يُعد "القرنفل" المعروف شعبيًا في المملكة باسم المسمار أو "العويدي" واحدًا من أبرز النباتات العطرية التي احتفظت بقيمتها في البيوت السعودية عبر الأجيال، سواء في الطهي أو العلاج الشعبي. ومع دخول الشتاء يزداد الإقبال عليه لما يمنحه من نكهة دافئة عند إضافته للقهوة أو الشاي، ولما ارتبط به من فوائد صحية يحتاجها الجسم في الأجواء الباردة. ويحتوي العويدي على مركبات مهمة أبرزها "الأوجينول" ومضادات الأكسدة، ما جعله عنصرًا ذا فعالية عالية في تعزيز المناعة وتحسين الصحة العامة. ويشير مختصون في الطب التكميلي إلى أن القرنفل يساعد في رفع قدرة الجسم على مقاومة أمراض الشتاء الشائعة، بفضل مضادات الأكسدة التي تقلل من تأثير الجذور الحرة وتدعم جهاز المناعة ضد الفيروسات والجراثيم، كما يُعد نباتًا ذا طبيعة دافئة تمنح الجسم نشاطًا وتوازنًا في الأجواء الباردة، ولهذا يفضّل الكثيرون إضافته للقهوة العربية أو غليه مع الشاي لإضفاء نكهة قوية ورائحة محببة داخل المنازل والمجالس. وفي الجانب العلاجي ما زال القرنفل يُستخدم لتخفيف آلام الأسنان، وهو استخدام قديم أثبتت الدراسات الحديثة فعاليته، فمادة "الأوجينول" الموجودة فيه تعمل كمخدر طبيعي يهدئ الألم ويحد من الالتهاب، إضافةً إلى قدرته على مكافحة البكتيريا المسببة لالتهابات اللثة والروائح غير المرغوبة في الفم، وما زالت كثير من الأسر تحتفظ به كحل سريع في حال ظهور ألم مفاجئ. ويتمتع العويدي كذلك بقدرة لافتة على تحسين وظائف الجهاز الهضمي، إذ يساعد في تخفيف الانتفاخ والغازات والمغص، ويعالج عسر الهضم ويقلل من تقلصات البطن، ويشير مختصون إلى أن تناوله بعد الأكلات الشتوية الدسمة يسهم في تنشيط حركة الأمعاء وراحة المعدة، مما جعله من النباتات المعروفة في وصفات الهضم التقليدية، كما تظهر بعض الدراسات دوره في تنظيم مستويات سكر الدم وتعزيز استجابة الجسم للإنسولين، ما يجعله خيارًا مساعدًا لمرضى السكري عند استخدامه باعتدال. ولا تتوقف فوائد العويدي عند هذا الحد، إذ يمتد تأثيره إلى صحة البشرة بفضل خصائصه المضادة للبكتيريا والالتهابات، وهو ما يجعله مساعدًا في الحد من ظهور حب الشباب وتحسين نضارة الجلد. كما تشير بعض الأبحاث إلى دوره في تعزيز صحة العظام وزيادة كثافة المعادن فيها، الأمر الذي يفيد كبار السن خصوصًا في المواسم الباردة التي تقل فيها الحركة والنشاط. وفي الشتاء تحديدًا تحضر وصفة "شاي العويدي" بقوة في القرى الجبلية مثل الهدا والشفا، حيث يجري غلي عدة فصوص في الماء وشربها ساخنة للتخفيف من السعال والزكام وطرد البلغم، كما يدخل القرنفل في القهوة العربية بنسب بسيطة تمنحها نكهة قوية وتساعد في تدفئة الجسم، فيما يستخدمه البعض في إعداد الحلويات والأطباق الشعبية. ويستعمل زيته كذلك في العناية بالشعر وتنشيط فروة الرأس، بشرط تخفيفه بزيوت أخرى كجوز الهند أو الزيتون لتجنب تهيج الجلد. ورغم فوائده الواسعة ينصح الخبراء بعدم الإكثار منه، إذ قد يسبب الإفراط تهيج المعدة أو أعراضًا غير مرغوبة لدى البعض، لذا يُفضّل استخدامه بكميات معتدلة خصوصًا في المشروبات اليومية، وبشكل عام يبقى العويدي جزءًا مهمًا من الموروث الشعبي السعودي، يجمع بين النكهة الطيبة والرائحة الشتوية الجميلة والفوائد الصحية المتعددة، ليظل حاضرًا في المجالس والبيوت كمكوّن يضفي الدفء والفائدة في آن واحد.