دخل النزاع الدموي في سورية الذي حصد أرواح اكثر من 146 الف إنسان، عامه الرابع أمس، من دون أي بارقة أمل بقرب انتهائه، فرئيس النظام بشار الاسد لا يزال في السلطة فيما المعارضة منقسمة على نفسها وتخسر المزيد من المواقع. وفي مؤشر على ان النظام ليس مستعداً للمصالحة، أقر مجلس الشعب السوري مشروع قانون يمهد الطريق امام اعادة انتخاب الرئيس الاسد لولاية جديدة ويقصي عملياً معارضيه المقيمين في المنفى من حق الترشح. وردت الولاياتالمتحدة الجمعة بالتعبير عن "اشمئزازها" من عزم النظام السوري تنظيم انتخابات رئاسية عزز فيها بشار الأسد كل حظوظه للفوز فيها. وبعد 14 عاماً على توليه السلطة، لم يعلن الاسد بعد رسمياً عزمه على الترشح لولاية جديدة في الانتخابات المقرر اجراؤها قبل تموز/يوليو، الا انه سبق وان قال لوكالة (فرانس برس) في كانون الثاني/يناير ان هناك "فرصا كبيرة" لترشحه للرئاسة. ولم يتم الاعلان بعد أيضاً عن الموعد المحدد لإجراء هذه الانتخابات، إلا ان دعوة الناخبين يجب أن تتم قبل 60 الى 90 يوماً من انتهاء ولاية الاسد في 17 تموز/يوليو. وستجري الانتخابات في بلد مزقته حرب اهلية ويعاني من ازمة انسانية غير مسبوقة واقتصاده منهار. وقبل اربع سنوات، في غمرة "الربيع العربي" الذي عم العديد من الدول العربية وأطاح الرئيسين التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك قبل ذلك باسابيع، خرجت في عدد من الشوارع السورية يومي 15 و16 آذار/مارس تظاهرات سلمية احتجاجا على اعتقال اطفال لانهم كتبوا شعارات مناهضة للنظام على الجدران. ومع استخدام النظام الحديد والنار لقمع هذه التظاهرات، بدأ المحتجون شيئاً فشيئاً يحملون السلاح ابتداءً من الصيف، الى ان تحول النزاع في شباط/فبراير 2012 الى حرب شاملة مع قصف حمص. وفي غضون السنوات الثلاث الاخيرة قتل اكثر من 146 ألف شخص وهجر اكثر من تسعة ملايين آخرين من بيوتهم، ليشكلوا اكبر تجمع للاجئين والنازحين في العالم، بحسب الاممالمتحدة. وهناك اكثر من مليون طفل محرومين من المساعدات الانسانية بحسب اليونيسف، واكثر من 250 الف سوري محاصرين بحسب الاممالمتحدة، وهؤلاء مخيرون "بين المجاعة او الاستسلام". ومنذ ربيع 2013 بعد سلسلة من التراجعات، استعاد النظام زمام المبادرة واخذت قواته، مدعومة بمقاتلي "حزب الله" اللبناني ومقاتلين شيعة عراقيين جندتهم قوات النخبة الايرانية، تشن الهجوم تلو الاخر لاستعادة مدينة تلو الاخرى من أيدي المعارضة. وحاليا تسيطر المعارضة على مساحة من الاراضي اكبر من تلك التي يسيطر عليها النظام الا ان الفارق بين الاثنين هو ان المناطق الخاضعة لسيطرة النظام هي الاكثر اكتظاظا بالسكان. وفي أحدث حلقة في مسلسل "الانتصارات" العسكرية لقوات النظام، نجح الجيش السوري مدعوما بمقاتلي "حزب الله" في الدخول الى مدينة يبرود التي تعتبر احد آخر معاقل المعارضة على الحدود مع لبنان. وفيما النظام يستعيد المدينة تلو الاخرى، لا تزال المعارضة منقسمة على نفسها وتنخرها "جماعات جهادية". ومنذ كانون الثاني/يناير 2014 تدور حرب شرسة بين مقاتلي المعارضة وغالبيتهم من الاسلاميين وجبهة النصرة من جهة و"الدولة الاسلامية في العراق والشام". لكن يبدو أن أياً من الطرفين، قادران على حسم المعركة عسكرياً. وقال آرون لاند رئيس تحرير موقع "سيريا ان كرايسيس" الالكتروني ان "الخلافات القوية في صفوف مقاتلي المعارضة اتاحت للاسد ان يحقق مكاسب على الارض لكن هذه المكاسب غير كافية لتغيير الوضع او افساح المجال امامه لاستعادة السيطرة على كل انحاء البلاد". وعلى الصعيد الدبلوماسي فان الازمة وصلت ايضا الى طريق مسدود. وقد بدد فشل مفاوضات جنيف في كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير التي جمعت للمرة الاولى ممثلين عن النظام السوري والمعارضة، الآمال الدبلوماسية بالتوصل الى حل سياسي للنزاع رغم نفي العواصم الغربية ذلك. وحذر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون على غرار مبعوثه الى سورية الاخضر الابراهيمي الجمعة من تداعيات اعادة انتخاب الرئيس السوري مرة جديدة، على عملية السلام في جنيف، داعيا روسيا وايران الى ممارسة ضغط على النظام السوري للعودة الى طاولة المفاوضات في جنيف بشكل "بناء أكثر". لكن رحيل الرئيس السوري عن السلطة الذي كان يطالب به الغربيون في بداية النزاع لم يعد كما يبدو مطروحاً.