خلال السنوات القليلة الماضية ترددت في الوسط الاقتصادي والصناعي في المملكة نوايا الهجرة إلى بعض دول الخليج وذلك من خلال نقل تجارتهم إلى هناك في سبيل الهروب من التعقيدات الإدارية والاجتماعية والبيروقراطية الإدارية التي أصبحت تعيق استثماراتهم ومن اجل الاستفادة من التسهيلات التجارية والإدارية التنافسية التي أصبحت تقدم في تلك الدول.. هذه النوايا امتدت في بعضها إلى حقائق وأفعال محدودة .. لذلك ظل هذا الموضوع مدار نقاش وبحث كبير ومشكلة ما بين القطاع الخاص والجهات الرسمية المعنية بذلك خلال السنوات الماضية.. طبعاً حول هذا الموضوع الجميع اطلع على الخبر الذي نشرته وسائل الإعلام ومنها صحيفة الشرق الأوسط وذلك بتاريخ 3/7/2005م والذي تضمن صدور توجيه سمو ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني لكافة الجهات الحكومية بإيجاد آليات عمل وحلول عملية وعاجلة لمعالجة معوقات الاستثمار المحلي والأجنبي في السعودية، وإزالتها لتحسين المناخ العام للاستثمار. وشدد سموه على أن تتولى الهيئة العامة للاستثمار بالاتفاق مع الجهات المعنية متابعة تطبيق الاتفاقيات التي تعمل على إزالة معوقات الاستثمار على أن يتم الرفع له بنتائج تطبيق تلك الاتفاقيات كل ثلاثة أشهر لمتابعة تنفيذ الجهات الحكومية لتلك التوصيات. وبناءً على ذلك بادرت الهيئة العامة للاستثمار بتزويد كافة الجهات الرسمية بنسخة من توجيه سمو ولي العهد للاعتماد، مع تنفيذ كافة التوصيات.. المهم في هذا الخبر انه قد تضمن إيضاح أهم المعوقات والاحتياجات والمتطلبات لتنمية الاستثمار في المملكة والتي تمثلت فيما يلي: - تقليص فترات الحصول على ترخيص الاستثمار والسجل التجاري. - الموافقات لبدء المشاريع الأجنبية والسعودية لأنشطتها في السعودية. - منح تسهيلات خاصة للمشاريع ذات الإسهام الكبير في الناتج المحلي الإجمالي في استقدام العمالة الأجنبية التي تحتاجها. - إعطاء تسهيلات في الاستقدام للمنشآت التي تقوم بتوظيف أعداد كبيرة من السعوديين أو التي تلتزم بنسبة السعودة. - إيجاد آليات لحل الصعوبات التي تواجه مختلف القطاعات الاستثمارية، مع التركيز بصورة خاصة على دعم منشآت القطاع الصناعي، ومنحها فترات إعفاء جمركي أطول، وتوفير العمالة التي تحتاج إليها مع الأخذ في الاعتبار الطبيعة الخاصة لهذا القطاع. - تسهيل حصول المستثمرين الأجانب على تأشيرات دخول السعودية عبر سفاراتها مباشرة من دون الحاجة إلى خطاب دعوة كما كان معمولاً به في السابق، ويشمل جميع دول منظمة التعاون الاقتصادي وعددها ثلاثون دولة. - إنشاء مكاتب خاصة للهيئة العامة للاستثمار في عدد من سفارات السعودية في الخارج تختص بإنهاء معاملات رجال الأعمال وتقديم التسهيلات والمعلومات للمستثمرين الأجانب الراغبين في الاستثمار في السعودية من خلال مشاركة مستثمرين سعوديين أو من خلال إقامة مشاريع خاصة بهم 100 في المائة وهو الحق الذي كفلته لهم أنظمة الاستثمار الجديدة في السعودية، - تطوير إجراءات البيئة القضائية في السعودية ودعم أجهزة القضاء وفض المنازعات، ومتابعة إنشاء المحاكم التجارية، وذلك لتحديد جهة واحدة مختصة لمعالجة التعدد في أجهزة السلطة القضائية، وتوفير المزيد من الشفافية والضمانات للاستثمارات المحلية والأجنبية، وما يترتب على ذلك من توفير للجهد والمال. - ضرورة تفعيل دور مراكز الخدمة الشاملة في الهيئة العامة للاستثمار لتكون التطبيق الحقيقي لمفهوم النافذة الواحدة، من خلال ضم مندوبين جدد لعدد من الجهات ذات العلاقة ومنحهم الصلاحيات اللازمة وتقليص فترات إنهاء الإجراءات في المراكز، وتصميم برامج تدريبية لموظفي الهيئة والجهات ذات العلاقة بالاستثمار لإكسابهم المهارات اللازمة للتعامل مع المستثمرين بالصورة التي تعكس اهتمام حكومة المملكة بجذب الاستثمار، وتفعيل مشاركة المرأة في النشاط الاستثماري. - إنشاء مكاتب للهيئة العامة للاستثمار لاستقبال المستثمرين في مطارات السعودية. - تسهيل إجراءات تخليص البضائع في منافذ السعودية وتقليص الفترات الزمنية لإنهائها - إعطاء حوافز خاصة للمستثمرين السعوديين والأجانب الذين يقومون بإنشاء مشاريع استثمارية في بعض مناطق المملكة الأقل نمواً ومنح تسهيلات فيما يتعلق بالعمالة والقروض الممنوحة للمشاريع الاستثمارية في تلك المناطق، بحيث يتم البدء بعدد من المناطق، ومن ثم تعميم التجربة على المناطق الأخرى، على أن تعمل وزارة النقل والمؤسسة العامة للموانئ والهيئة العامة للاستثمار بإعداد خطة عمل مدعومة بدراسة تشخيصية لعمل الموانئ بالمملكة، والخروج باستراتيجية موحدة، ورؤية مشتركة لزيادة الطاقة التشغيلية للموانئ للحصول على أكبر حصة سوقية من سوق الشحن في منطقة الشرق الأوسط. طبعا هذه أهم المتطلبات التي تضمنها الخبر والتي يحتاج إليها الاستثمار المثالي المحلي والأجنبي لتأدية دوره الأمثل في المملكة خاصة من خلال الهيئة العامة للاستثمار.. ولكن من المؤكد أن هناك متطلبات أخرى لا تقل اهية وآراء كثيرة وملاحظات عدة لدى ذوي القطاع الخاص لم ينظر فيها بعد .. ولكن من المهم الوقوف على جدية تنفيذ تحقيق مثل هذه المتطلبات وغيرها في أسرع وقت ممكن .. حتى نستطع إعادة الاستثمار السعودي المهاجر بسبب تلك التعقيدات الإدارية.. وهذا لن يتحقق إلا من خلال التطبيق الحقيقي والفعلي والجاد والصادق لمثل هذه المتطلبات .. [email protected]