قبل مدة ضجت كل وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، باسم صادق خان، الذي انتخبه العامة في انتخابات لمنصب عمدة لندن عن حزب العمال، ويكون بذلك أول بريطاني مسلم يصل لهذا المنصب. وهو أيضاً من أصول باكستانية، ومن عائلة بسيطة حيث كان والده سائق باص، ولكن هذا كله شأن شخصي، وهي لا تشكل أي شيء في عملية انتخابه، وإنما كفاءته وحضوره المجتمعي وبرنامجه الانتخابي كان المحرك الأساسي لفوزه. أي منصب في أي دولة سواء كان تنفيذيا أو تشريعيا هو تكليف قبل أن يكون تشريفا، وهناك قائمة واجبات عليه تأديتها لإثبات جدارته في هذا المنصب، وأيضاً إنجاز ما ينتظره المواطن منه، لأنه وجد في هذا المنصب من أجل خدمته. المنصب في الغرب هو مسؤولية وتتبعه مسائله وحساب حسب نظام الدولة إما من قبل البرلمان، أو مجلس الشيوخ، أو مجلس العموم، وحين تحدث مسائله فهم لا يتطرقون إلى عرق وأصل ولون وعائلة أي عمدة، أو وزير، أو نائب، أو أي مسؤول مهما كان إخفاقه، ولكن يناقشون الفعل الذي أخفق فيه أو الواجب الذي لم يقم به على النحو الأكمل، ولم يُرضِ المواطنين. من خلال تتبعي للهاشتاق الذي أخذ السعوديون يباركون هذا النصر من باب أنه مسلم وأنهم يفخرون بذلك، ولم يتطرقوا أنه من المهاجرين، وأن أصوله تعود إلى باكستان، ولو ترشح صادق خان في انتخابات المجلس البلدي لما وضع أحد صوتاً له، وستحل عليهم حالة زهايمر، ويفقدون الذاكرة، ولا يَرَوْن فيه إلا أنه مجنّس، أو بقايا حجاج، وما إلى ذلك وأبناء البلد أولى منه وليسوا أكفأ منه سيضيق الأفق لديهم ولا يَرَوْن إلا القبيلة، والأصل والفصل بيد أن هذا كله لا يقدم ولا يؤخر في ما يخص المواطن وتلبية إحتياجاته، فالرجل المناسب في المكان المناسب، ومتى كانت حساباتنا وفق الكفاءات وعلى سيرتهم الذاتية العملية لا العائلية، لكانت مدننا تنافس لندن ونيويورك وكل دول العالم الأول التي لا يشكل الجانب الديني والعرقي أي شيء في تقليده منصبا، فالعبرة بالعمل وليس بمن أين أنت، أو إلى أي ملة تنتمي. فاصلة الختام: اختيار الأشخاص على كفاءاتهم حتما يولّد نهضة على مستوى الأرض، وعلى مستوى العقل، فهي أساسها البناء، وتوحيد الرؤية، أما العنصرية فهي تخسف بِالأرض والعقل، ولن نفرح أبداً بأن يكون هنالك صادق خان سعودي بيننا.