«سنة الانقطاع» أو ال«Gap year» هي سنة يتوقف فيها الطالب عن الدراسة ليسافر ويكتشف الحياة وغالباً ما تكون بين المرحلة الثانوية والجامعة، حين يتحول الشاب أو الفتاة من قاصر إلى بالغ له حرية السفر واتخاذ القرارات. بدأت هذه الفكرة في ستينات القرن المنصرم في المملكة المتحدة. بعد الحرب العالمية الثانية كانت هناك ثورة ثقافية واجتماعية وأصبح الشباب يتساءل: هل حقاً نريد أن نصبح كما آباؤنا ونعيش بطريقتهم ونحمل نفس قيمهم؟! عندها بدأ عدد كبير من الطلاب بالسفر بعد الثانوية لمدة سنة كاملة يبحثون فيها عن أنفسهم ويجربون الحياة بعيداً عن أهلهم. الشاب في سنة الانقطاع يكون مسؤولاً عن نفسه لأول مرة في حياته، لا أب يسأله أين كنت ومتى ستعود إلى المنزل ولا أم تجهز له طعامه وثيابه وترعاه إذا مرض. جرى العرف على أن الشاب يسافر خارج المملكة المتحدة في هذه السنة، إلى الهند أو يتطوع في إفريقيا أو إلى دول أوروبية أخرى أو أستراليا. الفكرة هي أن ينتقل الشاب إلى مجتمع جديد بثقافة مختلفة ليعمل ويعيش فيه ويكون صداقات جديدة. يعيد التفكير في حياته وخياراته ويكتشف نفسه. في بريطانيا بعد أن يتخرج الطالب في الثانوية يقدم على الجامعة وعند حصوله على قبول يطلب gap year. أغلب الجامعات البريطانية توفر هذا الخيار لطلابها بل وتشجعهم عليه. من المهم أن يقرر الشاب أهدافه بوضوح ويضع خطة مفصلة قبل أن تبدأ هذه السنة ليحقق مبتغاها. ومن المهم أيضاً أن لا يذهب إلى أماكن خطرة لأنه مسافر يكتشف نفسه لا ليخسرها. يبدأ الطفل الدراسة وينتقل من سنة إلى أخرى دون أي فرصة لإعادة التفكير أو اتخاذ قرارات نوعية. أهله يرسمون له خط سير حياته، وهذا طبيعي لأنه لا يزال طفلاً أو مراهقاً لا يستطيع تحمل مسؤولية نفسه. بعد الانتهاء من الثانوية يكون الشاب على مشارف الثامنة عشرة أي أنه أصبح بالغاً وهذه هي فرصته الوحيدة للحرية، لا زوجة ولا أولاد وصحته جيدة وعنده حماس للمغامرة والاكتشاف. لطالما أعجبتني فكرة «القاب يير»، أتمنى لو تُطبق عندنا. يسافر الشاب، يغامر ويتعب ويتعرض لتجارب صعبة ليعود ناضجاً. في مجتمعاتنا أحيانا نرى الرجل أو المرأة كأنه طفل لا يستطيع اتخاذ أبسط القرارات! درس ابتدائي، متوسط، ثانوي ثم جامعة ثم تزوج «عن طريق أهله» واشتغل ثم أنجب أولادا (وكبر وجدد) وهكذا! لم يجرب الانطلاق ولو لمرة واحدة في حياته! لو انطلق لربما تفاجأ بنفسه التي لا يعرفها واكتسب ثقة أكبر تجعله يقرر بنفسه لنفسه. «القاب يير» هي سنة المغامرة، سنة اكتشاف الذات، سنة التقرير ماذا تريد من الحياة، سنة ممكن تغير نظرتك للحياة وتجعلك تعيد ترتيب أولوياتك، سنة تعلم مهارات جديدة لطالما تمنيت تعلمها «طبخ، موسيقى، رقص، كتابة، لغة جديدة، روحانيات، إلخ». ممكن تنضم فيها إلى معهد موسيقى في إحدى الدول العربية أو كلية طبخ في أوروبا. تتعلم لغة جديدة تتعلم الخدع وألعاب الخفة تتعلم العناية بالحدائق أو أي شيء يستهويك. تفعل كل ما تريد ولكن بخطة تكسب فيها قيماً جديدة ومهارات وخبرات وأصدقاء والأهم من كل ذلك هو أن تكتشف نفسك. تغادر أهلك وأنت طفل يعرفون عنه كل شيء وتعود وأنت رجل «أو امرأة» شخص جديد يفكر بطريقة مختلفة. اعتذر عن الدراسة سنة واحمل أمتعتك وانطلق. ملاحظة: ممكن تطبيق نفس الفكرة في أي مرحلة من حياتك بعضهم في وسط دراسته الجامعية يعتذر ويسافر أو بعد التخرج. إذا تعذر السفر «خصوصاً للفتيات» ممكن محاولة تطبيق الفكرة بقدر الإمكان دون سفر إلى أن ينزل الفرج على المرأة السعودية.