ثلث أطفال بريطانيا بين سن الخامسة والسابعة يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي    زيدان يقترب من تدريب بايرن    سياسي مصري ل«عكاظ»: «الفيتو» الأمريكي يناقض حل الدولتين    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسبب المرض    وزير الثقافة يزور الجناح السعودي في بينالي البندقية للفنون ويلتقي نظيره الإيطالي    موعد مباراة السعودية وتايلاند اليوم    آبل تسحب واتس آب وثريدز من متجرها الإلكتروني في الصين    السديري يفتتح الجناح السعودي المشارك في معرض جنيف الدولي للاختراعات 49    التلفزيون الإيراني: منشآت أصفهان «آمنة تماماً».. والمنشآت النووية لم تتضرر    رسالة من كاراسكو لجماهير الشباب بعد الفوز على أبها    السينما في السعودية.. الإيرادات تتجاوز 3.7 مليار ريال.. وبيع 61 مليون تذكرة    خطيب الحرم المكي يوصى المسلمين بتقوى الله وعبادته والتقرب إليه    الشاب محمد حرب يرزق بمولوده الأول    خطيب المسجد النبوي: أفضل أدوية القلوب القاسية كثرة ذكر الله تعالى    أمانة حائل تواصل أعمالها الميدانية لمعالجة التشوه البصري    كلوب: الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    "العقعق".. جهود ترفض انقراض طائر عسير الشارد    يوتيوب تختبر التفاعل مع المحتوى ب"الذكاء"    قطار "الرياض الخضراء" في ثامن محطاته    مسح أثري شامل ل"محمية المؤسس"    "الجدعان": النفط والغاز أساس الطاقة العالمية    الطقس: أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    فوائد بذور البطيخ الصحية    هيئة التراث ‏تقيم فعالية تزامناً اليوم العالمي للتراث بمنطقة نجران    الطائي يصارع الهبوط    «استمطار السحب»: 415 رحلة استهدفت 6 مناطق العام الماضي    أقوال وإيحاءات فاضحة !    «المظالم»: 67 ألف جلسة قضائية رقمية عقدت خلال الربع الأول من العام الحالي    تخلَّص من الاكتئاب والنسيان بالروائح الجميلة    غاز الضحك !    الفقر يؤثر على الصحة العقلية    "أيوفي" تعقد جلسة استماع بشأن معايير الحوكمة    سلطان البازعي:"الأوبرا" تمثل مرحلة جديدة للثقافة السعودية    مجلس جامعة جازان يعيد نظام الفصلين الدراسيين من العام القادم    الاحمدي يكتب.. العمادة الرياضية.. وحداوية    تَضاعُف حجم الاستثمار في الشركات الناشئة 21 مرة    أمير الرياض يعتمد أسماء الفائزين بجائزة فيصل بن بندر للتميز والإبداع    السلطة الفلسطينية تندد بالفيتو الأميركي    الدمّاع والصحون الوساع    الرباط الصليبي ينهي موسم أبو جبل    فيصل بن تركي وأيام النصر    المستقبل سعودي    اليحيى يتفقد سير العمل بجوازات مطار البحر الأحمر الدولي    الجامعات وتأهيل المحامين لسوق العمل    سعود بن جلوي يطلع على استراتيجية فنون جدة    المفتي العام ونائبه يتسلّمان تقرير فرع عسير    أمير الرياض يستقبل مدير التعليم    إنطلاق مؤتمر التطورات والابتكارات في المختبرات.. الثلاثاء    الرويلي ورئيس أركان الدفاع الإيطالي يبحثان علاقات التعاون الدفاعي والعسكري    نائب أمير الرياض يقدم تعازيه ومواساته في وفاة عبدالله ابن جريس    دعم سعودي ب 4 ملايين دولار لعلاج سوء التغذية باليمن    وزارة الداخلية تعلن بداية من اليوم الخميس تطبيق تخفيض سداد غرامات المخالفات المرورية المتراكمة بنسبة 50%    أمير الباحة: القيادة حريصة على تنفيذ مشروعات ترفع مستوى الخدمات    محافظ جدة يشيد بالخطط الأمنية    شقة الزوجية !    تآخي مقاصد الشريعة مع الواقع !    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على محمد بن معمر    سمو أمير منطقة الباحة يلتقى المسؤولين والأهالي خلال جلسته الأسبوعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«منغصات المواطنة».. أداء «السلطة التنفيذية» أقل من الطموحات!
