هل وصلتك رسالة من رئيس شركتك أو مديرك في العمل بأنه يوجد لديكم اجتماع؟؟ إذن كان الله في عونك واعلم أن المؤمن مبتلى واعلم أنه شرٌّ لا بد منه؟؟ أعرف.. أعرف، ستقول لي بأنه في بداية الاجتماع يلقي عليكم تلك العبارة المخدرة المعلبة مستهلا بها كلامه فيقول (أتمنى أن يكون الكلام بيني وبينكم، أخذ وعطاء وألا يكون من طرف واحد) وأعرف بأنه إذا بدأ الكلام فإنه سيستمر ويواصل ويناضل حتى يفرغ لعابه وتدور رؤوسكم ويحين قطافها. سيزعم بأنه يود أن يكون إيجابياً، والحقيقة أن مفرداته كلها ستكون أدوات لغرف أخطائكم: «أنتم تتأخرون/ تتغيبون/ لا تفهمون»، ستشك أن الذي يسير تحت جلدك ليس دماً من كريات وصفائح بل سلبيات ونقائص، وبعد تلك الجولة الكلامية يترك المايكروفون للمترنحين فهم مابين حالين إما أن يشاركوا ويتلفظوا بكلام غير مفهوم لا يستقيم، أو تجدهم يبحثون عن مخرج الباب ليفروا بجلدهم.. أتساءل لماذا إلى هذه اللحظة لا تزال أمثال تلك الاجتماعات الإلقائية النمطية الأحادية موجودة ؟؟؟ عزيزي الموظف.. وحتى لا يضيع وقتك سدى فدونك نصائح ومشاريع عملية لاستغلال أمثال تلك الاجتماعات: - حياتك غالية، كم مرة أردت أن تخطط لحياتك وانشغلت في زحمة العجلة الحياتية السريعة، الآن حان الوقت لتقف وقفة جادة مع نفسك وتخطط لمستقبلك، ففي جلسة الاجتماع كل ما حولك صامت يدعو إلى التأمل (ما عدا صوتاً واحداً). - هل تعلم أن إغفاءة أو نوم خمس دقائق في العمل قد تزيد من معدل إنتاجك، إن شركة جوجل فطنت لهذه المعلومة فقامت بتوفير أسرّة وأماكن نقاهة لموظفيها، أما أنت – عزيزي القارئ- فشركتك لم تفطن بعد لهذه المعلومة ولن تفطن أبداً، ولكن قامت بتعويضك باجتماع يقوم بتنويمك طبيعياً وبلا عراقيل. - صلة الرحم، كم فرطت في حق التواصل مع أرحامك، أخرج جوالك وأرسل لهم عبر تلك الشبكات التي تملأ ذاكرة جهازك، أرسل لهم وأخبرهم عن حقيقة مشاعرك وكم تحبهم.. «يروى عن جحا أنه صعد يوماً إلى المنبر وقال: أيها الناس هل تعلمون ما أقول لكم ؟ قالوا: لا، فقال: طالما أنكم لا تعلمون ما سأقول فلا فائدة من الحديث مع الجهال ونزل ولم يخطب، بعد أيام صعد مرة أخرى يخطب في الناس قائلاً : أيها الناس هل تعلمون ما أقول لكم ، قالوا : نعم نعلم ، قال : طالما أنكم تعلمون ما أقول فلماذا أعيده عليكم!! ونزل ولم يخطب . بعد ذلك اتفق الناس أن بعضهم يقول نعلم وبعضهم الآخر يقول لا نعلم، جاءت المرة الثالثة تنحنح كعادته ثم قال : هل تعلمون ما سأقول لكم ؟ أجاب بعضهم نعم وبعضهم الآخر لا ، فرد عليهم :هذا رائع فليخبر العالم الذي لا يعلم، ونجا من الخطبة». تُرى ؟؟ كم من مديرينا من هو بحاجة ولو قليلا من حكمة الصمت الجحوية؟؟