تحول الحزن الليبي الجماعي على مقتل أكثر من 11 ألف شخص إلى صرخة حاشدة من أجل الوحدة الوطنية في بلد يعاني 12 عامًا من الصراع والانقسام. في المقابل، أدت المأساة إلى زيادة الضغوط على كبار السياسيين في البلاد، الذين ينظر إليهم البعض على أنهم مهندسو الكارثة. وقد تم تقسيم الدولة الغنية بالنفط بين إدارات متنافسة منذ 2014، مع حكومة معترف بها دوليا في طرابلس وسلطة منافسة في الشرق، حيث تقع درنة المدينة الأكثر تضررا. وقد فشلت العديد من المبادرات التي تقودها الأممالمتحدة في سد هذه الفجوة. وتدفق الدعم لشعب درنة، وعرض سكان مدينتي بنغازي وطبرق المجاورتين إيواء النازحين. وفي طرابلس، على بُعد نحو 1450 كيلومترا (900 ميل) غربا، قال أحد المستشفيات إنه سيجرى عمليات جراحية مجانية لأي مصاب في الفيضان. تعاون الإدارات عززت الكارثة حالات نادرة من تعاون الإدارات المتعارضة، لمساعدة المتضررين. فحتى 2020، كان الجانبان في حرب شاملة. وقالت كلوديا جازيني، محللة بارزة في شؤون ليبيا بمجموعة الأزمات الدولية: «لقد رأينا بعض القادة العسكريين يصلون من التحالف العسكري المتحالف مع طرابلس إلى درنة، ويُظهرون الدعم». وانضمت مجموعة من رجال غرب طرابلس إلى قافلة من المركبات متجهة إلى درنة، للمساعدة في جهود الإغاثة. وقيل إنه حتى فرقة الكشافة المحلية شاركت. وأكدوا: «الجرح أو الألم الذي حدث في درنة أذى كل الناس من غرب ليبيا إلى جنوب ليبيا وشرقها». توزيع المساعدات كان توزيع المساعدات في المدينة غير منظم إلى حد كبير، مع وصول كميات ضئيلة من الإمدادات إلى المناطق المتضررة من الفيضانات في الأيام التي أعقبت الكارثة. وفي جميع أنحاء البلاد، كشفت الكارثة أيضا أوجه القصور في النظام السياسي الليبي الممزق. وفي حين هرع الشباب والمتطوعين للمساعدة، «كان هناك نوع من الارتباك بين الحكومات في الشرق والغرب» بشأن ما يجب القيام به، كما قال إبراهيم السنويسي، صحفي محلي من العاصمة طرابلس. وألقى آخرون اللوم في انهيار السدود على المسؤولين الحكوميين. وذكر تقرير صادر عن وكالة تدقيق حسابات، تديرها الدولة، في عام 2021 أنه لم تتم صيانة السدين على الرغم من تخصيص أكثر من مليوني دولار لهذا الغرض في 2012 و2013. وقالت نورا الجربي، الصحفية والناشطة التي ولدت في درنة: «كل شخص مسؤول مسؤول. سيكون الطوفان القادم عليهم». تحقيق النيابة وتحت ضغط، قال المدعي العام الليبي الصديق الصور، الجمعة، إن النيابة العامة ستجرى تحقيقا بشأن انهيار السدين، وستحقق مع السلطات في درنة، وكذلك الحكومات السابقة. لكن الزعماء السياسيين في البلاد تهربوا حتى الآن من المسؤولية. وقال رئيس وزراء حكومة طرابلس الليبية، عبدالحميد الدبيبة، إنه ووزراءه مسؤولون عن صيانة السدود، ولكن ليس آلاف الوفيات الناجمة عن الفيضانات. في الوقت نفسه، أكد رئيس إدارة شرق ليبيا، عقيلة صالح، أن الفيضانات كارثة طبيعية لا مثيل لها. وقال في مؤتمر صحفي متلفز: «لا تقولوا: لو فعلنا هذا، ولو فعلنا ذلك. عندما تنتهي عملية الإنقاذ والإنعاش في درنة، ستنتظرنا مهام شاقة أخرى، ولا يزال من غير الواضح كيف ستعيد السلطات الليبية توطين الكثير من سكانها وإعادة البناء!». درنة: 11 سبتمبر انفجر سدان في الجبال فوق درنة. أدى الانفجار إلى تدفق جدار من المياه بارتفاع طابقين إلى داخل المدينة. جرفت أحياء بأكملها إلى البحر. ارتفعت بها حصيلة الضحايا إلى 11.300 قتيل. لا يزال 10.100 آخرين في عداد المفقودين. نزح 30.000 مواطن.