الملك عبدالله قدّم دعماً استثنائياً لتنمية الوطن وينتظر دوراً أكبر من المسؤولين
نشر في الرياض يوم 20 - 11 - 2011

يدرك المواطنون أن الهدف من «سياسة الباب المفتوح» التي انتهجها حكام البلاد منذ وقت مبكر، هو إتاحة الفرصة لسماع أصوات المظلومين، وكذلك الذين لم ينصفهم المسؤول في موقعه، وفي ردهات الوزارات والدوائر الحكومية، وعلى الرغم من محدودية تأثير تلك السياسة مقارنةً بعدد الأشخاص الذين لم يتمكنوا من مقابلة ولاة الأمر لسبب أو لآخر، إلاّ أنها مثلت عملية اختراق لما يسميه المواطنون «الطبقة العازلة»، والتي تتشكل من مسؤولين في مواقع مسؤولية بمناصب متوسطة، لكنهم يتولون إدارة علاقة المواطنين بالجهات الحكومية.
وإذا كان المواطنون الذين يقابلون ولاة الأمر تحل مشاكلهم سريعاً، فإن كثيراً من الذين لم يعرفوا الطريق إلى هناك، يعانون من مشكلات كبيرة تعترض طريقهم، وتجعلهم ضحية ل»بيروقراطية» مقيتة، يصبح فيها المواطن ك»كرة» تتقاذفها الأقدام ما بين دائرة وأخرى، كما أن التقصير وسوء الإدارة والفساد قد تحرم مواطنا آخر من أبسط حقوقه، ويبدو أن المساس باحتياجات المواطن ومتطلباته الحياتية يخلق اليوم ردة فعل سلبية لدى المجتمع، تطال الشعور الوطني والحس الإنساني، بل وتؤثر في الوضع النفسي.
وعلى الرغم من أن تنمية الوطن في عهد خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- شهدت حضوراً استثنائياً على كافة المستويات، وتحديداً في اعتماد ميزانيات سنوية بأرقام غير مسبوقة تاريخياً، إلاّ أن أداء «السلطة التنفيذية» لايزال دون مستوى الوطن والمواطن، بل ودون مستوى تطلعات «عبدالله بن عبدالعزيز».
«سوء الإدارة» و«الفساد» يحرمان المواطن من أبسط حقوقه.. لماذا لا نعترف بالتقصير؟
تهميش وتحطيم
تبدو وجوه غالبية المواطنين وهم يخرجون من الدوائر الحكومية ليست كما هي وهم يدخلونها، ففي كثير من تلك الدوائر رجال يكرسون مفهوم تهميش المواطن وتعقيد أموره بشكل يثير الاستغراب، فقد بات مألوفاً أن يتصل أحدهم على من يظن أن له علاقات جيدة من أقاربه وأصدقائه، متسائلاً هل تعرف أحداً في الدائرة الفلانية؟؛ وسبب سؤاله هذا ليس لأنه يريد تمرير موضوع بشكل غير قانوني، لكنه فقط يتحاشى دورة التعقيد والتهميش تلك، حتى وإن كان الموضوع بسيطاً وتقليدياً، فهذا مواطن يضع والده على عربة ويدفعه إلى قسم الطوارئ، يئن والده جراء وجع ألم به للتو، يصيح في الطوارئ، لكن لا أحد يجيبه، وكأن والده مجرد مخلوق لا قيمة له من فصيلة تقل عن مكانة الإنسان أو كرامته قليلاً، وبعد انتظار قرابة ست ساعات على ذات العربة، وفي ذات الطوارئ، يأتي طبيب مقيم ويقول لذلك المواطن: "شوف لك مستشفى عالج أبوك فيه، ما فيش سرير عندنا"!، موقف يمكن أن يؤثر في نفس ذلك المواطن مدى الحياة، أما في ردهات المحاكم، فإنه بات من المألوف مشاهدة أصحاب الحقوق يتوسلون إلى خصومهم من أجل إعطائهم ولو جزءا من تلك الحقوق، في ظل غياب تطبيق أنظمة العدالة بشكل يمكن أصحاب تلك الحقوق من حقوقهم في وقت قصير، فهناك طريقة تعامل فرغتها "البيروقراطية" في قاعات المحاكم تسمى "الصلح" والذي يُذعن فيه صاحب الحق إلى القبول بجزء من حقه اختصاراً لمشوار طويل قد يوصي من خلاله صاحب الحق أبناءه لمواصلة محاولة تحصيله.
