شكّل صدور المرسوم الملكي الكريم رقم م/14 بتاريخ 19/1/1447ه، والقاضي بالسماح للأجانب بتملّك العقار- والذي سيدخل حيّز التنفيذ بعد ستة أشهر من صدوره، أي مع مطلع العام الميلادي الجديد- منعطفاً مهماً من شأنه إحداث تأثيرات واسعة على سوق العقار والاقتصاد الوطني على حد سواء. يتوقع الخبراء أن يساهم هذا القرار في إعادة رسم خريطة القطاع العقاري خلال السنوات المقبلة؛ إذ يُتوقع أن تتوسع قاعدة الطلب بصورة ملحوظة، خصوصاً في المدن الكبرى التي أصبحت محط اهتمام الشركات الدولية والمقيمين ذوي الدخل المرتفع. كما تشير التقديرات إلى أن الطلب الأجنبي سيركّز على العقارات السكنية الحديثة والعقارات التجارية ذات العائد الاستثماري المرتفع، الأمر الذي سيعزز النشاط داخل السوق ويرفع معدلات التداول. ورغم أن الزيادة في الأسعار قد تكون تدريجية، إلا أن التوقعات تشير إلى ارتفاع أوضح في المناطق الحضرية ذات الجاذبية الاقتصادية، وعلى رأسها الرياضوجدة والدمام، بينما سيظل التأثير أقل وضوحاً في المدن الأصغر. ومن جانب التطوير العقاري، يُرجَّح أن يدفع القرار المطورين إلى توسيع نطاق مشاريعهم، وتحسين جودة البناء، وابتكار منتجات عقارية جديدة تلائم احتياجات المستثمرين الأجانب؛ ما سينعكس إيجاباً على وتيرة التنمية، ويفتح مزيداً من فرص العمل المرتبطة بالقطاع. أما اقتصادياً، فيُعد القرار محفزاً مهماً لجذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية المباشرة، وداعماً إضافياً لتعزيز مكانة المدن السعودية على الخريطة العالمية، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية 2030 في تنويع الاقتصاد، واستقطاب المواهب والشركات الدولية. وعلى الرغم من المزايا المتوقعة، فإن السوق قد يواجه بعض التحديات؛ أبرزها التخوف من ارتفاع أسعار العقارات على المواطنين ما لم يتوازَ ذلك مع زيادة كافية في المعروض. لذلك يشدد المختصون على ضرورة وضع ضوابط واضحة تحكم آليات التملك، وتضمن التوازن بين الطلب المحلي والأجنبي، وتحد من أي ممارسات مضاربيه قد تؤثر على استقرار السوق. في المحصلة، يمهّد القرار لمرحلة جديدة أكثر انفتاحاً وتنافسية في سوق العقار، مع فرص كبيرة للنمو، شريطة أن تُدار المرحلة بسياسات متوازنة، تعزز استدامة القطاع وتراعي احتياجات مختلف فئات السوق.