أسعار النفط تتراجع لأدنى مستوى في أسبوع    كفالة مالية للحصول على تأشيرة للولايات المتحدة    ريم الجوفي تقدم ورشة التمييز بين المعلومة والمعرفة في عالم رقمي    أمير القصيم يزور محافظة المذنب ويؤكد تطورها التنموي وتنوع الفرص الاستثمارية    الشؤون الإسلامية تواصل تنفيذ برنامجها التدريبي المتخصص لمنسوبي المساجد والمراقبين في جازان    إطلاق نظام الملف الطبي الإلكتروني الموحد "أركس إير"    الحرب الروسية الأوكرانية تستهدف البنى التحتية    3 سيناريوهات إسرائيلية أخطرها الاجتياح الشامل لقطاع غزة    الدعم السريع منح مخيم لاجئين إلى مرتزقة    أصدقاء البيئة تستثمر طاقات الطلاب بمبادرة بيئية لحماية غابات المانغروف    تحذيرات من عواقب خطيرة حال تفعيل آلية الزناد.. توتر متصاعد بين إيران والترويكا الأوروبية    خلافات تعرقل جلسة برلمان ليبيا في بنغازي    بعد تصاعد التوترات بين قسد وقوات حكومية.. واشنطن تدعو للحوار في منبج والسويداء    ضمن كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025.. Team Falcons يمنح السعودية أول ألقابها    ابن نافل أتعب من بعده.. وإساءات نجيب    يقام في سبتمبر المقبل.. النصر والأهلي يواجهان القادسية والعلا في كأس السوبر للسيدات    أم تخفي طفلتها بحقيبة سفر تحت حافلة    تغيير التخصص الجامعي وآثاره السلبية والإيجابية    حفلات زفاف بفرنسا تستقبل الضيوف بمقابل    البريد يصدر طابعًا تذكاريًا لأمير مكة تقديرًا لإسهاماته في تعزيز التنمية الثقافية والاجتماعية    بعد الانكسار    خطوة يومية!    «إثراء» يختتم البرنامج الصيفي ب 5 أفلام قصيرة    المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025 ينطلق غدًا في الرياض    مشيداً بخطط الاستثمار والنهج الاستباقي.. صندوق النقد يؤكد قوة السعودية في مواجهة التحديات الاقتصادية    الدقيسي    موجز    تنفيذ مبادرة "غرس الشتلات" في منتزه قرضة بفيفا    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    "سلمان للإغاثة" يختتم المشروع الطبي التطوعي للجراحة العامة في محافظة عدن    ولي العهد ورئيس الوزراء الكويتي يستعرضان العلاقات التاريخية وأوجه التعاون    ارتفاع مشاهدات المسلسلات السعودية    51.9 مليار ريال زيادة سنوية بإيرادات قطاع التشييد والعقارات    الدرعية تحتفي ب"ترحال".. قصة وطن تُروى على المسرح    الحراثة التقليدية    إصدار معماري يوثق تطور المسجد النبوي عبر العصور    الاتفاق يواصل تحضيراته للموسم الجديد .. والفرنسي"ديمبيلي" يبدأ رحلة العودة    السعودية تحقق أول ألقابها في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    سفير سريلانكا: المملكة تؤدي دورًا عظيمًا في تعزيز قيم التسامح وخدمة الإسلام عالميًا    كلنا مع الأخضر    روائح غريبة تنذر بورم دماغي    علامات واضحة للاعتلال النفسي    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي أحد المسارحة    أمير الشرقية: تسخير التقنية وتجويد الخدمات يعكسان توجه الدولة لرفع كفاءة العمل الحكومي    أمير تبوك يبارك حصول مجمع مباسم الطبي على شهادة "سباهي"    سقوط لعبة .. الأسئلة الصعبة    12 نجمة إنجاز سلامة مرورية للشرقية    911 يستقبل 93 ألف مكالمة في يوم واحد    أبها تحتضن غداً أنشطة برنامج "حكايا الشباب" بمشاركة عددٍ من الأكاديميين والرياضيين    وكيل إمارة جازان يرأس اجتماع الاستعدادات للاحتفال باليوم الوطني ال 95    ندوة تاريخية تكشف أسرار تحصينات المدينة المنورة    أمير جازان يرأس الاجتماع الدوري للجنة الدفاع المدني بالمنطقة    لا تدع أخلاق الناس السيئة تفسد أخلاقك    جبال المدينة.. أسرار الأرض    إحباط 1547 صنفاً محظوراً    «هلال مكة» يفعل مسارات الجلطات القلبية والسكتات الدماغية    رؤية 2030 تكافح السمنة وتعزّز الصحة العامة    من حدود الحزم.. أمير جازان يجسد التلاحم بالإنجاز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثوابت الوطن في قاموسنا الثقافي
نشر في الشرق يوم 14 - 12 - 2012

يشهد الموقف الثقافي الوطني حالة حراك، وتصاعداً فكرياً غير مسبوق، وفي ظني أن المتابع لهذا الموقف يتفق معي أن المفردة الأكثر تداولاً وجدلاً بين الأطياف والمثقفين هي الثوابت الوطنية، بل يمكن القول: إنها تأتي في قمة قاموسنا الثقافي السعودي؛ من حيث التداول والجدل الذي تُصدره وتستقبلهُ من الحراك الفكري، والمصطلح في حد ذاته يشكل تطوراً إيجابياً في الرؤية الوطنية نحو مشتركات وقواسم يمكن الالتقاء عليها بين النخب السعودية، لكننا هنا نتساءل ماهي هذه الثوابت؟ وماهي الظروف والتحولات التي تشكلت فيها؟ كذلك: هل يمكن القول إن إجماعاً وطنياً على الصعيد الرسمي والشعبي يمكن أن يتحقق عليها؟
الثوابت الوطنية عموماً هي عبارة عن مبادئ ثابتة لكل الأمم والشعوب والحضارات، وتختلف باختلاف المنطلقات الدينية والثقافية لتلك الأمم؛ لذلك فنحن جزء من هذا العالم، وثوابتنا الوطنية ليست حالة ثقافية أو سياسية خاصة، وعندما نتحدث عن الثوابت الوطنية فإننا نقصد بها المبادئ التي لا يستطيع أحد أن يزايد عليها مهما كان توجهه وطيفه؛ لأن الثوابت الوطنية هي السياج الذي يلتف عليه المجتمع بجميع مكوناته وأطيافه المتنوعة، ويتمسكون بها، ويحافظون عليها من الاختراق أو المساس بها سواء من الداخل أو الخارج.
