القيادة تعزّي رئيس غانا في وفاة وزير الدفاع ووزير البيئة ومسؤولين إثر حادث تحطم مروحية عسكرية    33.6 مليار ريال قيمة مشاريع المملكة في يوليو    الطريق إلى شرق أوسط مزدهر    اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة بشأن التطورات في قطاع غزة تشدد على ضرورة الوقف الفوري والشامل للعدوان الإسرائيلي على القطاع    وزارة الخارجية: المملكة ترحب بإعلان التوصل إلى اتفاق سلام بين جمهوريتي أرمينيا وأذربيجان    القيادة تهنئ رئيس جمهورية سنغافورة بذكرى اليوم الوطني لبلاده    المنتخب السعودي يتأهل إلى الدور الثاني من بطولة العالم للناشئين لكرة اليد    الطائف تشهد المرحلة الثالثة من برنامج "حكايا الشباب" بمشاركة عددٍ من الأكاديميين والرياضيين    "زاتكا" تُحبط محاولة تهريب أكثر من 400 ألف حبة من الإمفيتامين المخدر (الكبتاجون) مُخبأة في فرو "أغنام" في منفذ الحديثة    عزنا بطبعنا    العصرانية وحركة العصر الجديد    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. وزير الشؤون الإسلامية يفتتح التصفيات النهائية لمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره في دورتها ال 45 بالمسجد الحرام    السويسرية أليشا ليمان: وجدت جمهور كأس العالم للرياضات الإلكترونية مايماثل حماس كرة القدم    أسعار النفط تحت وطأة شائعات السلام وحرب التعريفات    الغاز الطبيعي يشهد تحولات عالمية    المملكة تعزّي لبنان في وفاة وإصابة عددٍ من أفراد الجيش    «موانئ» تحقق ارتفاعًا بنسبة 12.01% في مُناولة الحاويات خلال يوليو 2025    الفرنسي"إينزو ميلوت"أهلاوياً ل 3 مواسم    قادماً من ليفربول "داروين نونيز"هلالياً ل 3 مواسم    الفتح يواجه أتلتيكو مدريد ودياً    ألتمان وماسك يشعلان سباق الذكاء الاصطناعي    القبض على يمني وإثيوبي في جازان لترويجهما (9) كجم "حشيش"    مساعدات المملكة.. نبعٌ لا ينضب    إقامة «حوكمة التطوع» في الشرقية    إعادة استجابات التوحدي بالذكاء الاصطناعي    النفط ينهي تداولات الأسبوع بخسارة 5 % وسط وفرة العرض    ستة قتلى من الجيش اللبناني جرّاء انفجار ذخائر من مخلفات إسرائيلية    الخليج يدعم صفوفه بالعمري    خطيب المسجد الحرام: تعاونوا على مرضاة الله فهي غاية السعادة    إمام المسجد النبوي: الأمن من الخوف سكينة تغمر الحياة    قرص يومي لإنقاص الوزن    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يعيد "مسنة" مصابة بكسر متفتت بالعمود الفقري إلى حياتها الطبيعية    تشخيص وعلاج أمراض وراثية نادرة في طبية مكة    إكرام الضيف خلق أصيل    الثقافة المنتمية    النفط الجديد من أجسادنا    المملكة تعزي لبنان إثر وفاة وإصابة عدد من عناصر الجيش    في عام الحرف اليدوية.. المعدن ينطق فناً    زيلينسكي يحذر من اتخاذ أي «قرار من دون أوكرانيا»    سفير اليابان يزور المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025    الشمّام يُحلّي صيف المملكة بإنتاج وفير يتجاوز (63) ألف طن سنويًا    تحذيير من استمرار الأمطار الرعدية على مناطق عدة    اجتماع قطري - أمريكي في إسبانيا لبحث خطة شاملة لإنهاء حرب غزة    طالبة من "تعليم الطائف" تحقق الميدالية الفضية عالمياً    استشهاد 6 فلسطينيين بقصف إسرائيلي وسط غزة    نجاح أولى عمليات "برنامج الاستمطار" شمال شرق الرياض    أمير تبوك يدشّن ويضع حجر أساس (48) مشروعًا تنمويًا لمنظومة "البيئة" بالمنطقة بتكلفة إجمالية تتجاوز (4.4) مليارات ريال    محافظ خميس مشيط يتفقد مركز الرعايه الصحية بالصناعية القديمة    معجم الحيوان الأليف عند العامة    فريق النجوم التطوعي ينفذ مبادرة صناعة الصابون لنزيلات دار رعاية الفتيات بجازان    جمعية فضاء العالية للتنمية الشبابية تختتم برنامج ماهرون الصيفي    بمشاركة نخبة الرياضيين وحضور أمير عسير ومساعد وزير الرياضة:"حكايا الشباب"يختتم فعالياته في أبها    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدرب    أمير جازان يستقبل سفير جمهورية مالطا لدى المملكة    البدير في ماليزيا لتعزيز رسالة التسامح والاعتدال    محافظ تيماء يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة تبوك    نائب أمير الرياض يؤدي الصلاة على والدة جواهر بنت مساعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مبعوثو السلام وظائف موروثة ومهامٌ معروفة
