يظن البعض أن جائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز للسعودة مجرد جائزة تمنح لعدد من المنشآت التي حققت إنجازات على صعيد التوظيف لقوى العمل الوطنية، ولكن المتعمق يرى أبعاداً أخرى أكثر دلالة وعمقاً، فالجائزة في معناها الظاهر تشجيع للقطاع الخاص في المضي قدماً نحو السعودة، التي تعد عملاً وطنياً في الأساس، أما معناها الفلسفي فيكمن في الاعتراف بجهود القطاع الخاص في مسألة التنمية الشاملة في المجتمع، ومن ثم استنفار كل الطاقات الوطنية لدى مؤسسات القطاع الخاص، التي قد لا يراها البعض ظاهرة للعيان، إلا أن الجائزة تقول إن الحس الوطني ليس غائباً عن هؤلاء القائمين على صروح العمل الأهلي في المملكة، وإن كان نسبياً في كثير من الأحيان، فالجائزة تسلط الضوء على العمل الوطني. لا ينكر أحد أن القطاع الخاص أضحى على درجة عالية من الوعي الوطني، والمسؤولية الكبيرة تجاه الرسالة المفترض أنهم يحملونها المتمثلة في تقليص الفجوة بين أعداد العاملين من الجنسيات الوافدة، وبين العمالة الوطنية في البلاد. لقد أصبح القطاع الخاص هو الموظِف الرئيس للعمالة في المملكة، والركيزة الأساسية للنشاط الاقتصادي والتنمية بأشكالها، لهذا حرصت الدولة على تبني العديد من السياسات والإجراءات التحفيزية والمشجعة لهذا القطاع الحيوي بما يملكه من مقومات، لتفعيل دوره الوطني في الاقتصاد والتنمية، خاصة التنمية البشرية، من هنا جاءت فكرة جائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز للسعودة الداعمة لهذا الفكر. قد اختلف مع الكثيرين، حتى مع بعض الطرح الذي سبق، فإذا كنا نعد تشغيل العمالة الوطنية عملاً وطنياً، وهذا أمر لا جدال فيه، إلا أنني أعده رسالة ومسؤولية يجب أن يتحملها القطاع الخاص، وليس جوازاً أن يتحملها، وفرضاً تفرضه وطنيته عليه، لا فرضاً تفرضه مؤسسات الدولة عليه، فليس القطاع الخاص بمعزل عن قضايا الأمة، ويجب أن يكون رقماً إيجابياً في المشاركة الفاعلة في إيجاد الحلول لمشكلة البطالة، لأنهم باختصار في قلب الحدث، ورؤيتهم تتسم بالواقعية، بعيداً عن التنظير، ولقاءات الصالونات المغلقة، إنما امتد إلى الجوانب المعنوية والاجتماعية، فالتحفيز يعني كل ما من شأنه التأثير في تحقيق الأهداف والنتائج التي يتمناها الجميع، بل إن التحفيز يرتبط بالفعل مع حجم ما تحقق من إنجاز، ومن ثم يكون المحتفى به في جائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز للسعودة نموذجاً وقدوة للآخرين.. إن الجائزة تترجم سياسات الدولة، ورؤيتها الثاقبة في الاهتمام بالقوى الوطنية التي تعد سلاحاً يطلق عليه السياسيون القوى الناعمة، أي القوى التي لا تحمل سلاحاً بمعناه المعروف، وإنما سلاحها التنمية والازدهار بالفرد، ثم المجتمع.. من هنا يعدونها الأكثر تأثيراً في تاريخ الأمم.. *المدير العام لإدارة العلاقات العامة والإعلام المتحدث الرسمي باسم وزارة العمل