يتحمل تقلبات الجو، وهناك من يسافر هربا من ارتفاع درجات الحرارة، وهناك من يلزم المنزل، ولا يخرج إلا نادرا، وعندما تسأله: لماذا؟ يقول لك: الدنيا حر. كل ذلك يحدث في كل عام عندما ترتفع درجات الحرارة، وترتفع معها الشكوى والتذمر، فأخذت اسأل نفسي: ماذا لو عاش هؤلاء المتذمرون قبل 100 عام حيث لا توجد مكيفات ولا مراوح ولا ثلج؟ كيف سيكون حالهم؟ الظاهر سيموتون. وقتها أشفقت على كل من عاش تلك الأيام التي مضت، وكانوا يعيشون في حر شديد وبرد قارس، ومع ذلك لا يشتكون، وكانوا يعيشون ويتحملون كل تقلبات الطقس بروح صابرة وعزم قوي، حتى مصادر المياه لم تكن متوافرة مثل هذا الوقت، وكانوا يعانون المشقة في جلب الماء لبيوتهم المتواضعة، وكان الناموس والحر ينهشان أجسادهم المنهكة، ولم نسمع أنهم كانوا يشتكون أو يتذمرون، حيث وهبهم الله الصبر والكفاح، فكانت أيامهم سعيدة على الرغم من كل الظروف القاسية التي مروا بها، من برد وحر وقلة الموارد، ونحن الآن ننعم بفضل الله، ثم بفضل حكومتنا الرشيدة، برغد العيش، فالكهرباء متوافرة والماء والمكيفات، ومع ذلك تجد البعض ما زال يشتكي ويسخط من واقعه على الرغم من كل ما يتوافر له من إمكانات، فهو في العمل يتمتع بالمكيف البارد، وبالمركبة هناك مكيف، وفي محلات التسوق مكيفات مركزية، ومع ذلك يستمر التذمر. قليل من الصبر هو ما ينقصنا، خاصة أن حرارة الصيف لا تكون إلا شهرين أو ثلاثة، فكيف بالله عليكم سوف نتحمل حرارة يوم القيامة.. نسأل الله اللطف. علينا أن نحمد الله ونشكره، ونتذكر ما كان يعيشه أجدادنا من معاناة لا يتحملها أحد منا لو عاش في زمنهم. وهناك فئة من الناس أترحم لحالهم، وهم فعلا من يعانون الحر.. إنهم عمال المحطات الذين لا توجد لديهم أي غرفة أو مكان يحميهم من الرطوبة أو ارتفاع درجات الحرارة في الوقت الذي تكون فيه المحطة خالية من المركبات، لذلك أتمنى من أصحاب المحطات إنشاء غرفة صغيرة مكيفة داخل المحطة، ليستريح فيها العامل بضع دقائق متى وجد أن المحطة خالية من الزبائن، ويلتقط فيها أنفاسه، وتكون هذه الغرفة مفيدة له أيضا وقت البرد. هؤلاء هم من يجب أن نرفق بهم، ويا ليت من يقرأ حروفي من أصحاب المحطات يبادر إلى سرعة إنشاء هذه الغرفة الصغيرة المكيفة لهولاء العمال المساكين، فهم يستحقون ذلك، وكم كنت أتمنى من أمانات المناطق إلزام أي محطة بإنشاء مثل هذه الغرف كشرط أساسي لإنشاء أي محطة، وإلزام جميع المحطات القديمة والحديثة بذلك، لأن وضع هذه العمالة صعب جدا في الحر والرطوبة والبرد. وفي مثل هذه الأيام الحارة يجب ألا ننسى القطط والطيور التي تعيش معنا، فليبادر الجميع بوضع قليل من الماء وما زاد من الطعام بجانب مساكنهم، لينقذوا هذه المخلوقات من الموت عطشا وجوعا.. إنها حسنات بالمجان، فلا تضيعوها، وارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.