أعلنت تايلند وكمبوديا في بيان مشترك السبت اتفاقهما على وقف فوري لإطلاق النار، متعهدتان إنهاء أسابيع من الاشتباكات الحدودية الدامية. وبحسب إحصاءات رسمية، قُتل ما لا يقل عن 47 شخصا ونزح أكثر من مليون آخرين خلال عمليات عسكرية استمرت ثلاثة أسابيع استُخدمت فيها المدفعية والدبابات والطائرات المسيّرة والمقاتلات. وامتد النزاع إلى كل المحافظات الحدودية تقريبا على جانبي الحدود، ما أدى إلى انهيار هدنة سابقة نسبها له الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وأفاد البيان الذي وقّعه وزيرا الدفاع في البلدين في معبر حدودي على الجانب التايلندي "يتفق الطرفان على وقف فوري لإطلاق النار فور توقيع هذا البيان المشترك، ويصبح ساريا اعتبارا من الساعة 12,00 ظهرا (05,00 ت غ) في 27 ديسمبر 2025". وأشار البيان إلى أن الاتفاق يشمل "كل أنواع الأسلحة والهجمات على المدنيين والأهداف المدنية والبنية التحتية والأهداف العسكرية للجانبين وفي كل الحالات وكل المناطق". كما اتفق الطرفان على تجميد كل تحركات القوات والسماح للمدنيين الذين يعيشون في المناطق الحدودية بالعودة إلى ديارهم في أسرع وقت ممكن. ولحظ الاتفاق أيضا التعاون في جهود إزالة الألغام ومكافحة الجرائم الإلكترونية، على أن تعيد تايلند 18 جنديا كمبوديا أسيرا خلال 72 ساعة. وصرح وزير الدفاع التايلندي ناتافون ناركفانيت بأن الأيام الثلاثة الأولى ستكون "فترة مراقبة للتأكد من جدية وقف إطلاق النار". وفي خطاب ألقاه في وقت سابق السبت، وصف الهدنة بأنها "باب لحل سلمي" للنزاع الحدودي. ورحّب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في بيان بالاتفاق. وقال "ندعو كمبوديا وتايلند إلى احترام هذا الالتزام بشكل فوري وتنفيذ بنود اتفاقات كوالالمبور للسلام بشكل كامل". ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الاتفاق بأنّه خطوة إيجابية نحو "تخفيف معاناة المدنيين وإنهاء الأعمال العدائية الحالية، وإيجاد بيئة مؤاتية لتحقيق سلام دائم"، بحسب ما أفاد الناطق باسمه ستيفان دوجاريك. كذلك، أعرب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك عن أمله في أن يمهّد استئناف وقف إطلاق النار الطريق لبناء الثقة وإحلال السلام. وشدد مكتبه على منصة إكس على "ضرورة حصول المجتمعات والمهاجرين المتضررين على المساعدة اللازمة للعودة إلى ديارهم سالمين". من جهته، رحّب الاتحاد الأوروبي باتفاق وقف إطلاق النار، داعيا الطرفين إلى تنفيذه بحسن نية. وقال الناطق باسم الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي أنور العنوني "نشكر رابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان" على دورها الإيجابي في هذا الإنجاز"، مضيفا "الاتحاد الأوروبي على أتم الاستعداد لتقديم أي دعم مطلوب". وجاء وقف إطلاق النار بعد ثلاثة أيام من محادثات حدودية أُعلنت عقب اجتماع أزمة لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا التي تضم بين أعضائها كمبودياوتايلاند. كما ضغطت الولاياتالمتحدةوالصين على الدولتين المتجاورتين لوقف القتال. وأعلن وزيرا خارجية تايلاندوكمبوديا أنهما سيزوران الصين يومي 28 و29 ديسمبر للقاء نظيرهما الصيني وانغ يي وإجراء محادثات ثلاثية. وأسفرت خمسة أيام من القتال بين البلدين في يوليو عن مقتل العشرات قبل أن تتوسط الولاياتالمتحدةوالصين وماليزيا في التوصل إلى هدنة. وشهد ترمب توقيع اتفاق موسع بين تايلاندوكمبوديا في أكتوبر، إلا أنه لم يصمد سوى لأشهر قليلة. وتبادل الطرفان الاتهامات بإشعال فتيل القتال الجديد هذا الشهر، واتهم كل منهما الآخر بشن هجمات على المدنيين. وقال مسؤولون إن ما لا يقل عن 25 جنديا تايلنديا ومدنيا تايلنديا واحدا قُتلوا في الجولة الأخيرة من الاشتباكات. وأعلنت كمبوديا التي يتفوق عليها الجيش التايلندي على صعيد التسليح والإنفاق، مقتل 21 مدنيا، لكنها لم تُبلغ عن أي وفيات في صفوف العسكريين، وذلك رغم حضور زوجة زعيمها هون مانيه جنازة جنود قُتلوا في الاشتباكات، وفق منشور رسمي على فيسبوك. وكان القتال لا يزال محتدما الجمعة، إذ اتهمت كمبوديا تايلند بتكثيف قصفها للمناطق الحدودية المتنازع عليها، وأفادت وسائل الإعلام التايلاندية بوقوع هجمات كمبودية خلال الليل. ومن المقرر إجراء انتخابات عامة في تايلاند في الثامن من فبراير.