نشر في الوكاد يوم 16 - 06 - 2016

لا تخلو منطقتنا العربية عموماً ومنطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص من مبعوثين دوليين للسلام، ومراقبين أمميين للهدنة ووقف العمليات القتالية، ينتشرون في كل الساحات، وينشطون في أغلب البلدان، بقراراتٍ سيادية مستقلة وفق قناعاتٍ ورغباتٍ ذاتية، أو بموجب اتفاقياتٍ ومعاهداتٍ دوليةٍ يلتزمون بها ويتواصون عليها، ذلك أن منطقتنا العربية منذ قرابة قرنٍ من الزمان مضى وهي منطقة ساخنة تعج بالأحداث الكبيرة المتوالية، وتشهد حروباً ونزاعاتٍ لا تنتهي، التي لا تنفك تأثيراتها الشديدة تنعكس على المنطقة كلها، وتتجاوزها إلى العالم بأسره، الأمر الذي يفرض على قوى المجتمع الدولي الفاعلة أن تبذل غاية جهودها لضبط المنطقة ومراقبة أطرافها، والتحكم في مسار أحداثها.
رغم أن للاتحاد الأوروبي موفداً للسلام إلى المنطقة، وللأمم المتحدة آخر، وللرباعية الدولية مبعوثٌ مستقل، وللأمين العام ممثلٌ، ولروسيا مراقبٌ ومندوب، وللولايات المتحدة الأمريكية أكثر من مبعوثٍ ومكلف، إلا أن العديد من الدول الفاعلة والقوية الأخرى تحرص على تسمية ممثلين مستقلين لها، بصفةٍ دائمةٍ أو مؤقتةٍ، ولمهامٍ محددة أو أخرى عامة تتعلق بمسار السلام والعلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، إذ يرغبون جميعاً ببذل أدوارٍ في المنطقة، والمساهمة في خلق حلٍ للأزمة، وقد يتقدمون باقتراحاتٍ وأفكارٍ من شأنها جمع الأطراف، والتقريب بين وجهات نظرهم، أو تقدم لهم حلولاً وسطية تخفف العبء عنهم، وتزيل العقبات من أمامهم.
وقد أوفدت فرنسا في الأيام القليلة الماضية إلى المنطقة إثر مبادرتها للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين مبعوثها الخاص، وأناطت به مهمة تقريب وجهات النظر بين الطرفين، والسعي للجمع بينهما في مفاوضاتٍ مباشرة دون شروطٍ مسبقةٍ تفسد أجواء الحوار وتعقد الوصول إلى نتائج إيجابية، وعلى الرغم من أن المبادرة الفرنسية قد هذبت وشذبت لتنسجم مع السياسات الإسرائيلية، ولا تتعارض مع مصالحهم، ولا تضع نهاياتٍ مفترضة أو نتائج حتمية أو سقوف زمنية لعملية الحوار، إلا أنه لا يتوقع النجاح للمبعوث الفرنسي، وقد لا يلق ترحيباً من الحكومة الإسرائيلية، كما قد يواجه عقباتٍ وتحدياتٍ من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، الذين يرون في الجهود الفرنسية تفرداً وتعدياً على الجهود الدولية، وهذا لا يعني أن مساعي المبعوث الفرنسي ستكون إيجابية مع الفلسطينيين، وأنها ستراعي مصالحهم وستقف إلى جانبهم، أو أنها لا تلبي الشروط الإسرائيلية.
قد لا تتفق الدول التي توفد مندوبين دائمين أو مبعوثين مؤقتين إلى المنطقة في الأهداف التي من أجلها تبدي اهتماماً في المنطقة، وقد لا تكون أهدافها نبيلة أو إنسانية وإن بدت في الشكل أنها كذلك، وأنهم رسل رحمةٍ، وملائكة محبةٍ يحبون الخير للمنطقة، ويسعون لصالح أهلها ومنافع شعوبها، فإن لكلٍ منهم أهدافهم وغاياتهم الخاصة والعامة، التي تنسجم مع سياساتهم الخارجية ومصالحهم الاستراتيجية، وهي بالضرورة في أكثرها ليست لصالح العرب وسكان المنطقة، بقدر ما هي لصالح الكيان الصهيوني، حرصاً على مصالحه وضماناً لوجوده واستمراره، بل إن منهم من يعمل لدى الحكومة الإسرائيلية، وينفذ أهدافها ويلتزم بتعليماتها، ويصدر تقاريره وفقاً لرغباتها وبما ينسجم مع مصالحها ويخدم أهدافها.