وكون الحديث عن بلادنا التي تميزت بخصوصيتها الدينية وهي مهبط الرسالة وحاضنة الحرمين الشريفين، التي تحتكم للشريعة؛ حيث تُعد هي الدولة الوحيدة التي تُطبق شرع الله كنظام شامل لها، وقد نتساءل: هل هذه الثوابت الوطنية حالة خاصة مبنية على هذه المزايا فقط؟ نقول بل يملك سمات وخصائص مشتركة مع الشعوب والحضارات الأخرى والذي يُمكن أن يُسهم في بناء موقف وقاعدة تجمع الثوابت وقطعيات الشريعة وبين متطلبات العصر والنهضة.
لكن ماذا عن الموقف النخبوي السعودي وهو في حقيقته أكثر تعقيداً من أن نقول إنه ينعقد على إجماع عام مسبق يتجاهل التباين في التفاصيل الداخلية التي تقوم عليها هذه الثوابت، بل إن هناك آراءً مختلفة في تحديد طبيعة الثوابت الوطنية، إلا أنه يمكن القول: إن الإطار العام الذي قد نتفق عليه يتمحور حول حدود هذه الثوابت، مثل: هوية الدولة وهي الهوية الإسلامية والعربية، ومرجعيتها الشريعة الإسلامية للحكم كنظام للدولة، والتمسك بوحدة التراب الوطني والإجماع على القيادة وهذا المجال توافقي للمجتمع كافة؛ لأن الدين المتمثل في (الكتاب، والسنة) هو ثابت لا يقبل التغيير أو الزحزحة، لكن الاجتهادات الفقهية التاريخية قد يدور حولها نقاش لأنها قد تكون مقبولة تحت أي مبرر في حالات؛ ومناسبة لعصرها التي صيغت في ثناياه أو في بعض الحالات التي تماثلها في واقعنا اليوم، ولكننا لسنا ملزمين باستنساخها، بل تُوجبُ الشريعة علينا أن نجتهد في واقعنا كما اجتهد الذين من قبلنا وربما تظهر في بعض الأحيان مشكلة لدى بعضهم تكمن في التناقض بين الوطني والديني؛ لأن خصوصية المملكة الدينية -كما ذكرت- تجعل الشعور الوطني فيها لاحقاً للشعور الديني بسبب نشأتها منذ الدولة السعودية الأولى التي كانت عبارة عن مزيج بين السياسي والديني على الرغم من أن هذا الشعور غير مبرر لأن رسالة الإسلام لا تفصل بين الديني والوطني، وهنا يظهر السؤال:
ما دور هذه الثوابت ووظيفتها؟
من وجهة نظري إن دور الثوابت الوطنية هو توفير أرضية حقوقية وقانونية للمواطن تحدد له الصفة الإنسانية التي يشترك فيها مع غيره من أبناء الوطن، ومن ثَمَّ تُبنى حقوقه بناء على التزامه بالثوابت الوطنية، أما بالنسبة إلى المجتمع فإن الثوابت الوطنية تشكل عقداً موثوقاً بين كل مكونات الوطن وأطيافه، مما يجعل من هذه الثوابت مشتركات تقوم عليها حركة المجتمع ودوره ووظيفته.
ولعل بعضاً منا قد يتساءل ويقول: هل الثوابت الوطنية محددة وثابتة ولا يمكن أن يضاف إليها أي جديد؟ من الواضح أن الثوابت الوطنية منها ما هو ثابت ومنها ما قد يتغير مع تغير حركة المقاصد الشرعية وكذلك المصالح للدولة والمجتمع تحت راية الشرعية وعملاً بضوابطها ومن ثَمَّ تنشأ ثوابت جديدة وفق المتغيرات التي تحدث.
ختاماً أقول: إن ثوابتنا الوطنية والشرعية لا تقبل المساس، ولا يمكن تجاوزها أو اختراقها أو إضعافها، إنما نجعلها وقوداً لنا في وحدتنا الوطنية وتعزيز الانتماء لديننا ووطننا ومليكنا وعلينا أن نتذكر جميعاً وتحديداً النخب والمفكرين أنه انطلاقاً من مسؤوليتنا الوطنية علينا تعميق هذه الثوابت والعمل على ترسيخها في النسيج الاجتماعي الثقافي وأجيالنا ونظامنا التعليمي لأن غياب هذه الثوابت والمساس بها سوف يكون واقعها كارثياً على الجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.