دمج 267 منصة حكومية ضمن "الحكومة الشاملة" لتحسين الخدمات الرقمية    السفارة السعودية في الفلبين تحث المواطنين على البقاء في مساكنهم خلال فترة هطول الأمطار    القيادة تهنئ ملك بلجيكا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    جمعية نجوم السياحة وفريق "صواب التطوعي" يوقعان اتفاقية تعاون    مركز التنمية الاجتماعية بحائل يفعّل مبادرة "تعرف علينا"        جمعية عين لطب العيون تطلق مشروع "اعتلال الشبكية    توزيع أكثر من 1.3 مليون وجبة إفطار صائم في المسجد النبوي    فريق EVOS Divine الإندونيسي يفوز بلقب بطولة Free Fire    ارتفاع أسعار النفط    رئيس دولة فلسطين يحذر من استمرار جريمة التجويع    أنهار قديمة تحت الجليد    الذكاء الاصطناعي يخترق خصوصيتك    طريقتان سريعتان لتخفيف التوتر    الثقافة العلاجية: بين التمكين والمبالغة    تأثير القهوة على نشاط الدماغ    الردّف.. عبق التاريخ وجمال التطور    خادم الحرمين يتلقى رسالة من ملك إسواتيني    فرنسا: الإفراج عن اللبناني جورج عبدالله بعد 40 عاماً في السجن    وزير النقل ل«الرياض»: 77 مشروعًا نوعيًا بمطار الدمام.. ونمو الحركة الجوية 35 %    قائد يصنع المستقبل    "اتحاد القدم" يتلقى اعتذاراً رسمياً من الهلال عن المشاركة في كأس السوبر السعودي 2025    انطلاق منافسات بطولة العالم للبلياردو 2025 في جدة    الكابتن عمر الثاقب ل«الرياض» بعد فوزه بالذهبية: تنظيم بطولات البادل بالمملكة يرفع مستوى الوعي بها ويشجع على ممارستها    ريال مدريد لا يمانع رحيل روديغر للدوري السعودي    صفقتان فرنسيتان تعززان دفاع نيوم    فهد بن سلطان يشيد بأعمال "الأمر بالمعروف"    تقرير "911" على طاولة نائب أمير الرياض    الأمن الداخلي ينتشر والمساعدات تتدفق.. عودة تدريجية للاستقرار في السويداء    مكافحة التعصب الرياضي    محمد بن عبدالعزيز يتسلم تقرير التعليم    ضبط 21058 مخالفًا للإقامة والعمل وأمن الحدود    المرور: 300 ريال غرامة قيادة الدراجة الآلية بدون رخصة    "قبول" تكشف مزايا الفرص الإضافية ل"تسكين الطلاب"    دراسة: الهواتف الذكية تساعد في الكشف عن الزلازل    إدانة نائبة أمريكية في قضية سرقة قطة    «قصبة المضمار»    نجوم الغناء العربي يشاركون في موسم جدة    أرملة محمد رحيم تتهم عمرو دياب بسرقة لحن    " الثقافة" تطلق منحة الأبحاث المرتبطة بالحرف اليدوية    «فنون المدينة» «تحكي قصصًا»    الإكوادور تسلّم الولايات المتحدة زعيم أخطر عصابة لتهريب المخدرات    جمعية "واعي جازان " ومركز مسارات يسلطان الضوء على ظاهرة الطلاق العاطفي    رصد 18 مكتب استقدام مخالفاً في الربع الثاني    8.5 ألف متدرب بمبادرة "رافد" العام الماضي    بعد غيبوبة طويلة مؤثرة في المشاعر.. الأمير الوليد بن خالد بن طلال إلى رحمة الله    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الوليد بن خالد    مكة والمدينة تتصدران متوسط مدة الإقامة بالفنادق    التنظير بين التجربة الشخصية والحكم على الآخرين    تداوليغلق على تراجع    القطاعات غير النفطية تعزز النمو الصناعي    61 ألف مستفيد من الإرشاد بالمسجد النبوي    أمير تبوك يستقبل مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    أمير تبوك يواسي الدكتور عبدالله الشريف في وفاة والدته    أمير منطقة جازان يستقبل رئيس مجلس إدارة كلية "منار الجنوب" للعلوم والتقنية    86 ألف مكالمة في يوم واحد إلى مركز 911    مطلقات مكة يتصدرن طلبات النفقة المستقبلية باستقطاع شهري    دراسة: البيض لا يرفع مستويات الكوليسترول الضار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبعاد حروب الأنفاق وانتشارها ومخاطرها

من المعروف أن النفق عبارة عن ممر تحت الأرض. والأنفاق تتفاوت في أطوالها وعرضها واستخداماتها، هذا وقد عرفها الإنسان منذ قديم الزمان حيث كانت إما توجد بصورة طبيعية نتيجة تحلل التربة بواسطة المياه الجارية أو في المناجم التي يتم حفر أنفاق كبيرة وطويلة لاستخراج المعادن النفيسة والتي أصبح بعض منها من المعالم السياحية في بعض الدول. كما توجد أنفاق تؤدي إلى كهوف كبيرة استخدمت كملاجئ أوقات الحروب والأزمات. أما في عصرنا الحاضر فإن الأنفاق أصبح لها أنواع واستخدامات متعددة منها:
* أنفاق الخدمات العامة تستخدم لنقل المياه أو خطوط الغاز والبترول أو مياه المجاري.
