جامعة حائل: اختبار «التحصيلي» للتخصصات النظرية شرط للقبول السنوي للعام الجامعي 1446    ابن البناء المراكشي.. سلطان الرياضيات وامبراطور الحساب في العصر الإسلامي    عهدية السيد تنال جائزة «نساء يصنعن التغيير» من «صوت المرأة»    أمطار خفيفة على منطقتي جازان وحائل    فرصة مهيأة لهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. البنك الإسلامي للتنمية يحتفل باليوبيل الذهبي    بيانات التضخم الأمريكي تصعد ب"الذهب"    مطار الأحساء يطلق رحلة إضافية مباشرة لدبي    عسير تكتسي بالأبيض    الأهلي والترجي إلى نهائي دوري أبطال أفريقيا    اتفاقيات مع الصين لبناء آلاف الوحدات السكنية    فريق طبي سعودي يتأهل لبرنامج "حضانة هارفرد"    بينالي البندقية يزدان بوادي الفنّ السعودي    كبار العلماء: من يحج دون تصريح "آثم"    "طفرة" جديدة للوقاية من "السكري"    إغلاق منشأة تسببت في حالات تسمم غذائي بالرياض    الأحمدي يكتب.. الهلال يجدد عقد السعادة بحضور جماهيره    الصحة: تماثل 6 حالات للتعافي ويتم طبياً متابعة 35 حالة منومة منها 28 حالة في العناية المركزة    ليستر سيتي يعود إلى الدوري الإنجليزي الممتاز    اختتام المرحلة الأولى من دورة المدربين النخبة الشباب    الإعلان عن تفعيل الاستثمارات المباشرة وانطلاق العمل الفعلي في صندوق "جَسور" الاستثماري    شركة TCL توحّد على نحو استباقي شركائها العالميين من أجل تحقيق العظمة في مؤتمر الشركاء العالميين لعام 2024    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 686 مليون ريال    وفاة الأمير منصور بن بدر    نائب أمير منطقة جازان يرفع التهنئة للقيادة بما حققته رؤية المملكة 2030 من إنجازات ومستهدفات خلال 8 أعوام    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أصبحت مستهدفات الرؤية واقعًا ملموسًا يراه الجميع في شتى المجالات    وزيرة الدفاع الإسبانية: إسبانيا ستزود أوكرانيا بصواريخ باتريوت    منتخب اليد يتوشح ذهب الألعاب الخليجية    ريال مدريد يهزم سوسيداد ويقترب من التتويج بالدوري الإسباني    جيسوس يفسر اشارته وسبب رفض استبدال بونو    الاتحاد يخسر بثلاثية أمام الشباب    «الدفاع الروسية» تعلن القضاء على ألف وخمسة جنود أوكرانيين في يوم واحد    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    رؤية الأجيال    "الشؤون الإسلامية" ترصد عددًا من الاختلاسات لكهرباء ومياه بعض المساجد في جدة    المخرج العراقي خيون: المملكة تعيش زمناً ثقافياً ناهضاً    "السينما الصناعة" والفرص الضائعة    محمد بن عبدالرحمن: طموحات وعزيمة صادقة    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    إغلاق فروع منشأة تجارية بالرياض بعد رصد حالات تسمم    توافق مصري - إسرائيلي على هدنة لمدة عام بقطاع غزة    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يزور قيادة القوة البحرية بجازان    ترميم قصر الملك فيصل وتحويله إلى متحف    «مكافحة المخدرات» تقبض على شخصين بالقصيم لترويجهما مادة الإمفيتامين المخدر    "الأرصاد": لا صحة لتعرض المملكة لأمطار غير مسبوقة    السعودية تحصد ميداليتين عالميتين في «أولمبياد مندليف للكيمياء 2024»    الأحوال المدنية: منح الجنسية السعودية ل4 أشخاص    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    "واتساب" يتيح مفاتيح المرور ب "آيفون"    صعود الدرج.. التدريب الأشمل للجسم    تقنية مبتكرة لعلاج العظام المكسورة بسرعة    التنفس بالفكس    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    مقال «مقري عليه» !    تشجيع الصين لتكون الراعي لمفاوضات العرب وإسرائيل    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التكثيف اللغوي أساس بناء هذا الفن وآلة ضبطه التي تخلصه من الكولسترول!
