فركت عيني عندما سمعت صوت حركته، أزاح غطاءه بدأ كأنه يستذكر حلماً رومانسي النغمات، فطغى لحنا سامريا. (قلت اوقفي لي وارفعي البوشية) جر قدميه وهبط من السرير. وقف فأحس بدوار أطاح به صداع قوي وجعلت من نفسي كأنني غمت في بعيد، غسل وجهه وتناول قارورة الكلونيا فنثر قطرات منها، وطلب قهوة تركية التي شاركته متعة تذوقها بحب وشيء من ترقب للنتيجة. تظاهرت بهذه وصلة سحب لهفتي، الثالثة فجرا، وعلى طريقة يوسف وهبي صرخت بالطريقة التمثيلية ذاتها (يا للهول). لقد بدا مهموما وكان محمد بن لعبون يزيده ألما على ألم وهو يردد (يا جر قلبي جرهن الغصون وغصون سدر جرها السيل جرا). نزل سريعا لا يدري ماذا يفعل في مثل هذه الساعة. أذان الفجر صدح مهللا بالحق. عجبت منه كيف يترك صلاة الفجر جماعة، لكني عذرته فقد تبخر نور وجهه أمام الناس والخوف من الناس أكثر من رب الناس. نزل سريعا للدور الأسفل مع بقايا نوم ودوخة جعلته يتعثر فتُكسر قدمه رحمة من رب العالمين. عندما دخلنا المستشفى رغم ألمه لم ينس العبث بجواله، الذي أخبره أن الخميس مر واليوم هو الجمعة وانه نام نوما عميقا جيدا نظر لي بشك ونظرت له بشك أكبر ذكرت قصيدة (البحتري والذئب). قال ماذا فعلت بي؟ رسمت علامة دهشة قوية على وجهي وقلت(عفوا ماذا أفعل بك وانت الذي انمتني كل هذه، يتأرجح قلبي لكني وضعت يدي على خصري وقلت ماذا كنت تنوي ان تفعل؟ لماذا أصررت أن أشرب العصير كله، لماذا أبعدت الأبناء عن المنزل ؟ رأيته قد تغير لونه وكان قد وقع في فخ، أنا تحسبت لفكرتي ان تطرأ على باله غيرت كأسي ووضعت حبتي منوم في كأسه. كل ذلك قد يبدو سيناريو لفيلم لكنه الحقيقة التي توشت وتدثرت، وذهب لصلاة الجمعة كسيرا. والحكاية الخاتمة تكون في ان أباها عندما اتصل به معتذرا بسبب النوم تتعثر الكلمات مترادفة خزيا وألما، رد الأب وهو يصون كرامته بقوة، قال له : لعل بالأمر خير فالله يختار ما يشاء وهو يسوقنا لقدرنا، وقدرها تغيرت بوصلته البارحة، لقد عقد قرانها بنفس الليلة لابي منصور وكلاهما سعيد وانت سعيد، احفظ بيتك.) انتهى الامر لكن لازال الخوف يعشش بقلبي، وأفكر لماذا؟ في قيلولة ذلك اليوم حضرت هيلة المهرة السوداء بغرة بيضاء في كل جلال جمالها تمرح مبتهجة في مرج أخضر يتلون خضارة بكل جمال تدرجت ألوانه. كانت تقفز فيتداخل في نظري ذيلها الجميل مع رأسها. كنت أفكر يا لجنتها.. يعيدني من بهجة الحلم بهجة وصول الابناء من دبي مبتهجين سعيدين وفرحين بهذا الكرم الأبوي، فيما تفتح ابنتي الكبرى علبة هدية جميلة لي أوصاها والدها بإحضارها لي كانت عبارة عن طقم الماس ممزوج بالزبرجد الاخضر تختلف درجات لونه كما كان في المرج الاخضر. لم أستطع إخفاء فرحتي الممزوجة بحلمي الجميل. لم يكن حلماً ولم يكن سيناريو لفيلم او مسرحية كان واقعا يذكرنا بمقولة اخرى ليوسف وهبي (ما الحياة الا مسرح كبير). هنا بقيت الستارة مواربة تنتظر جواباً(لماذا؟)