* أنفاق تستخدم في أغلب مدن العالم لتسهيل حركة المرور أو في المواصلات تحت الأرض بواسطة القطارات وذلك لتقليص المسافات واجتياز العقبات أو فك الاختناقات.
* هناك أنفاق مواصلات نفذت تحت البحر ولمسافات طويلة ومن أشهرها نفق بحر المانش بين بريطانيا وفرنسا بطول يصل إلى (34)كلم. ونفق مرمرة تحت بحر البسفور في تركيا وهو أول نفق يربط بين قارتي آسيا وأوروبا في مدينة اسطنبول.
* الأنفاق الحربية وهذا ما نحن بصدد الحديث عنه في هذا المقال وتشمل:
أنفاق نفذت في العصور الوسطى تحت القلاع والحصون من أجل استخدامها ممرات سرية وأحياناً للعبور تحت جدران هذه القلاع لمهاجمتها والدخول إليها.
أما في العصر الحديث فإن أشهر من استخدم الأنفاق الفيتناميون في حربهم ضد فرنسا ومن ثم ضد أمريكا خلال الحرب الفيتنامية. حيث كانت الأنفاق سبب هزيمة أمريكا ومن قبلها فرنسا ولعل من أشهر الأنفاق التي نفذت في فيتنام نفق كوتشينغ وهذا النفق عبارة عن نظام من الأنفاق يقع في الشمال الغربي لمدينة سايقون والتي تسمى (هوتشي منه حالياً) ويبعد (70) كلم عنها وكان طول النسخة الأصلية لهذه الأنفاق (200)كلم ولكن لم يتم الاحتفاظ بسوى (120)كلم وقد قام الفيتكونغ ببناء هذه الأنفاق خلال حرب فيتنام وكانت تشتمل على المستشفيات والمطابخ وغرف النوم وقاعات الاجتماعات ومخازن السلاح. ولعل هذه الأنفاق من أهم التكتيكات التي اشتهرت بها المقاومة الفيتنامية وسجلت نجاحاً منقطع النظير.
لقد كان للأنفاق وظائف دفاعية وهجومية كما كان لها أهمية في مرحلة التحضير والاعداد للهجمات الاستراتيجية وذلك على الرغم من انها أنفاق بدائية احتاجت إلى صبر ومثابرة وقدرة على التحمل. وقد صممت بحيث يصبح تحت كل قرية عادية قرية تحتية سرية مقاتلة كما أن لكل نفق خرائط تختلف عن الأنفاق الأخرى ومن منطقة لأخرى حتى يصعب الاستفادة من سقوط أحدها في السيطرة على الأخرى. ولاشك ان شبكة الأنفاق هذه كانت الفيصل في هزيمة أمريكا وخروجها المذل من فيتنام عام (1976).
اليوم تستعمل هذه الأنفاق كمزار ومعلم سياحي وذكرى تاريخية يحكي كفاح الشعب الفيتنامي من أجل حريته واستقلاله. هذا وقد وضع في كوتشي لافتة ضخمة أمام الزوار كتب عليها «من فضلك حاول أن تكون أحد ثوار كوتشي ارتد هذه الملابس قبل دخول النفق» بيجامة سوداء، خوذة لب الأشجار، صندل المطاط، كما تتوفر بنادق قديمة وتتوزع بين الأمكنة حفر بحجم حوض السباحة كتب عليها «حفرة بي - 52» كما تتوزع بين الغابات أكشاك بيع الهدايا التذكارية التي تبيع أشياء مثل ولاعة أو قلم أو سلسلة مفاتيح (مصنوعة من رصاصة) أو صندل مطاطي أو قميص كتب عليه «لقد زرت أنفاق كوتشي».
اليوم أنفاق كوتشي التي ابتدعها الفيتناميون يتم استنساخها وتطويرها من قبل عدة دول ومنظمات يأتي في مقدمتهم كوريا الشمالية التي صدرت الخبرة إلى إيران وهذه بدورها صدرت الخبرة إلى حلفائها أمثال حزب الله في جنوب لبنان والحوثيين في اليمن وربما غيرهم ممن يسير في ركاب نظام الملالي في طهران. ولهذا يجب علينا أن نكون واعين كل الوعي لما يمكن أن يشكله استخدام الأنفاق من مخاطر حيث يمكن ان يستخدمها عملاؤهم من المتطرفين والإرهابيين وغيرهما أياً كان انتماؤهم أو تحالفاتهم خصوصاً مع خلط الأوراق الحاصل في المنطقة وذلك لعبور الحدود من أجل تهريب المخدرات أو الأسلحة أو المخربين أو غيرها من الأمور ذات الأبعاد الأمنية أو الوصول إليها.