(القصة القصيرة جداً) في عيون كتابها السعوديين والمغاربة (5/7)


مقدمة
حين فكرنا في فتح ملف «القصة القصيرة جداً» تنازعتنا عدة اسئلة كان النقد يثيرها بين آن وآخر.. احببنا ان نستمع الى اجاباتها من كتابها انفسهم.. اولئك الممارسين لها، الذين ابدعوها، وطوروها، ومازالوا يكتوون بنارها ليضيفوا اليها كل يوم جديداً..
سعينا لأن تكون هذه السلسلة من التحقيقات بمثابة مرجع يرجع اليه القارئ او الباحث في مجال القصة القصيرة جداً (لندرة المراجع في هذا المجال).. وكنا نأمل ان تشمل اسماء الضيوف اكبر عدد ممكن من كتابها المعروفين في البلدين ولكن عدم استجابة البعض جعلنا نقتصر على هذا العدد، وهم من الاسماء التي نفتخر بانتمائها لهذا الفن الجميل.
تدور اسئلتنا حول سبعة محاور كل منها نعرضه لكم باجابات ضيوفنا (من السعودية ومن المغرب) وعلى سبعة اجزاء كل جزء يحتوي على محور واحد من محاور تحقيقنا السبعة.. وفيما يلي خامس المحاور:
٭ في رأيك ما مفهوم الاختزال/ التكثيف؟؟ هناك من يعتبر الاقتصاد ارهاقا لبعض مكونات القصة.. هل هذا صحيح؟
الاختزال ابداع
عبدالعزيز الصقعبي: تتضح قدرة القاص الابداعية عندما تكون لديه القدرة على تقديم نص قصصي قصير جداً مقنع للقارئ وعندما يشعر القارئ ان تلك الكلمات المحدودة تنقله الى عالم خيالي مختلف عندما يتحقق ذلك فمن المؤكد ان عناصر القصة اكتملت ونحن نعرف وكما قلت سابقاً ان القصة الحديثة لم تعد تلك التي تبدأ بالتمهيد فالذروة او العقدة ثم التنوير ولم تعد تلك التي ترى ان القارئ متلق لايفكر بل تستفزه ليتفاعل مع النص القصصي الحديث وليكون جزءا منه.
عبدالله التعزي: الاختزال/ التكثيف هو محاولة قول الكثير بأقل عدد من الكلمات ومن يعتبر الاقتصاد ارهاقا لبعض مكونات القصة فهذه وجهة نظر خاصة قد تتبدل مع الايام وقد تظل كما هي والاختلاف في هذه من حق الجميع وفي النهاية النص الابداعي هو الفاصل.
عبدالله الوصالي: الاختزال او التكثيف يمكن الكاتب من الاقتصاد في اللغة ووضع الفكرة المراد توصيلها في حيز قليل من الكلمات وهي عملية ابداعية ان نجحت ويكن جوهرها في انتقاء الالفاظ الغنية والمعبرة بدلاً من الاستطراد الممل الذي غالباً ما يؤدي الى الترهل وكما كانت الالفاظ اكثر تجريدية كلما كان النص مختزلاً ومتعدد الوجوه. والقول ان الاقتصاد ارهاق لمكونات القصة ليس على اطلاقه ويصدق في حالات فردية عندما لاينجح القاص في الصياغة ونرى الكثير في الصحافة مما يطلق عليه قصة قصيرة جداً وهي لاتمت للقصة بصلة. ويستخدم البعض هذا اللون من القص ذريعة لعدم اجادته كتابة القصة تماماً كما استخدم نمط القصة الغرائبية في تبرير عدم منطقية الاحداث في القصة القصيرة.
الاختزال انواع
يوسف المحيميد: هناك اختزال مخل وهذا ما يفطن له بعض كتاب القصة القصيرة او القصيرة جداً وهناك اختزال يضيف الى النص القصصي بمعنى ان ترك مساحات بيضاء بوعي وقصد قد يحرض القارئ على تفعيل المخيلة وهذا - في نظري - فعل ايجابي، ومطلوب ولكن يعود هذا التباين بين الكتاب والمبدعين الى علاقة هؤلاء باللغة هذه العلاقة الحميمة التي لاتغادر ولاتنأى عن معاجم اللغة وعن قراءة التراث وكنوز التراث المخبوءة.
