فردوس عبدالحميد تعود إلى التلفزيون بدور هدى شعراوي

بعد تسعة أشهر من التحضير

تسعة أشهر قضتها الفنانة فردوس عبدالحميد في التحضير لتجسيد دور هدى شعراوي قبل أن تدخل الاستوديو وتدور الكاميرات لتصوير المسلسل التلفزيوني عن رائدة الحركة النسائية رغم تصوير أكثر من 200 يوم حتى الآن من المسلسل ارتدت فردوس خمسين فستاناً وأربع باروكات واكسسوارات قيمتها تزيد على 300 ألف جنيه على أن تقوم الفنانة داليا مصطفى بدور هدى شعراوي في مراحلها الاولى. تحلم فردوس بالقيام بدور عالمة الذرة المصرية سميرة موسى لتواصل مسيرتها في تجسيد ادوار الرائدات اللواتي أثرين الحركة النسائية بعد ان قدمت دور صفية زغلول في المسلسل التلفزيوني «حواري وقصور».
فردوس عبدالحميد قضت مع هدى شعراوي شهوراً طويلة تذاكرها جيداً حتى هضمتها تماماً.. صارت تعرف كل محطة - بل كل تفصيلة - من حياتها الخاصة والعامة.. ملابسها واكسسواراتها، حتى ابتسامتها باتت تتقنها فردوس جيداً.
وتؤكد فردوس أننا بحاجة لمثل هذه النوعية من الدراما التي تعيد نشر صفحات مهمة من تاريخنا المعاصر التي تجهل الأجيال الجديدة الكثير منه، وخاصة تاريخ الرائدات من النساء صاحبات الادوار الكبيرة في حياتنا، وهؤلاء تاريخهن ليس حكراً على ورثتهن. بل هو ملك لكل المصريين، مؤكدة أن أحداً، من آل «شعراوي» لم يقابل المسلسل - إلى الآن - باعتراض واحد!.
٭ بعيداً عن هذا وذاك ما الذي جذبك إلى شخصية هدى شعراوي؟
- هدى شعراوي هي الشخصية الأهم في الحركة النسائية المصرية، كما أن فترة ميلادها كانت زاخرة برموز الفكر والأدب والفن، وكانت هدى ممثلة المرأة المصرية في هذه النهضة، كما انها أشهر سيدة تمردت على واقع المرأة في ذلك الزمان.
٭ انك قرأت مذكراتها، فهل لمست أسباب هذا التمرد في شخصيتها؟
- نعم.. انه حادث زواجها، فقد زوّجها أهلها وهي صغيرة (13 سنة) من ابن عمتها - علي بك شعراوي - دون أخذ رأيها، بينما كان زوجها هذا يكبرها ب 30 سنة، فشعرت بالقهر الذي تتعرض له المرأة!
٭ هل صحيح أن الذي رشحك للمسلسل هو زوجك المخرج محمد فاضل؟
- لا أحد يفرض الفنان على الجمهور، والدليل على ذلك أن أعمالي كلها مع فاضل ناجحة لدى الجمهور والنقاد. الذي رشحني لدور هدى تحديداً هو المؤلف يسري الجندي لا محمد فاضل. والحق انني إذا لم أعمل مع فاضل فلن أعمل على الاطلاق، لانني أكاد أكون ممنوعة من العمل في كل جهات الإنتاج أو مدينة الإنتاج الإعلامي، إلا من خلال أعمال محمد فاضل، والحقيقة انني لا أعرف أي سبب لذلك الموقف المستمر ضدي!.
٭ هل فعلاً اعترض ورثة هدى شعراوي على تجسيد شخصيتها لأن لون بشرتك مختلفة عنها فهي من أصول تركية؟
- لم يعترض أحد من آل الشعراوي على تجسيدي الشخصية، بل كانوا متعاونين ومرحبين، وأنا زرت جمعية هدى شعراوي بشارع قصر العيني ونحن على اتصال دائم مع حفيدتها التي كان لها الفضل في تصحيح اسم ابنة هدى شعراوي الذي كنا سجلناه في المسلسل على انه (بثينة) فاتضح انه (بثنة)!.
أما لون البشرة فلا يوجد اختلاف فأصلها كان تركياً - وهذا صحيح - لكن والدها كان صعيدياً، وكان قريب الشبه من والدها لا والدتها التركية الأصل!
٭ ما هي أهم القضايا التي سوف يطرحها المسلسل؟ وهل سوف تقتصر على قضايا المرأة فقط؟
- المسلسل يستعرض تاريخ مصر في هذه المرحلة من خلال شخصية هدى شعراوي ولكن لن يكون التركيز فقط على هدى شعراوي وحدها بل سوف نستعرض جميع الأحداث التي مرت في تاريخ مصر حتى عام 1947م، تاريخ وفاتها وبالتالي لا يقتصر في طرح القضايا في المسلسل على القضايا التي تخص المرأة بفردها بل سيتطرق إلى قضايا اخرى مثل قضية تعدد الزوجات وتعليم الفتيات وقضية المساواة بين الرجل والمرأة. وقد اعجبتني شجاعة هذه السيدة لأنها نادت بالمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة في مرحلة كانت المرأة ممثلة في البرلمان لمناقشة القضايا الوطنية. إلى جانب ذلك لعبت هدى شعراوي دوراً في القضية الفلسطينية حين كانت تقيم ندوات في الأراضي المحتلة وترسل إلى الشعب الفلسطيني التبرعات التي كانت تجمعها لهم. واهتمت هدى بالقضايا الفنية حيث ساعدت الفنان التشكيلي محمود مختار في ايجاد تمويل للانتهاء من نحت تمثال (نهضة مصر) وكذلك اقامت العديد من المعارض الفنية في شارع «المدابغ» وهو شارع شريف حالياً وترأست اللجنة المركزية للمرأة والاتحاد النسائي.