د.الخثلان: نعاني من «التعسف في المعاملة»!
معاناة الاستقدام
مواطن آخر هربت خادمته التي دفع من أجل استقدامها قرابة (15) ألفاً، ودفع للحكومة رسوم استقدام قيمتها (2000) ريال، ودفع إقامة لمدة سنتين بقيمة (1200) ريال، لكنه ذات صباح لم يجدها في منزله، وحين لملم أوراقها، وذهب ليبلغ الجهات المسؤولة عن هروبها لإخلاء مسؤوليته، لم يجد أحداً يعوض خسائره أو يحفظ حقوقه، وبعد أشهر معدودة سلمت نفسها للترحيل، فجاءته الاتصالات: "عليك إحضار حقيبتها، والمتأخر من رواتبها"، ويزيدون: "وأنت قادم إلينا لا تنسى أن تمر مكتب سفريات لتقطع لها تذكرة السفر إلى بلدها على حسابك الخاص"!.
وشخص آخر وهو عائد بعد نهار طويل مليء بالإجحاف والضغط النفسي، وقبل أن ينعطف يميناً إلى منزله في طرف الحارة، يصعقه "فلاش كاميرا ساهر"، فقد كان يسير بسرعة (75كم/ساعة) بينما السرعة المحددة في هذا الشارع كانت (70كم/ساعة)، نهار مليء بالتداعيات، قد لا يتكرر كل يوم، لكن هذا المواطن يعيش تفاصيله تلك بين فينة وأخرى.
د.الحمود: المشكلة في «الروتين» وغياب الرقيب
حس وطني
وحسب مختصين في علم النفس والاجتماع، قد تؤدي تلك الأمور بالمواطن البسيط إلى حالة من الشعور السلبي العام، وردة فعله غير مرغوب فيها تجاه قيمه الوطنية وشعوره الاجتماعي.
ويرى "أ.د.صالح بن محمد الخثلان" -نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وعميد كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة الملك سعود- أن حرمان المواطنين من حقوقهم بسبب التهاون من قبل الجهات التنفيذية ينعكس بشكل سلبي على الحس الوطني، وقال: للأسف أن هناك الكثير من الممارسات "البيروقراطية" واللامبالاة التي يجدها المواطن في عدد من الأجهزة الحكومية، تتسبب في حرمانه من التمتع بحقوقه التي كفلتها له الشريعة الإسلامية وكفلها له النظام الأساسي للحكم، مشدداً على أن هذا الحرمان ينعكس سلباً على الحس الوطني، مبيناً أن المواطنة علاقة حقوق وواجبات، وعندما يشعر الإنسان أنه محروم من حقوقه المكفولة شرعاً ونظاماً، فإن ذلك ينتقص من مواطنته، وفي حال تكرار المواقف والحالات التي يشعر المواطن فيها بحرمانه من حقوقه فإن ذلك سيؤثر حتماً على مشاعر الانتماء والولاء للوطن.