لذا اعتقد ان الارهاق الذي يتركه الاختزال المشار اليه في السؤال هو ارهاق يتعلق بما قد يتركه الاختزال غير المدرب، الاختزال غير الواعي، على النص القصصي. ورغم ذلك لا ينجح الاختزال والتكثيف دائماً في القصة هناك مواقف ذكرها في النص يعد ضرورة فنية وجمالية لذا فإن اختزالها في عبارة او عبارتين قد يخلف خلالاً في النص. اذن الاختزال والتكثيف متروك لخبرة القاص ودربته في الكتابة ووعيه متى يكثف ويقطر ويختزل ويوجز وينحت ومتى يصف ويطنب وبالتالي ليس التكثيف مطلوباً دائماً ولا الاطالة مطلوبة دائماً. انما يربط ذلك بظروف النص المكتوب.
فهد المصبح: هو الحد الادنى لكليمات يضع فيها الكاتب عمله بالتخلي عن كل ما هو زائد ومرهل للعمل مع الحذر من كل لفظة زائدة دون تشويه يأتي من تعمد الكاتب للتكثيف.
طبيعي ان القصة القصيرة تفتقد احلى جماليات القص عندما يغيب الحوار وينحسر السرد ويتلاشى الزمان والمكان تحت وطأة التكثيف والاختزال غير ان الكاتب يستعيض عن هذا باللغة الشعرية ورشاقة العبارة فتغدو القصة القصيرة جداً كلوحة او قصيدة.
لم الاسراف باللغة؟
جبير المليحان: ولماذا الهدر في اللغة.. لغتنا العربية محددة، ومقعدة، وجميلة و شاسعة المعنى بكلماتها وبمترادفاتها وهي دقيقة جداً في الفاظها.. فلم الحشو.. اقصد الاسراف في صف طوابير من الاسطر لقول شيء استطيع ان اقوله بكلمات اقل، مع احتفاظي برشاقة الجمل وموسيقاها وطراوتها بحيث تكون بعيدة عن الجمل الرياضية الخالية من الروح.
جعفر الجشي: لايمكن ان يكون الاقتصاد مرهقاً للقصة الا اذا كان مفتعلاً او قائماً على اساس خاطئ كأن يحاول الكاتب منذ البداية ان يختزل دون مراعاة للعوامل المحيطة بالنص من الاساس فمما لاشك فيه ان لكل نص طريقته ولغته الخاصة به فمثلاً لايمكن ان تأخذ قصة قصيرة وتحاول ان تكتبه بشكل قصيرة جداً. والتكثيف مرحلة خطيرة جداً في كتابة القصة لأنها عملية ذهنية شديدة الحساسية خاصة اذا اخذ الرواة لدى الكاتب طريقهم في السيطرة واملاء افكارهم عليه، حيث سيكون للراوي دور كبير في فرض نوعية الكتابة، فثمة رواة لايتمكنون من السرد الا بنفس طويل حينها لاشك ان الكاتب سيفشل في تقصيص اجنحة النص لأنه ولد كبيراً!!.
احمد القاضي: لو كنت اضع يدي على مجموعة نادرة من العملات (كنا نهوى جمع العملات في صغرنا) ثم طلبنا من مخيلتي التوقف عند معنى (نادرة، او عملات) لن اضفر سوى بصورة كلية لألبومي المتواضع الذي يحوي الكثير من العملات. ولذا التكثيف لدي اقرب لعمل خارج نطاق العقل خارج نطاق القصيدة وهو تراكمي لايتأتى بالنية الطيبة فقط بل بالتجربة والخبرة وقد لايتفق ناقدان على مفهوم محدد للتكثيف والاختزال لأن المحرك المعرفي والثقافي لكليهما مختلف وهو ما يحدد مستوى معينا من التعريف للتكثيف والاختزال. هناك من يعتبر الاقتصاد ارهاقا لبعض مكونات القصة ماوجه نظرك في هذا بالنظر لمستوى هذا الفن الاقتصاد ضروري لبعض مكوناتها ويصل احياناً الاقتصاد كأساس في بناء النص.
فهناك حدث كبير يجب التعبير عنه بعدد صفحات كثيرة الى هنا نجد التقرير حاضراً والنص القصصي ليس تقريراً يبحث عن كل شاردة بغرض الاستيفاء. ومايصلح للتقرير لايصلح لنص قصصي فهو لماح يعتمل السرعة والتكثيف والوصول لأبراج المخيلة طيراناً وليس صعوداً للدرج. ويحث اللبيب النص القصصي على الفهم بالاشارة بدل التصريح كأقصى حالات عن المباشرة وهذه لاتكون سوى باقتصاد مبرر ومشروط.
