تشهد المدارس في مختلف مناطق المملكة انتشاراً واسعاً لمجموعات أولياء الأمور عبر تطبيق "الواتساب"، حيث تجمع الآباء والأمهات مع إدارات المدارس والمعلمين؛ بهدف تعزيز التواصل ومتابعة الطلاب، ورغم الفوائد التي تقدمها هذه قروبات إلاّ أن الجدل لا يزال دائراً حول مدى فعاليتها، وما إذا كانت تسهم في دعم الطالب أم أنها أصبحت -من دون قصد- سبباً في تزايد الغياب. ورأى عدد من الأمهات أنّ قروبات الواتساب ساعدتهن في متابعة واجبات أبنائهن، ومعرفة مواعيد الاختبارات والأنشطة خاصةً للطالبات في المراحل الابتدائية، تقول إحدى الأمهات: أصبحنا نعرف كل شيء أولاً بأول دون الحاجة للاتصال أو زيارة المدرسة، وهذا يسهل علينا تنظيم يوم أطفالنا. ويشير بعض الآباء إلى أن هذه القروبات وفرت جسراً فعالاً للتواصل مع المدرسة، خاصةً لمن يعملون لساعات طويلة ولا يستطيعون الحضور باستمرار، أحد الآباء أوضح أنه أحياناً يكون القروب بديلاً لاجتماع أولياء الأمور، ونحصل على المعلومة بشكل أسرع. من جانبهم، يقدّر المعلمون أهمية التواصل مع أولياء الأمور، لكنهم يرون أن القروبات تحولت أحياناً إلى عبء إضافي على المعلم والمعلمة، تقول المعلمة فاطمة العتيبي: هي مفيدة إذا كانت منظمة، ونشر المعلومات فيها يتم عبر الإدارة فقط، لكن المشكلة حين تتحول إلى مساحة لكثرة الأسئلة المكررة أو طلب إرسال الواجبات يومياً. وذكر المعلم منصور الحارثي أن بعض أولياء الأمور أصبحوا يعتمدون على القروب لإبلاغ أبنائهم بالمعلومات بدلاً أن يكتبوها في الدفتر، مما يضعف مهارة المتابعة الذاتية لدى الطلاب، مؤكداً على أن كثرة الاتكال على الواتساب تضعف الانضباط. ومن أبرز الانتقادات التي وُجّهت لقروبات أولياء الأمور أنها قد تساعد -دون قصد- على تشجيع الغياب، إذ يسأل بعض أولياء الأمور الآخرين: "هل هناك حصص؟"، "هل هناك اختبار؟"، "هل المعلم حضر؟". وأكد عدد من المعلمين أن مثل هذه الأسئلة تؤثر سلباً على الالتزام المدرسي، حيث يتخذ بعض الآباء قرار غياب أبنائهم اعتماداً على ما يسمعونه في القروب، وليس وفقاً للنظام. وأشارت المعلمة نجلاء الشهري إلى أن بعض أولياء الأمور يعممون من خلال القروب معلومات غير دقيقة مثل إلغاء الحصة، أو سهولة اليوم الدراسي، وهذا يؤدي إلى انخفاض نسبة الحضور خاصةً في نهاية الأسبوع. وعلى الرغم من الملاحظات، إلاّ أن لمجموعات أولياء الأمور فوائد كبيرة إذا أديرت بالشكل الصحيح، أبرزها، تعزيز التواصل الفوري بين الأسرة والمدرسة، وتوضيح الأنشطة والواجبات والملاحظات العامة، ورفع الوعي بالدور التربوي للأسرة، ومشاركة الأخبار الرسمية بشكل سريع ودقيق، إضافة إلى دعم الطلاب في الظروف الطارئة. ورأى مختصون أن المجموعات ساعدت على تقليل الفجوة بين المعلم وولي الأمر، وسهلت على الأسرة مراقبة مستوى الطالب الأكاديمي والسلوكي. وعلى الجانب الآخر، يلاحظ المختصون عدة سلبيات ظهرت مع الاستخدام غير المنضبط، ومنها إرسال رسائل خارج وقت الدوام، أو في ساعات متأخرة، أو نشر معلومات غير دقيقة دون التحقق، وتداخل الأدوار بين المعلم وولي الأمر ومناقشات جانبية لا تخص العملية التعليمية، إلى جانب الضغط على المعلم بطلب إرسال الواجبات أو التوضيحات لكل درس. وقال الدكتور صالح الثقفي -خبير تربوي-: إن القروبات أصبحت في بعض الأحيان منفذاً لنقل الإشاعة التعليمية، مشدداً على أهمية وجود إدارة واضحة ومنسق مسؤول. وأكد تربويون أن الحل ليس في إلغاء مجموعات الواتساب، بل في ضبطها من خلال تخصيص المجموعة للإعلانات الرسمية فقط، مع وجود مشرف واحد من المدرسة لإدارة المجموعة، وتحديد أوقات معينة لإرسال الرسائل ومنع النقاشات الجانبية وعدم إرسال واجبات أو دروس يومية إلاّ عند الضرورة. وأخيراً تشكّل مجموعات أولياء الأمور عبر الواتساب أداة مهمة وفعّالة لدعم العملية التعليمية، لكنها في الوقت نفسه قد تتحول إلى مصدر ضغط وتشجيع غير مباشر على الغياب إذا لم تُدار باحترافية، وبين المؤيدين والمعارضين، يتفق الجميع على أن نجاح هذه المجموعات يعتمد على وضوح الهدف، وإدارة المناقشات، والتعاون بين المدرسة والأسرة لإيجاد بيئة تعليمية أكثر فاعلية وجودة. قروبات أولياء الأمور تحتاج لتحديد الأهداف