* أنفاق المقاومة في غزة:
المثل المعروف يقول «الحاجة أم الاختراع» وهذا المثل أكثر ما ينطبق على غزة وسكانها حيث يعيش ما يقارب (1،8) مليون من البشر في مساحة ضيقة جداً تقدر ب (40x8 = 320 كلم2) وهي أشبه ما تكون بسجن كبير حيث هي محاصرة من جميع الجهات وعلى مدى سنوات بالإضافة إلى انها ترزح تحت آلة الحرب الإسرائيلية متى ماعن لمجرمي الحرب فيها شن هجوم أو حرب عليها كما هو دائر هذه الأيام
كل هذا وغيره دفع بغزة وأهلها إلى اللجوء إلى كل وسيلة تساعدهم على البقاء على قيد الحياة وحمايتهم من جبروت الآلة العسكرية الإسرائيلية وكانت الأنفاق أحد الوسائل التي برع فيها الغزيون مستفيدين من تجارب الآخرين في فيتنام وغيرها إلاّ أنهم طوروها بحيث تصبح ذات مهام عسكرية وأمنية واقتصادية على الرغم من بدائيتها ومخاطرها وتكاليفها. فهي أفضل وسيلة للتسلل خلف خطوط العدو ومفاجأته والوصول إلى مدنه وقراه وتحصيناته العسكرية وتفادي نقاط مراقبته وقد كان لهذا التكتيك دور فاعل في مقتل عدد كبير من الجنود الإسرائيليين وتدمير عدد كبير من معداتهم في حرب غزة الأخيرة.
أما الناحية الثانية فإنها تستخدم ملاجئ للمقاتلين والقيادات الفلسطينية ولهذا فشلت إسرائيل في تصفية أي من قادة الفصائل بينما تمكنت في الماضي من تصفية عدد منهم مثل أحمد ياسين وعبدالعزيز الرنتيسي وغيرهما حيث كان يسهل على عملاء الموساد تحديد أماكن تواجدهم، أما اللجوء إلى الأنفاق فإنه يجعل تتبعهم والقضاء عليهم مستحيلاً. والفائدة الثالثة للأنفاق هي استخدامها للحصول على التموين والدواء والسلاح وغيرها مما يحتاجه المحاصرون من مقومات الحياة وبالتالي الصمود في وجه العدو. ورابعاً حفر الأنفاق أصبح يستعمل لضرب عصفورين بحجر واحد أحدها حفر الأنفاق بحد ذاته للمبررات والأهداف الآنفة الذكر والثاني لإشغال الشباب والمقاتلين بمهمة ينفذونها وقت الهدوء فحفر الأنفاق مهمة حربية لا تقل أهمية عن الحرب نفسها لما تمثله من وسيلة عسكرية وأمنية واقتصادية لكل منها أهميته في صمود غزة أمام جبروت الأعداء وشماتة العملاء.
نعم إسرائيل تقف عاجزة من الوصول إلى المقاومين ولذلك تصب جام غضبها وحربها وجبروتها على المدنيين خصوصاً النساء والأطفال وكبار السن وهذا ليس بمستغرب عليهم فهذا ديدنهم في كل مرة فقد نفذوه في جنوب لبنان وفي غزة أكثر من مرة وفي الضفة ولذلك لابد لأهل غزة أن يبتكروا وسيلة لحماية المدنيين مثل المخابئ الجماعية المحصنة والسرية والأنفاق تحت المدينة بحيث يصبح هناك غزتان إحداهما فوق الأرض والأخرى تحت الأرض ناهيك عن إقامة المستشفيات والمستودعات والملاجئ تحت الأرض حتى تقتصر الخسائر على النواحي المادية دون الأرواح التي يراهن على قتلها العدو.
اليوم إسرائيل تستعين بخبرة الروس ومهندسي الجيش الأمريكي في التصدي لحرب الأنفاق وذلك بعد أن أعيت الحيلة والخبرة والقدرة الإسرائيلية التعامل مع أنفاق المقاومة الفلسطينية.
نعم لو كانت إسرائيل تكتفي بما أخذت من أرض فلسطين وتعمل على ان تكون جزءا من تنوع المنطقة فربما يكون ذلك أحد مبررات التطبيع معها ولكن إسرائيل تعمل الليل والنهار من أجل تدمير كل ما هو عربي وإسلامي وتعتقد أن بقاءها مرهون بتدمير البنى التحتية والفوقية للدول العربية حكومات وشعوباً، ولذلك تسعى بكل ما أوتيت من مخابرات وقدرات ودعم مادي ولوجستي من الغرب على ضرب العرب في الصميم والتحالف مع إيران من أجل تنفيذ أجندتها وما يحدث في العراق وغيرها لا يعدو ان يكون غيضا من فيض لاكمال سيناريو الفوضى الخلاقة (المدمرة) والتي عمت دول الخريف العربي، لذلك لابد من الابقاء على شيء من المقاومة التي تمكن من المناورة وذلك قبل ان تسقط جميع أطراف المقاومة التي هي السبيل الوحيد للتعامل مع العدو لأنه لا يفهم غيرها ولأنه ثبت أنه أقدر على الجيوش النظامية كما حدث في (1967)م والله المستعان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.