قرأنا مؤخرا قرار هيئة الاتصالات إلزام شركات الهاتف المتنقل بإلغاء خدمة التجوال المجاني. وحيث إنني أستغرب هذا القرار فانني كنت أتمنى من الهيئه توضيح أسباب القرار بدلا من مجرد اعلامنا بأن القرار كان لحماية السوق، حماية السوق من ماذا؟ قد يتبادر إلى الذهن عند سماع هذا القرار أن شركات قطاع الاتصالات تحتضر بسبب المنافسه غير العادله. ولكن الواقع يقول إن القطاع لايزال من أكثر القطاعات ربحية رغم انخفاض الأسعار بعد فك الاحتكار وكذلك بعد دخول مشغل ثالث للهاتف المتنقل. نحن نتحدث عن متوسط هامش ربحي للقطاع فوق 25% حتى نهاية الربع الأخير من عام 2009، نحن نتحدث عن 25 هللة متوسط سعر الدقيقه، ذلك أكثر من ضعف متوسط سعر الدقيقه في أسواق إقليميه تعمل فيها شركات أوروبية ومحلية وتحقق عائد مجزي على اسثماراتها. إذن هيئة الاتصالات تريد حماية السوق من ماذا؟ شركات الهاتف المتنقل الثلاث جميعها تملك شركات اتصالات خارج المملكة ولديها تحالفات إستراتيجية في دول أخرى وكلها تستطيع توفير خدمة استقبال مجاني لعملائلها الذي يوفرون لها عائدا ماديا عاليا (premium margins) من خلال مكالماتهم المحلية والدولية. يقول أحد الظرفاء إن المستهلك السعودي يعدل بين شركات الاتصالات أكثر مما يعدل بين زوجاته فهو يستخدم 3 شرائح من ثلاث شركات لإرضائها جميعا، والظالم منهم لديه شريحتان! إذن هيئة الاتصالات تريد حماية السوق من ماذا؟ لم نسمع بتسريح موظفي شركات الاتصالات بسبب الخسائر، بل على العكس من ذلك، فالتوظيف متزايد والحوافز أعلى من أي وقت مضى، وأعلى من قطاعات كثيرة أخرى كالغذاء، والبناء، والتأمين، بل وربما البتروكيماويات والبنوك. إذن هيئة الاتصالات تريد حماية السوق من ماذا؟ إن المبالغة في مفهوم ال "حماية" يحولها إلى "وصاية" يتضرر منها جميع الشركاء (Stake Holders) بمن فيهم المستهلك، وتقلل من جاذبية الاستثمار في القطاع.