نسمع اليوم بأخبار الحركة السرورية، وكأنها تريد أن تظهر على السطح، يوم أن اختفت أمها الإخوانية، وتجدد سلوكها ومقاصدها، وغاياتها، ولا بد من تعريفها لمن لا يعرفها فأقول: الحركة السرورية : حركة تنتقي من السلفية بعض موروثات العقيدة في الظاهر دون التطبيق، ومن جماعة الإخوان الأشكال التنظيمية في المظهر. وهم يرون أن جماعة الإخوان لا تكترث بالعقيدة، لأن جل الحركة أشاعرة، ولأنها تتساهل مع الفرق الإسلامية الأخرى، وترى السرورية يجعلون العقيدة أساس حركتهم، ولكنهم يصبغونها بالسياسة كشرط لمناهجهم المنحرفة، ويرون أنه لا يكتمل إسلام المرء إلا بما يسمون «الحاكمية»، وأفعالهم تلك لا تتفق مع مناهج سلف الأمة المحمدية، بل هي مخالفة. نشأة هذه الفرقة: نشأت هذه الجماعة أو الفرقة في المملكة العربية السعودية، على يد مدرس كان يعلم في المعاهد العلمية، التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية، واسمه: محمد سرور بن نايف زين العابدين. بدأ دعوته من حائل، ثم انتقل إلى بريدة، ثم انتقل إلى المنطقة الشرقية، ولما علمت الحكومة بنشاطاته الحركية أنذرته وحذرته، فذهب إلى الكويت ليجد فيها ملاذا آمنا لطريقته، فلم يجد ما يصبو إليه كما يريد، فسافر منها إلى بريطانيا وفيها وجد ضالته، فأسس مجلة «السُّنة» كسلم يصعد منه إلى قلوب الناس الذين لا يعلمون نواياه، ولا يدركون مآربه ومقاصده. مؤسس الحركة: وبعد التعريف بالحركة، فيجب أن أبين مؤسسها والتعريف بذلك المعلم، ليعلم الناس سيرته وغايته، فبعد أن بينت اسمه فأقول: وُلد محمد سرور زين العابدين في حوران الشمالية «التركمان» بلاد الشام عام 1938م، وربا في كنف أمة تدين بالإسلام على جهل، ومعتقد فاسد في باطنه وجوهره، فلما بلغ رشده، اعتنق الفكر الإخواني المزيف، فلما قَدِم إلى المملكة للتدريس وجد ضالته، وهي «التأسلم السياسي» الذي لا يرى العقيدة إلا وسيلة، وهو منهج الأخونجية المتأرجحة، التي تجمع بين العقيدة والسياسة وفق نحلتهم، وطرح فكره مستمدا ذلك من نهج جماعة الإخوان، عندما التحق بهم ضمنا ومنتميًا لهم شبها. ولما كان الإسلام منطق ألفاظه الخادعة، استطاع بذلك تأسيس حركته الوليدة، ووجد لها آذانا صاغية جاهلة، وأصداء واسعة، لدى المتحمسين، المتعطشين، لسماع ذلك الطرح السُني الثوري، المؤسس على غرار حركة الخميني في إيران. الحركة في الميزان: استطاع السروريون في بداية الثمانينيات الميلادية، الوصول إلى قلوب عامة الناس، ممن لا يدركون مقاصد حركته وغايات دعوته، فاعتنقها وللأسف بعض الدعاة والمعلمين والقضاة من الشباب، حينما أوكلت بعض الجهات إلى مؤسس الحركة محمد سرور وكلفته بتأليف كتاب يذب به عن أهل السنة، في مواجهة الثورة الخمينية، فسارع إلى تأليف كتابه الذي يحمل في ظاهره الرحمة والخداع، وفي باطنه الكذب والدمار بعنوان: * «وجاء دور المجوس» ، ورمز لاسمه من باب التضليل، باسم: «*عبدالله الغريب*». ولما ابتعثت للدراسة في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سنة 1406هجري، تنبهت لذلك الشذوذ، وعلمت مقاصده، يوم عرض علي شيئا من منهجهم وسلوكهم، وكانوا يدعونني إلى حلقات منزلية، يقيمها بعض أساتذة تلك الحركة، ويتحدثون عن الإخونجية الخارجة، وعن بعض الطرق ومنها: السرورية، لكني لم أعرهم سمعا ولا دعوة، ولا موافقة، فأخبرت شيخي ومعلمي سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله- بأولئك، وبما يدعون إليه وما يفعلون، فطلب البعض من كبرائهم، وسألهم وناصحهم، وقال لهم: «كل علم يقول به المسلم، وكل فعل يعمله وهو يخالف الكتاب والسنة، فهو مردود على صاحبه وهو من مضلات الفتن» ، ثم أرشدهم إلى الكثير من النصوص القرآنية، والأحاديث النبوية، وإلى بعض ما يجب فعله، وما يجب تركه. فتوقفوا أكثر من عام، ونبذوني لعلمهم إني المبلغ عنهم، وأصبح تعاملهم معي في حدود السلام ورده فقط، وبعد عام عادت حليمة إلى عادتها القديمة، وكل سلك الطريق التي يراها. ولي الأمر يحذر منهم: من أجمل ما سمعت، وأحسن ما قرأت، هو حديث سيدي أمير العصر وسيف النصر، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز في لقائه مع صحيفة «تايم» الأمريكية، حيث قال سموه وفقه الله لهداه وجعل أعماله في رضاه: «إن تنظيم جماعة الإخوان المسلمين هو الأب الشرعي لجميع الحركات الإسلامية، التي انتشرت في العالم»، ووصف أتباع «السرورية» بالأكثر تطرفًا في الشرق الأوسط، فبيض الله وجهه، وشكر الله له، واليوم نسمع بحركة السرورية، تحذر منها بعض الجهات الرسمية. والبعض يسألني، ما هي السرورية؟ ومن تنتسب إليه؟ وكيف بدأت؟. فكان جوابي للجميع: هو ما أوجزت عنهم، وذكرت في هذه المقالة، وليزداد القارئ علما وفهما عنهم، فإن مواطنهم، حوران في بلاد الكرد، وفي بعض بلدان السودان، وفي مصر، والأردن، وفي بعض دول الخليج، ومأويهم وحاميهم وأمثالهم من الشواذ هي بريطانيا، أما في بلادنا فإنها تتوارى عن الأنظار، وتتبارى مع الصوفية، ومن مواطنهما وأماكن تجمعاتهم بعض الندوات، والحلقات المنزلية الخاصة، وبعض التجمعات التي تقتصر على أناس دون آخرين، وتجد تجمعاتهم تخلو من العلماء الأجلاء الكبار في بلادنا، وما زلت منذ سنة 1406 هجري أحذر منهم، وأحذر من كل شاذ ومخالف للكتاب والسنة، ومن كل شاذ وخارج عن الطاعة. حفظ الله ولاة أمرنا وبلادنا وأدام علينا نعمة الأمن والأمان، في ظل ملك الحزم قوي العزم مليكنا سلمان، وولي عهده الأمين محمد بن سلمان، وأسأل الله الحي القيوم لكل من أراد بلادنا، وولاة أمرنا، وعلمائنا بشر أن يجعل تدميره في تدبيره، وأن يفضح أخباره، ويهتك أستاره، وينشر أسراره، وأن ينصر ويحفظ جنودنا حماة حدود بلادنا، ورجال أمننا، والله من وراء القصد، وإليه المصير.