فتحت متصفح جوجل لأبحث عن آخر مسميات الدورات وكتبت الجملة الآتية (دورة في كيف) لم أستطع أن أكمل كلمة (كيفية) بعد كمية الاحتمالات التي لم تتحملها شاشة الكمبيوتر حيث هناك مسميات لدورات لا دخل لها في التنمية البشرية ولكن لها دخل في التنمية المادية، هناك معاهد تتاجر بهذه الاعتمادات وهمها هو المردود المادي من تسويق لدورات لا تمت للتنمية البشرية ولا بحقل التدريب البتة. أهداف المادة التدريبية نجدها بخط خفيف، أما سعر الدورة فنجده الأبرز وكأنها إحدى الماركات العالمية وعليها عروض تخفيض وآخرها تلك التي سبقت فترة الامتحانات (كيف تصبح دافوراً)!!. دافور لا نقصد بها المنطقة السودانية التي مازالت النزاعات فيها ولكن درجت لدى العامة هذه الكلمة كناية عن الذكاء أو التلميذ النجيب أو الحالة المصطفاوية المأخوذة من (مصطفى) وهو الاسم الدارج لدى المصريين المعروفين بالذكاء في الوطن العربي. الإنسان لديه قدراته ولديه مجالاته التي يصبح فيها ذكياً ومبدعاً وليس لأي شخص كائن من كان أن يغير في هذه النسبة خلال ساعات معدودة لو كان المدرب معتمدا من المريخ. التدريب في معناه هو تطوير مهارة لدى الشخص المتدرب حيث تمكنه من أداء عمله بطريقة أفضل من السابق وبجودة أعلى أو تطوير مهارة موجودة أو إكسابه إياها بحيث يستخدمها أو يبرزها المتدرب بشكل أفضل، أما عن دورات الذكاء و(الدفرنة) فيمكن أن يقدم له أساتذته في المجال التعليمي بعض النصائح العملية في تقوية الذاكرة وهذا لا يعني أنه يصبح فيثاغورس العصر بمجرد حضور الدورة، لأنها تعطي خطوات تمارسها تؤدي إلى ما نبحث عنه وليس الحضور وحده، هذا كلام ليس محبطاً ولكنها الحقيقة ليتلقف الفرد نفسه ولا يضيع وقته مع بعض المدربين الذين يمتهنون هذه المهنة للكسب مع كل عطلة. هناك مثل لعله يوصل الفكرة هو (باب النجار مخلع) ، لو كان هناك من باستطاعته أن يجعلك ذكياً كان حرياً أن يجعل من نفسه أولاً ذكياً ويصبح نيوتن زمانه في مجاله. المؤسسات الحكومية التي تعنى بإصدار رخصة الاعتماد لمراكز تدريبية هي المسؤولة عن هذا الفلتان فيما يخص أسماء الدورات وجودتها وهل المدرب فعلاً يعي المهام المنوطة به على المسمى الذي يحمله أم لا. الراغبون في تطوير أنفسهم يجهلون ماهية التدريب الحقيقية والسبب يعود إلى أنه لا توجد معايير واضحة في التمييز بين الدورات المقدمة ليكون على بينة قبل اختيار دورة لمجرد أنها بسعر أقل دون النظر إلى ما هو أهم وهو ما سيتقنه بعد التدريب، وما هي النقاط التي يتم فيها تدريب ويحدث فيها التطوير، وما هي النقاط التي تعتمد على قدرات الشخص ولا يمكن للتدريب أن يغيرها بدورة مدتها 4 أيام! وإنما يلزمها ممارسة أكثر بعد التدريب. فاصلة الختام رخصة مزاولة مهنة التدريب لابد أن تكون لها هيئة تشرع لها ذلك واختبارات معيارية لغربلة الدخلاء على هذه المهنة العظيمة، التي تهتم بالتنمية البشرية كبقية المهن، مثل الطب والمحاماة والمحاسبة والهندسة وغيرها، فليس من المعقول ألا يميز المدرب بين شهادة التدريب وشهادة الحضور ويكتب بالخط العريض شهادة معتمدة.