هناك هم مشترك للأطباء السعوديين ممن هم على ملاك الخدمة المدنية سواء كانوا في وزارة الصحة أو خارجها من حيث عدم احتساب بدل التفرغ لأصل الراتب عند التقاعد، وقد نادى باحتسابه كثيرون وتمت مناقشته على مستويات عدة دون الخروج بنتيجة حتى الآن، وذلك لما يحدثه الوضع الحالي من هبوط حاد في راتب التقاعد يرتبك معه الوضع المالي للطبيب المتقاعد. ويزيد الأمر تعقيدا وجود سلم التشغيل الذاتي الذي لا تنطبق عليه هذه الصفة السلبية نظرا لكونه ينتمي للتأمينات الاجتماعية رغم تطابق التأهيل والوصف الوظيفي للأطباء، لكن فرق الانتماء يحدث هذا التمايز غير المبرر عملياً. هناك وعود من سنين تجاه هذا الموضوع، لكن الأمر يقتضي حلا مباشرا مرتبطا بزمن محدد لإعادة التوازن للمجال الطبي الوظيفي المملوء بالتناقضات فيما يتعلق بالموارد البشرية وكان هذا مثالا واحدا عليها. وهنا هم يتعلق بالأطباء السعوديين من الجنسين في المناطق الطرفية، حيث الشكوى المتكررة من سوء الخدمة الطبية في تلك المناطق، لكن العقل التنموي ما زال يعالج مشكلات جديدة بطرق قديمة لا تراعي المرحلة الانتقالية التي تمر بها النهضة في تلك المناطق، فلا يزال الأمر منوطا بالفرد -الطبيب هنا نموذجا- لاستنقاذ الوضع الراهن بينما تمارس «المؤسسة» الانتظار. فالأطباء حديثو التخرج من الجامعات الناشئة وغيرها الذين يزداد عددهم سنويا يعانون من إشكالية تفعيلهم في الاتجاه الصحيح، حيث يشترك في المسؤولية المؤسسية كل من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية والإدارة العامة للتدريب والابتعاث في وزارة الصحة، لأن الآلية الحالية لتأهيل الأطباء في مرحلة ما بعد التخرج هي نفسها في جميع المناطق تعتمد على المبادرة الفردية فيما تطبق المؤسسة الشروط والأنظمة على المتقدمين، وهذه آلية طاردة وغير عادلة عندما ننطلق من معيار الواقع وتفاوته وأولوياته، لتكون النتيجة بقاء المناطق الطرفية بلا كفاءات بشرية كافية. في منطقة طرفية ما عدد سكانها نحو المليون لا يوجد بها سوى استشاري باطنة واحد، واستشاري عظام واحد، واستشاري قلب واحد، واستشاري نساء وولادة واحد من السعوديين في مستشفيات وزارة الصحة، فكيف يمكن التعاطي مع الأمر إذا علمنا بوضع أسوأ في مناطق أخرى. دون مجاملة فإن الطبيب السعودي المؤهل يمثل ضمانة مهنية مهمة للمؤسسة وللمريض وهناك كثير مما يمكن قوله في هذا الشأن لولا ضيق المساحة. إن المطلوب أمران، الأول يتعلق بآلية مؤسسية جديدة لتأهيل الأطباء السعوديين حديثي التخرج في مناطقهم، ووضعهم ضمن «محاصصة» عادلة في برامج التدريب المحلي والخارجي، والثاني جعل المناطق الطرفية جاذبة لفئة الاستشاريين بطرق نوعية، لأن كل ذلك سينتهي لصالح المريض الذي يئن من وطأة الانتظار ومن تأخير المعالجة المتخصصة. يحدث الآن: طبيب سعودي في منطقة طرفية حصل على إيفاد داخلي في تخصص نادر غير موجود في منطقته تقابله «بيروقراطية» عقيمة تمنع نقل زوجته الموظفة معه فترة الإيفاد ليظل بين نارين!!