كان تأسيس الزميلة صحيفة «شمس» عام 2004 واحداً من الأحداث البهيجة التي عايشها الإعلاميون في المملكة العربية السعودية في ذلك العام. وتأكدت البهجة حين صدرت في العاشر من ديسمبر من العام التالي. كانت «شمس» الصحيفة الثانية التي تصدر من بلادنا في الألفية الجديدة بعد الزميلة «الوطن». وكلتا الصحيفتين عُرفت بشخصية ذات ملامح ما، من حيث الشكل ومن حيث المحتوى أيضاً. وواقع الأمر؛ فإن كلّ مطبوعة تدخل السوق السعودي؛ إنما هي إضافة، بشكل أو بآخر، ليس للسوق فحسب؛ بل وللمجتمع السعودي ذي التنوع الجغرافي والسكاني والثقافي. وتوقّف أي منها يعني فيما يعنيه توقف مرآة من مرايا التعبير الوطني. ومهما بلغت المنافسة بين الصحف المحلية؛ فإن أي إعلامي مخلص لمهنته يؤلمه أن تتوقف صحيفة وطنية عن الصدور، ويوجعه أن تصمت صحيفة منافسة وغير منافسة لاعتبارات ليس لها علاقة بالمسألة التجارية، بل بإحساس المهنة ذاته. إن القيمة الراسخة في تقاليد الإعلاميين وأعرافهم تتركز في أن هذه الصحف إنما هي نوافذ ومرايا وأضواء يحتاج المجتمع أن يعبّر فيها عن نفسه من خلالها. كلنا أبناء مهنة واحدة، وحاملو هاجس مشترك، ومتطلعون إلى مستقبل أكثر إشراقاً في مهنة المتاعب. وقد صدرت «شمس» شبابية، خفيفة، صغيرة المقاس، أنيقة، ومارست شجاعة مهنية من ذلك النوع الذي يبقى في العقل والقلب. ربما لم يهتمّ إعلاميون بذلك الفرق الشكلي بين مقاسها الأول ومقاسها الأخير. لكن ورقات الأنيقة «شمس» بقيت لافتة. وحين نشر موقع الصحيفة الزميلة، أمس، بيان رئيس مجلس إدارة الشركة الأمير تركي بن خالد بن فيصل الذي عبّر عن «أسفه على توقف «شمس» مفيداً بأنه تم استنفاد كل الطرق التي تكفل استمرار الصحيفة»، فإننا قرأنا هذا البيان على أنه نعي لا نريد أن نحمله على محمل الجد. «شمس» وأية وسيلة إعلام سعودية أخرى تمثل جزءاً من الإضافات الوطنية، وليست مجرد مؤسسة تجارية أو مطبوعة أخرى. كل مطبوعة سعودية إنما هي «شمس» من شموس التنوير والإصلاح والوحدة الوطنية. ومن حقّ «شمس» على رؤوس الأموال السعودية، وعلى المجتمع أيضاً، أن تستمر ساطعة ومضيئة، ليس لإنقاذ منشأة تجارية فحسب، بل لأن الإعلام الوطني في حاجة إلى أن يتنوّع أكثر، ويتنافس أكثر، ويساهم في بناء الوعي أكثر، فأكثر.