٭ هل سوف يبرئ المسلسل والد (هدى شعراوي) من اتهام (عرابي) له بانه سبب الاحتلال الانجليزي لمصر كما جاء في مذكراتها؟ وهل سوف يوضح تفاصيل علاقتها بسعد زغلول؟
- المسلسل لم يتطرق إلى جزئية اتهام (عرابي) لوالد (هدى شعراوي) بانه سبب مجيء الانجليز إلى مصر بشكل مفصل لكننا مررنا عليه مرور الكرام لأن هذا يعتبر موضوعاً فرعياً ولا يدخل في اطار اهتمامات المسلسل. وبالنسبة لسعد زغلول كانت هدى مختلفة معه في أمور عديدة منها خلافه مع بعض أعضاء الوفد لأن هذا قد يضر بالقضايا الوطنية وكانت تعتبره بمثابة ديكتاتور في بعض المواقف، والمسلسل سوف يتطرق إلى الخلاف الواضح بينهما ولكنه خلاف لم يصل إلى حد الكراهية لأنها مؤمنة بالمثل القائل (الخلاف لا يفسد للود قضية).
٭ ألم تخافي من أن تجسيدك لدور هدى شعراوي بعد ادائك لصفية زغلول في مسلسل (حواري وقصور) قد يجعل البعض يقارن بين ادائك للشخصيتين ويتهمك بالتكرار؟
- الشخصيتان مختلفتان تماماً وبالتالي فإن ادائي لكل منهما مختلف عن الآخر ولن يجد الجمهور ادائي لهما متشابهاً، فقد قدمت من قبل في مسلسل (حواري وقصور) دور (صفية زغلول) وبالتالي فانني أستطيع أن أقف على الاختلافات الشخصية الموجودة في كل منهما، فتركيبة (صفية زغلول) الشخصية هادئة تماماً وتتحدث بصوت منخفض ومن الممكن أن نقول عنها انها زوجة زعيم أكثر من أن تكون زعيمة بينما (هدى شعراوي) هي العكس من ذلك فهي زعيمة وأعتقد أن هذا فارق كبير بينهما وبالتالي لا توجد أوجه شبه ولكن هناك أوجه اختلافات عديدة بينهما وعليه فانني لا أكرر نفسي بتقديمي لهدى شعراوي الثائرة من أجل الحق دائماً.
٭ ما ابرز الجوانب الشخصية في هدى شعراوي التي تظهر بالمسلسل؟
- شخصيتها ثرية درامية فهي شخصية تجمع العديد من المتناقضات فهي قوية وصلبة في المطالبة بالحق ولديها قدرة على الاصرار في تحقيق أهدافها، ولكن إلى جانب مظاهر هذه القوة تكمن بداخلها حالة من الضعف الشديد تجاه أهلها. فمثلاً عندما توفي أخوها (عمر) كادت تموت هي الاخرى من شدة حزنها وتأثرها به بل ان وفاة زوج ابنتها وهي مازالت شابة ربما كان السبب الحقيقي وراء وفاتها. وعلاوة على ذلك فقد كانت رحيمة جداً بالناس فقد أسست جمعية (الترقي الأدبي) وكان من ضمن انشطتها تقديم المساعدات المالية للطلبة غير القادرين وقادت أول مظاهرة نسائية في تاريخ مصر ضد الاحتلال الانجليزي وخلعت عن وجهها (اليشمك) في هذه المظاهرة أمام المحتل البريطاني كنوع من التحدي للانجليز والاحتجاج على وجودهم في مصر.
٭ أخذ على معظم المسلسلات التي تناولت حياة الشخصيات العامة أنها تقدمهم بصورة مثالية فما هي الصورة التي سوف تقدم بها (هدى شعراوي) على الشاشة؟
- الفن ليس مجرد حصة تاريخ في حياة الشخصية الفلانية وليس المقصود أن تقدم من خلال أي عمل فني مجرد قصة حياة فلانة! فماذا سوف يفيد المشاهد؟.. لذلك يجب حينما نتعامل مع الشخصيات العامة أن ننتقي جزءاً من حياتها فنحن في حاجة إلى أعمال تحيي فينا ضرورة الاقتداء برموزنا ولا أقول أننا في حاجة إلى أعمال فنية تعليمية تربوية! ولكنني اسمي مثل هذه الأعمال بانها أعمال مقاومة خاصة ونحن مستهدفون من الغرب سياسياً واجتماعياً ونفسياً!