تكثيف لا اختزال
د. أحمد جاسم الحسين: بداية افضل مصطلح التكثيف على الاختزال بسبب مرجعية كل منهما ودلالته.. فالاختزال من الرياضيات وقد يشير الى التكثيف او الى الابتسار في التكثيف اما التكثيف فهو مستعمل في ميدان النقد الادبي وكذا الاقتصاد اللغوي المقترن بالشحن لما يبقى من مفردات وتراكيب لأن تثوير الطاقات الكامنة للمفردات يعوض عن زيادتها.
اما من جهة الارهاق لبعض المكونات فالامر يتعلق بالقاص لأن التكثيف غير الابهام وغير الغموض وغير انغلاق الدلالة وهاهنا نعول على رؤية الكاتب ومدى مقدرته على نقل مايفكر به غير نصه القصصي والتكثيف ليس مطلوباً في ال ق. ق. ج بل هو مطلوب في كل الآداب والفنون لكن لكل نوع وجنس خصوصياته في التكثيف هذا من جهة ثم من جهة اخرى التكثيف هو الركن المؤسس الاول لفن ال ق. ق. ج لأن في تسميتها تأكيد على ذلك. ومن جديد اجدني مضطراً للتذكير بما طرحته في كتاب القصة القصيرة جداً حول التكثيف اذا عددته ركناً مؤسساً وقلت من جملة ما قلت انني افضل التكثيف يمتد ويستطيل ليشمل الحدث والموضوع والفكرة واللغة. ان التكثيف يفترض بحضوره عدداً من العناصر والتقنيات على مستوى اللغة في التركيب والجملة والمفردة وعلى مستوى الموضوع القصصي بطريقة التناول واختيار الفكرة والمحافظة على حرارة الموضوع والقبض على نبض الحدث وهو في حالة توهج وانبثاق اضافة الى مايتطلبه من رفض للشرح والبيبة ودعوة الى عدم تشتيت الحدث كي لاتتشتت المقولات عن التكثيف باختصار هو الطين الذي تتشكل منه مداميك البناء وهو الطين الذي يربط بين المداميك وهو دعوة لاستثمار كل عنصر لاقصى طاقاته ويؤدي الى احسن استثمار الى بناء متماسك يصبح معه حذف المفردة مشكلة في النص ويقود الى ايقاع لاهث سريع مهم للنص.
الرأي المغربي
أحمد شكر: قد اختلف او اتقاطع مع الكثيرين في اشتغالي على مفهوم الاختزال/ التكثيف لكن بصفة عامة هي تنويعات اصطلاحية لمقوم اساسي من مقومات القص تنبني على ايصال الفكرة للقارئ عارية طازجة كما هي في شكلها البدني كي تبهره بعيداً عن المحسنات البديعية والتغريب ما شاكل ذلك، والاقتصاد ضرورة حضارية تبناها الجميع ليس على مستوى المصروف اليومي بل هو مطلب جوهري يدخل في صميم الاشياء كي لانرهق لتلقي ونحافظ على جمالية التلقي.
محمد كنوف: من مميزات ق. ق. ج الاختزال والتكثيف الذي يهدف الى الاختصار ضداً على الثرثرة وتمزيق فم السرد.
وقد يتحول هذا الاقتصاد الى ارهاق حين لايكون القاص محترفاً اما حين يكون لاعباً ماهراً فتنتعش القصة وتفتح شهية عشاق القص.
محمد اشويكة: الاختزال والتكثيف تقنيات لايجب استعمالها بشكل اعتباطي بل هي تقنيات توظف لخدمة الموضوع المراد طرحه بحسب المقام الذي يريد القاص ان يتكلم فيه.. قرأت بعض النصوص المختزلة او المكثفة بشكل مبالغ فيه الى درجة الاحساس بالقرف والغثيان.. تحس بأن الكاتب يختزل من اجل الاختزال، او يركب تراكيب غير متناسقة وغير ذات معنى من اجل التكثيف.. بالنسبة لي، الاختزال والتكثيف سيف ذو حدين.. فقد يذبح القاص نفسه اذا لم يتعامل بذكاء معهما اثناء عملية الابداع.. ان القصة كما قلت هي فكرة صاخبة يجب التعامل معها بقسوة.. كيف ذلك؟ يجب على القاص ان يتعامل بمكر مع الفكرة وان يتحكم في دواليب صياغتها.. هناك بعض الافكار التي يفلسها الاختزال او التكثيف وهناك اخرى يخدمها.. كتابة القصة ليست عملية متسيبة بل هي ضبط منطقي اولاً. هناك بعض القصص الجميلة من حيث البناء لكن فكرتها ساذجة والعكس هناك افكار اصيلة لكنها غير مبنية مما يجعلها غير مستساغة.. القصة كالمنزل اذا بنيناه بدون هندسة يمكن ان يكون آيلاً للسقوط فوق جماجمنا في أي حين..