طوارئ المستشفيات تشتكي سوء التنظيم
سوء إدارة
وأوضح "أ.د. الخثلان" أنه لو أجرينا استطلاعا للقضايا التي تهم المواطن بالدرجة الأولى وتنغص حياته وتكدر عيشه وتنعكس سلباً على مكانة الوطن لديه، لوجدنا أن غالبيتها يتعلق بسوء الإدارة واللامبالاة التي يواجهها في الكثير من الأجهزة الحكومية، والتي تكرس لديه الشعور بأن له حقا منتهكا، مضيفاً أنه بالرغم من تعدد أنواع المنغصات التي يتعرض لها المواطن فإن أسوأها وأكثرها تأثيراً هو التعسف في المعاملة، والتي قد تحدث من بعض منسوبي الأجهزة الحكومية وخاصةً جهات الضبط، حيث لابد من الحرص الشديد على وضع ضوابط دقيقة وصارمة تضمن أداء هذه الجهات بمهامها دون التعسف، مشيراً إلى أن المسؤولية في معالجة هذه المنغصات تقع بالدرجة الأولى على المسؤول الأول في الجهاز الحكومي الذي تحدث فيه تلك المنغصات، سواء كان ذلك مرفقاً صحياً أو تعليمياً أو أي من المرافق الأخرى، ذاكراً أن أي وزير أو رئيس مطالب بمراقبة ومتابعة الأداء في جهازه، مع ووضع الآليات والضوابط التي تضمن عدم الإساءة والإهمال، بل وتضمن حسن التعامل مع المواطن وتمتعه بحقوقه.
أزمة انقاطاعات المياه منغصة تتكرر في كل عام
جهات رقابية
وأكد "أ.د. الخثلان" على أن دور الجهات الرقابية مهم جداً، خاصةً حينما يقصر المسؤول الأول في الجهاز الحكومي عن أداء دوره ومسؤولياته في معالجة الممارسات الخاطئة في ذلك الجهاز، والتي تلحق الأذى بالمواطنين، حتى لو كان هذا الأذى مجرد إهمال وعدم مبالاة في التعامل، مشدداً على أهمية أن تضع الجهات الرقابية في مقدمة أولوياتها تحسين الأداء في الأجهزة الحكومية، مع الحرص على أن يكون احترام الأفراد وضمان حقوقهم وعدم التعسف معهم، مقياساً أساسياً لتقييم الأداء، إلى جانب عدم الاقتصار على المؤشرات الإدارية التقليدية لقياس الأداء، منبهاً إلى أن تنمية وتعزيز الحس الوطني مطلب دائم في كل وقت، وليس مرتبطاً بمرحلة بعينها، مشيراً إلى أن الانتماء لا يتحقق بمجرد الأحاديث والخطب والمهرجانات الاحتفالية، بل ولا يمكن تحقيقه سوى من خلال ضمان تمتع المواطنين بحقوقهم دون انتقاص، ومعاملتهم كشركاء، موضحاً أن هذا يتطلب معالجة جميع أسباب الشعور بالتمييز في المعاملة التي يجدها البعض، سواء كانت على أسس مناطقية أو قبلية أو اجتماعية أو فكرية، مشدداً مرةً أخرى على أن المساواة في التمتع بالحقوق يجب أن تكون شعار المرحلة، خاصةً ونحن نراقب ما يجري من حولنا من اضطرابات سببها الرئيس شعور الناس بحرمانهم من حقوقهم وتعرضهم لممارسات تنتقص من كرامتهم.
