من يتابع الطرح الإعلامي لدينا يجد أنه موجه بقوة نحو المؤسسات العامة ومتجاهل بقوة الأفراد وكأن العطاء والتقدم مسئولية مطلقة للمؤسسات الحكومية.. مع أن وعي المواطن على سبيل المثال كفيل بنجاح مؤسسات النظافة في الارتقاء بمستوى نظافة المدن، فذلك المواطن الذي يفتح نافذة عربته ليلقي بعلبة المشروب بعد سكبه باردا في جوفه مسئول عن الحفاظ على النظافة..,وذلك المواطن الموظف مسئول عن سلامة الأجهزة الخاصة بمكتبه، وبالتالي طول عمرها الافتراضي "لو "اعتبرها أمانة في عنقه وتعامل معها بمنظور المسئولية الاجتماعية وليس بمنظور مال الحكومة..؟ يقابل هؤلاء بعضنا من الإعلاميين، بل وبعض صناع الرأي العام وهم يتعمدون طرح رؤاهم وفق نظرية "الجمهور عاوز كده "وتلك النظرية تجاوزها مخترعوها لأنهم اكتشفوا أن الجمهور تقدمهم بالوعي، وبالتالي لن يطرب كثيرا لأطروحاتهم.., أتذكر بعض الكتاب والدعاة وفي غير مكان طالبوا بزيادة الرواتب. وكانت الردود من المتلقين تفوق طرحهم، بل كانت ذات رؤية اقتصادية ووطنية تؤكد أن الجمهور لم يعد وترا رقيقا يمكن العزف عليه بموسيقى مغرقة في التضليل..؟ نعم المتلقي بات يمثل نضجا يؤهله لقبول ورفض واعي وليس تبعيا كما يتصور بعضنا.., من تلك الردود أتذكر أن بعض المتلقين أكدوا على أهمية رفع مستوى الخدمات وأيضا رفع المستوى الثقافي الاستهلاكي للمواطن وفتح قنوات الاستثمار لهم وليس زيادة الرواتب، بل إن بعض حلولهم للاسكان فاقت رؤى المطورين والمخططين أنفسهم. وكانت من الموضوعية بدرجة تجعل المرسل مسئولا أكثر في طرح رؤاه وفق منظومة المسئولية الاجتماعية وليس البحث عن الشهرة والتطبيل.., أتذكر ردا لقارئ في إحدى الصحف أكد فيه أنهم يريدون حلولا وليس مسكنات..؟؟ تلك الرؤية تكشف أن المتلقي السعودي بات يمارس حقه المشروع في التفكير والتحليل والقبول والرفض وعيا لا تبعية.. أحد صناع الرأي ينادي ببقاء المرأة في منزلها وفي الوقت نفسه يشكر أخواتنا على دعمهن لحملاته التوعوية وجمع التبرعات..؟ تلك الازدواجية في تقديم الفكر لم تعد مناسبة لمجتمع يخترق مشهد المخاض بأطروحات تؤكد أن الوطن مسئولية الجميع وليس المؤسسة الحكومية فقط.., مجتمع يمارس فيه الشباب وعيا سلوكيا ورقيا حضاريا يستحق أن لا نحتفل بدخوله الأسواق فقط..؟ بل الاحتفالية الحقة بمنجزاته الوطنية والتي أهمها تحمل مسئوليته الوطنية في الحفاظ على الأمن الوطني بالدرجة الأولى.., وآخر يؤكد أن المرأة مكانها ليس المنزل، بل العمل دون قيود أو ضوابط مع منحها الثقة فيما زوجته لا تخرج من المنزل إلا لمنزل أسرتها كل أسبوع مع اشتراط عودتها قبل الساعة الحادية عشرة..؟؟ ازدواجية أخرى تحمل روح التطرف نحو زوايا التضليل.. المتلقي بنضجه يحتم علينا أن نتوجه له لنكون شركاء في تعميم الوعي والإيجابية بين الجميع..