التكثيف والكولسترول!
فوزي بوخريص: من العناصر الاساسية التي تحدد مفهوم «القصصية» عند بعض النقاد نجد: التكثيف (اضافة طبعاً الى عناصر اخرى).. ويقوم التكثيف على اعتماد نوع من الاقتصاد في السرد بحيث يتم التخلص من كل الزوائد اللغوية باعتماد لغة «تلغرافية» ويفترض الاعتماد على منطق التكثيف المهارة في الصياغة اللغوية والدربة في التحكم في تدبير تقنيات السرد وعناصره وتكمن اهمية التكثيف في كونه يجعل القاص قادرا على بناء عالم تخيلي متكامل فقط من عدد محدود من الكلمات.
عبدالعزيز الراشدي: لايرهق القصة سوى الاطناب والثرثرة القصة لحم شابة غضة لا للترهل.
محمد تنفو: ان التكثيف دال يحيل على اكثر من مدلول يحول الكلمات الى مجموعة من الشفرات اللغوية الدالة ركن اساسي للوصول الى المدلول النهائي من اقصر الطرق.
من المحتم اننا في كثير من القصص نصطدم بجمل كثيرة يمكن حذفها دون ان تتأثر سمات الشخصيات ودون ان يتسرب الضعف الى المدلول النهائي للنص. فنقول عنها انها قصص تعاني من الحشو ويلزم ان نخضع الى علاج مكثف. ان آلية التكثيف لعب بالكلام واللعب يجلب اللذة اللعب ذاته يحتاج الى طرائق كالحذف والاختزال اللذين يهدفان الى القضاء على الثرثرة. فلم تعد الكتابة الحديثة تمقت البياض انها تعشقه تستغله.. تلعب معه.. تزينه بنقط الحذف وبالالفاظ المقطعة الممطة المكرورة او بألفاظ دالة مثل: الخ.. ايضاً.. ربما.... لاشك في ان البعض قد جانب الصواب اقصد الذين قالوا ان ق. ص. ج تقزيم للقصة القصيرة بل اومئ الى الذين اكدوا غير مامره ان الركض وراء التكثيف سيلغي الكثير من مقومات القصة ق وسيحولها الى مجرد لقطة سريعة او صورة جزئية للواقع مقتصرة على وصف جانب محدود للغاية من تفكير او سلوك الشخصية القصصية الوحيدة.
هذا الكلام لايصح قط.. البتة.. ابداً.
ان الروائي لديه من الوقت والمكان مايسمح له بحرية الحركة الكاملة. اما كاتب ق. ق. ، بله كاتب قصة ص. ج يلزم عليه ان يكون مركزاً وموجزاً. فالتكثيف شيء جوهري للقصة ص. ج ولكاتبها انه الامتحان الحقيقي لنجاح القاص.
ان كاميرا القاص غالباً ما تركز في زاوية نظر واحدة ثابتة تلتقط بسرعة التجربة القصصية لتقدمها في صورة لغوية صغيرة.
لكن، لاينبغي ان يتعدى القاص السرعة التي ينص عليها قانون الجميل اولاً.
ثانياً: اللغة يجب ان تكون مكثفة ومدققة تدقيقاً متناهياً.
ثالثاً: الصورة عينها يلزم ان تشبه ملكة النحل بها. وبواسطتها يمكن استقطاب وجلب ملايين النحل كلما دعت الضرورة الى ذلك. طبعاً هذا ينطبق على الصورة «الملكة».
عز الدين الماعزي: الاختزال في مجال القصة ق. ج منوجد ان لم نقل هو من مميزاتها ويشكل احد مكوناتها ولكنه ليس اختزالاً مقصوداً بل يندرج في رحم القصة بطريقة محكمة كما خلايا النمل، وبذلك يكتسب جماليته وتنشيطه لهذا الفن القصصي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.