أ.د.صالح الخثلان
تحديث منتظم
وتمنى "د.عبدالله بن ناصر الحمود" -نائب رئيس الجمعية السعودية للإعلام والاتصال وأستاذ الإعلام المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود- أن يُنظر للمهملين في أداء أعمالهم ووظائفهم، على أساس أنهم يهددون المصالح الوطنية الكبرى، مضيفاً أن معظم العاملين في مصالحنا الحكومية بشكل خاص، يخطئون النظر إلى طبيعة علاقتهم بالناس، فعوضاً من أن يكونوا موظفين يقدمون الخدمة، ويساعدون في الحصول على الحقوق المشروعة والطبيعية، أصبحوا "مانحين" و"أصحاب سلطة اجتماعية"، مبيناً أن هذا هو السبب الرئيس في اتساع الشقة بين الموظف والمراجع، مشيراً إلى أن عدداً من أنظمة العمل لدينا باتت متقادمة، داعياً إلى إجراء كل مصلحة حكومية تحديث منتظم لكافة أنظمتها ومهارات موظفيها، وقال: إنني أعجب من مسؤول إداري يعود في قراراته وتعاملاته اليومية مع حاجات الناس إلى تنظيمات تجاوز عمرها عقوداً من الزمن، دونما أن يثير هذا لدى ذلك المسؤول أي غضاضة، ذاكراً أن الجهات الرقابية تواجه التقادم ذاته في التنظيمات وفي مهارات العاملين، مؤملاً أن تُعنى تلك الجهات بالناس وبآرائهم، عبر إجراء الدراسات المسحية المتقدمة، التي يمكن من خلالها التعرف على اتجاهات الناس نحو تقديم الخدمات الإدارية وتطلعاتهم تجاهها، مطالباً الجهات الرقابية تفعيل نتائج تلك الدراسات بمهنية عالية وبآليات متطورة.
د.عبدالله الحمود
معاني القيادة
وأوضح "د.الحمود" أن الهدف الأسمى يتجسد في الأخذ بما يتطلع إليه الناس وتحقيقه كلما كان ذلك ممكناً، عوضا عن التشبث بالكراسي، والخوف من الانزلاق من على صهوتها، مضيفاً أن الخائفين على مقاعدهم، مسؤولون فاشلون، يقودون المؤسسة التي يعملون فيها إلى الفشل، وبالتالي يقدمون صوراً نمطية وسلبية عن الأداء الإداري لأجهزة القطاع العام، بل ويرفعون من مقت الناس وحنقهم، والنتيجة سلبية جداًّ على الإحساس بالاعتزاز بالوطن، وبالانتماء له والدفاع عنه، مشدداً على أهمية العمل بنهج القيادة الرشيدة الداعية إلى كل ما يمكن فعله من أجل خدمة المواطن وتقديم الخدمات إليه بشكل يرضي طموحه، ذاكراً أن خادم الحرمين الشريفين لخص في كلمته أمام مجلس الشورى، المرحلة الراهنة في مفردة واحدة وهي "التحديث"، ووصف -حفظه الله- التحديث الذي يتطلع إليه بأنه التحديث المتفق مع ثوابت الشريعة، والمتسق مع طبيعة المرحلة واحتياجات المواطنين، وهي الأمانة التي حملها نفسه بأن يسعى إلى تحقيق كل ما يكفل للمواطن عزه وسعادته ويحقق مصالحه، مشيراً إلى أنه لو كل مسؤول في قطاعنا العام استشعر تلك المعاني للقيادة الحكيمة، لأصبح حال أدائنا لوظائفنا أفضل كثيراً في وقت وجيز، مبيناً أنها الخلطة السرية للنجاح الذي تدركه غالباً القيادة، ويتركه كثير من الناس الموكل إليهم مهمات تنفيذية في قطاعنا العام.
د.نادية التميمي *
عدم الحصول على الحقوق.. «الكبت يولد العدوان»!