أما إن خالف المبعوثون الإرادة الإسرائيلية، وأبدوا تعاطفاً مع الفلسطينيين والأطراف العربية، وكان تقريرهم مستجيباً للحقائق ومطابقاً للحق والعدل، فإن الحكومة الإسرائيلية ترفضه وتستنكره، وتطعن فيه وتكذبه، وتطالب حكومة بلاده بسحبه أو تغييره، أو تفرض على المبعوث نفسه إعادة صياغة تقريره، ولو تطلب ذلك قلب الحقائق، وتغيير المعطيات، واستبدال الاستنتاجات، ووضع توصياتٍ أخرى مناقضة للتوصيات الأصيلة، التي كانت في أصلها وفق المعايير المهنية والأخلاقية، وإلا فإنها تعتبره شخصية غير مقبولة، وترسل إشاراتٍ واضحة له ولبلاده بأنه غير مرحبٍ به ولا يوجد رضى عن أدائه.
وهذا الأمر لا يقتصر على مبعوثي الدول الخاصين، بل ينسحب على ممثلي الأمم المتحدة، والمراقبين الدوليين والممثلين الشخصيين للأمين العام للأمم المتحدة، الذين يضيق عليهم جميعاً، وترسم لهم السياسات التي يجب أن يلتزموا بها، وتوضح لهم الخطوط الحمراء التي لا يجوز الخروج عليها، ويعرف الأمين العام للأمم المتحدة هذه الضوابط الإسرائيلية، ويلتزم بها ولا يقوى على مخالفتها، رغم أنه يملك السلطة الدولية وإن كانت بمفهومها الأخلاقي والإنساني، ولكنه يتخلى عن سلطاته وصلاحياته، ويخضع في تقاريره وتصريحاته وبياناته إلى المصالح الإسرائيلية التي ترعاها الدول الكبرى، التي تنبه الأمين العام وتحذره، وقد توجهه وتسيره، وأحياناً تنفي المسؤولية عن بعض مواقفه، وتصفها بأنها خارج نطاق صلاحياته وسلطاته.
يحرص المبعوثون الدوليون على لقاء المسؤولين الفلسطينيين، إذ أنهم يحملون رسائل خاصة من قادتهم ومرجعياتهم، إلى رئيس السلطة الفلسطينية، يحثونه فيها على استقبال مبعوثيهم، وينصحونه بالتعامل معهم وحسن الإصغاء إليهم، ولكن لقاءاتهم مع الفلسطينيين والأطراف العربية شكلية أو بروتوكولية، لا حياة فيها ولا حيوية، ولا تبدو فيها المسؤولية ولا الجدية، إذ يلتقون بهم ليلقوا على مسامعهم الشروط الإسرائيلية، وليقرعوهم ويؤنبوهم على تقصيرهم وإهمالهم، وليدفعوهم إلى تليين مواقفهم، والاستجابة إلى الحاجات الحيوية والضرورية للشعب اليهودي، بطريقةٍ ناصحةٍ ولكن بلغةٍ قاسية، وكلماتٍ فيها من التهديد والتأنيب والوعيد أكثر مما فيها من الترغيب والأمل والوعود بالأفضل.
يتبين لنا قطعاً أن المبعوثين الدوليين جميعاً يتخلون عن مهمتهم الأصلية التي أوفدوا بسببها، ويغيرون أهدافهم، ويبدلون معاييرهم ومقاييسهم، ويفقدون استقلاليتهم، ويصبحون تابعين للحكومة الإسرائيلية، ينفذون سياستها، ويلتزمون بتعليماتها، ويخضعون لشروطها، ويتجنبون ما يغضبها، ويبتعدون عما يستفزها، ويقترحون ما تريد، وينصحون بما تحب، الأمر الذي يفقدهم الصفة، ويجردهم من النزاهة والوساطة والمهنية الأخلاقية، ويجعل منهم أدواتٍ إسرائيلية، وآلياتٍ دولية تضر بنا ولا تنفع، وتؤذينا في قضيتنا وتتآمر مع العدو على مصالحنا، ويجعل من الإيمان بهم سفاهةً، ومن الاعتماد عليهم بلاهةً، ومن تصديقهم سخافةً، ومن الاهتمام بهم والترحيب بجهودهم مضيعة للوقت والحق معاً.
بيروت
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.