التوازن العقاري لم يخفض الأسعار بقدر ما أعادها إلى نطاقها الصحيح، ليُعيد التقييم العقاري إلى مركز القرار، فأصبحت البنوك تموّل بثقة أعلى، وأصبح السوق أقل عرضة للفقاعات، وصار أكثر قُدرة على دعم الناتج المحلي بشكل مستدام.. فالسوق اليوم لا يُدار بالمزادات ولا بالشائعات... بل بالأرقام في انتقائية تصحيحية تعكس نضجًا في السوق السعودية العقارية، وتؤكد أننا أمام مرحلة فرز سعري صحي، لا موجة هبوط عشوائية. وبالتالي فتدخل الدولة... كان ضروريًا، إذ لو تُرك السوق ليستمر بالوتيرة السابقة، لكانت النتيجة تضخمًا أكبر، واتساعًا أعمق في فجوة التملك. فكانت كلمة الفصل بتوجيهات سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بخمسة إجراءات مفصلية، يمكن وصفها بأنها إعادة هندسة للسوق العقارية في الرياض، لا مجرد قرارات إسعافية، فلم تستهدف هذه التوجيهات خفض الأسعار بحد ذاتها، بل إعادة ربط السعر بالقيمة الفعلية، وهو الفارق الجوهري بين تنظيم السوق وكسره. إنها خماسية هندسية عقارية بدأت برفع الإيقاف عن مساحات واسعة شمال المدينة، وتوفير ما بين 10 إلى 40 ألف قطعة سكنية سنويًا، وتعديل رسوم الأراضي البيضاء، وضبط العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وأخيرًا مراقبة الأسعار بشكل دوري... كلها إجراءات تعالج أصل المشكلة، لا أعراضها. لنرى بالفعل العملي لا القولي أن التوازن العقاري له تأثيره المباشر على البنوك والتمويل، فقبل التوازن: كان هناك تضخم ضمانات ومخاطر صامتة لتواجه البنوك تحديًا ثلاثيًا حقيقيًا من: (أصول ممولة بأسعار سوقية مرتفعة لا تعكس القيمة العادلة مع ارتفاع نسب التمويل إلى القيمة (LTV) فعليًا، وإن بدت نظاميًا ضمن الحدود حتى توسع محافظ التمويل العقاري على أساس تقييمات متأثرة بالسوق لا بالأسس). هذا الوضع شكّل، ضغطًا على جودة الأصول وأبرز مخاطر كامنة في حال حدوث أي تصحيح سعري مفاجئ تبعهُ تضخمًا غير حقيقي في القيمة الدفترية للأصول العقارية الممولة. لكن بعد التوازن: أصبح تمويل مبني على القيمة لا السعر، فتغيّرت معادلة التمويل جذريًا، حتى صارت التقييمات أقرب إلى تكلفة الاستبدال وليس سعر التداول، كما تقلّصت الفجوة بين مبلغ التمويل والقيمة العادلة، وتحسّنت جودة الضمانات العقارية. إن وجود وحدات سكنية بتكلفة نهائية تتراوح بين 900 ألف و1.2 مليون ريال أعاد للبنوك نقطة ارتكاز واضحة في نقاط ثلاث: (تسعير المخاطر- تحديد نسبة التمويل -احتساب المخصصات)، وهذا يصب مباشرة في تعزيز الاستقرار المالي، لا فقط العقاري. إن منصة التوازن العقاري يُعد معيار جديد للتقييم والتمويل، فمن الناحية المصرفية والتقييمية، تمثل منصة التوازن العقاري قاعدة بيانات سعرية موثوقة، لسعر أرض معلوم، ومساحة ثابتة (300 م2) وموقع داخل النطاق العمراني وأخيرًا تكلفة بناء قابلة للقياس.. وذلك مَكَنَ المقيّمين من رفع دقة التقارير، ومكن البنوك من اعتماد قرارات تمويل أكثر تحفظًا وواقعية، وقلص التباين بين تقييم بنك وآخر.. لتكون النتيجة( انخفاض المخاطر النظامية على القطاع المالي المرتبط بالعقار). مقارنة رقمية: السوق العقارية في الرياض قبل وبعد التوازن المؤشر قبل التوازن العقاري بعد التوازن العقاري نطاق أسعار الأراضي في أحياء المضاربات تضخم تجاوز 40–60% عن القيمة العادلة تصحيح فعلي بتراجعات 17% – 31% الفجوة بين السعر والقيمة (حسب التقييم) فجوة مرتفعة وغير مبررة فجوة محدودة ومتصلة بالتكلفة الحقيقية استقرار الأحياء المكتملة الخدمات تذبذب محدود بسبب عدوى المضاربة استقرار أو تراجع طفيف 3% – 8% تكلفة التملك النهائي (أرض + بناء) غير واضحة ومتغيرة 900 ألف – 1.2 مليون ريال مرجعية الأسعار تداولات فردية ومزادات مضاربيةأراضٍ حكومية بأسعار محددة (≤1500 ريال/م2) مستوى المخاطر التمويلية مرتفع (تضخم ضمانات) منخفض نسبيًا (تقييم أقرب للواقع) دور التقييم العقاري استشاري ثانوي أداة ضبط رئيسية هذه الأرقام تعكس تحولًا جوهريًا من سوق قائم على التوقعات إلى سوق تحكمه البيانات والتكلفة والقيمة.