يذهب أحدنا لإنهاء معاملة ما، فنجده يبحث عن ما هو مطلوب لاستكمال أوراق معاملته في زيارة واحدة، ولكن هيهات أن يتم ذلك، وأبسط التعقيدات: أوراقك غير كاملة، هذا اذا كانت المؤسسة التي تقصدها قد وضعت في صفحتها الالكترونية الأوراق المطلوبة، أو قد لا يكون الموظف المسؤول على مكتبه، ويتوقف العمل وتمتد الطوابير؛ لأنه لا أحد يستطيع إنهاء هذه الإجراءات إلاّ هو، فالتوقيع البسيط على "معاملة روتينية" قد يجعلك تنتظر لأسابيع أو لأشهر، إضافةً إلى التشدد في طلبات معينة، فمثلاً قد يطلب منك حضور معرفين عنك، ولا يتم قبول بطاقة هويتك وشهادة من جهة عملك تثبت من أنت، لماذا هذا التشدد إذا كان الهدف اثبات من أنا؟، لا أحد يشرح لك لماذا، يجوز لأنهم هم أنفسهم لا يعرفون، ولكنها طريقة للخلاص منك وتأجيل أمرك إلى يوم آخر!.
هناك الكثير من نظريات علم النفس أظهرت العلاقة بين الإحباط المتكرر والعدوان، حيث يبدأ الشخص بتعميم ما حدث له من احباط، ثم السخط على جميع الأشخاص الذين يشغلون مناصب مشابهة، أو على جميع المؤسسات التي تؤدي أعمالاً مشابهة، ثم تتفاقم المشكلة بمقارنة نفسه بآخرين يتشابه معهم فى المقومات الأساسية والحقوق في بلدان أخرى، وقد يجد أنهم يحصلون على معاملة أفضل، تتمثل في احترام لإنسانيته ولحقوقه، بل وتقدير عالٍ جداًّ لعامل الوقت، ويقارن نفسه بمواطنين قد يعيشون في بلدان أخرى، أقل نمواً واقتصاداًمن بلده، وقد يجد أنهم يحصلون على معاملة أفضل، فيجد نفسه في آخر القائمة، فيزداد شعوره بالغضب والقهر والمشاعر السلبية، فيصبح عدوانياً وصاحب أفكار هدامة، بل ويرفض قبول هذا الواقع، وقد يسعى إلى تغييره، فقد يقرر السفر الى إحدى هذه البلدان والاستقرار فيها؛ لكي يستطيع الحصول على حقوقه، فيعلم تماماً ما له وما عليه، وشيئاً فشيئاً يتضائل شعوره بالإنتماء الى وطنه الأصلي، ويتنامى شعوره بالإنتماء إلى البلد الجديد!.
الصوره الأخرى، هي افتقاد الشعور أن هذه المؤسسات تعمل لمصلحته ولحفظ حقوقه، فلا يشعر مثلاً أن ما تؤديه أحياناً من إجراءات وأنظمة أو لوائح هي لمصلحته، فقد لا يحافظ على الممتلكات العامة؛ لأنه لا يشعر أنها له أو لغيره، بل ولا يساعد على تحسين الأوضاع من حوله، لأنه يعلم أنه آخر المستفيدين، وأخيراً لا ينفع علاج الإحباط مادام المصدر موجود.
* أخصائي أول علم نفس أكينيكي
مدينة الملك فهد الطبية
د.علي حسن الزهراني *
حياة المواطن بين «راجعنا بكرة» و«السيستم داون»!
الفرد في هذا الزمان لم يعد لديه "الصبر" الذي كان يتحلى به في أجيال سابقة، ولعل هذا مرده إلى أسباب من أهمها مشاهدته وهو في غرفته للطريقة والأسلوب الذي يعيشه الآخرون خارج حدوده، فضلاً على المشاهدات والتجارب التي خاضها من خلال تنقلاته الخارجية، كما أن أفراد المجتمع أصبحوا يقارنون بين شرطة إحدى دول الخليج التي تؤدي أعمالاً مثالية لخدمة المجتمع، وبين غرف العمليات لدينا والتي إما أن تكون مشغولة أو لا يتم الرد، أو الرد ب"نفس طفشانة"!، ولهذا تجد الفرد يضيق ذرعاً عندما يراجع الجوازات أو المرور أو مكتب العمل أو الاستقدام لاستخراج ورقة كان بإمكانه أن يعملها وهو في منزله بدون أي مضايقات، بل إنه يظل يتساءل دائماً: ما الذي يجعل دولاً مجاورة تستخدم التقنية لخدمة الإنسانية، بينما نحن لا نزال على أسلوبنا التقليدي راجعنا "بكرة"!، وحتى تلك الدوائر التي حاولت تطبيق التقنية على استحياء تجد الموظفين فيها استبدلوا كلمة "راجعنا بكره" بكلمة "السستم داون"، وهي في نهاية المطاف تعني "المرمطة" لهذا المراجع المغلوب على أمره.
هذه التعقيدات التي يمر بها المواطن في حياته اليومية هي حقيقة "تهد" من صحته النفسية والجسدية، حيث نجد البعض منهم يعاني من "الضغط" والآخر من "القولون العصبي" وثالث من "الاكتئاب"، بل وحتى تلك الأمراض الجلدية التي تظهر على البعض هي نتاج احباطات ومكبوتات النفس البشرية، وليس كلنا سواء في هذا الصدد، فمنا من يستخدم "حيله" الدفاعية فيتحول الى "حاقد" و "منتقم" من المجتمع، من خلال ممارسته لسلوكيات انتقامية ك"التهريب"
و"السرقة"!.
إننا مطالبون بتطبيق الحكومة الالكترونية لراحة المواطن من هموم المراجعة اليومية، وفي نفس الوقت تدريب موظفي "المواجهة مع الجمهور" على كيفية التعامل مع الآخرين، كي نحمى الأفراد من الأمراض النفسية والجسدية والتبعات التي قد تحدث للمجتمع نتاج هذه الاحباطات، وفي اعتقادي الشخصي أن إحساسنا بهموم المواطن سيريحه نفسياً، وبالتالي سيجعل منه مواطناً صالحاً يسعى في بناء وطنه وحمايته من المتربصين به.
* استشاري نفسي واستاذ مساعد بكلية الطب
المواطن سئم من كلمة راجعنا بكرة
«مركز الحوار» و«كراسي الوحدة»..الرسالة لم تصل!
تأتي المبادرة بإنشاء مراكز وكراسي معنية بترسيخ الوحدة الوطنية فيما يبدو ضمن توجه عام يحافظ على الوحدة الوطنية، ويعزز روح المواطنة في نفوس المواطنين، وما بين الأهداف السامية من تأسيس تلك الجهات كمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني والكراسي الخاصة بتعزيز المواطنة في الجامعات والهيئات وما بين أدائها، يتضح أنها ظلت تدور في فلك تقريري منهجي يعتمد على التنظير والندوات والأفكار المثالية التي يقرأها الناس في الكتب، بينما عجز دورها حتى اللحظة عن المساهمة في الحد من منغصات المواطنة التي تمارس على المواطن بشكل يومي من خلال عُقد من ترسبات البيروقراطية واللامسؤولية في جهات حكومية عديدة..
وتبدو ردة الفعل من قبل المسؤولين في تلك الجهات حين اتصلنا بهم للمشاركة في هذا التحقيق باهتة، وباردة، وبعضها وصل إلى حد الاقتراح بأن نغيّر فكرة التحقيق.. فقد اتصلنا بالمشرف على كرسي الوحدة الوطنية بجامعة الإمام، وكذلك المشرف العام على كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري بجامعة الملك سعود، كما اتصلنا بنائب الأمين لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.
وهم رجال وضعوا في موقع المسؤولية ليقوموا بكل ما يمكن من أجل تعزيز الوحدة الوطنية، وإشاعة روح المواطنة المتفائلة في نفوس المواطنين، إلاّ أننا لم نرَ أي تفاعل أو استجابة، ويخشى أن يكون المواطن بتنامي وعيه، وبما يتوفر لديه اليوم من وسائل الاتصال واكتشاف العالم قد تجاوز ما بحوزة تلك المراكز والكراسي من أفكار ورؤى تجاه الوحدة الوطنية، حينها ستصبح جميع المبادرات من قبل تلك الجهات أقل مما هو مطلوب!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.