قبل شهر تقريباً، قضيت بعض الشتاء في شنغهاي، التي بقيت صامدة، ولم تتأثر بهطول الأمطار الغزيرة، وكانت الشوارع هادئة وآمنة في وجه السيول الغادرة، ولم تتوقف الحياة النابضة لحظة واحدة أمام المارة والسيارات المزدحمة، وكأن المدينة ترتدي درعاً سحرياً، يحول العاصفة إلى نسيم، وبالطبع، فقد أثارت هذه اللوحة الساحرة فضولي العميق: كيف تروض الصين وحوش الشتاء، أمطارها وفيضاناتها، دون أن يتعطل نبض الاقتصاد أو يتجمد تدفق البضائع عبر شرايين المدن والمقاطعات؟ والسر يكمن في الساحر الرقمي الذي يحول الكوارث إلى قصص انتصار، موفراً مليارات الدولارات، ومبدلاً الشتاء من غول مخيف، إلى لوحة فنية رائعة للنمو الاقتصادي. يُستخدم الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع للتنبؤ والاستجابة السريعة، وعلى سبيل المثال، يعتمد نظام «مازو» التابع لإدارة الأرصاد الجوية الصينية على نماذج مثل «يوشي» و»فوياو»، لمعالجة بيانات الرادارات والأقمار الصناعية والنماذج العددية، ويقدم هذا النظام تنبؤات بالأمطار والرياح على مستوى الشوارع كل 10 دقائق، ويعطي توصيفًا دقيقًا لخلايا العواصف الرعدية، مما يسمح بتحديد المناطق المعرضة للخطر، وفي شنغهاي، يركز النظام على التحذيرات الصحية عند انخفاض درجات الحرارة أكثر من 6 درجات مئوية خلال 48 ساعة في الخريف والشتاء، مما يحمي المرضى المزمنين ويقلل من التكاليف الطبية. بالإضافة إلى ذلك، يُستخدم الذكاء الاصطناعي في كاميرات مراقبة الأنهار والمجاري في الوقت الفعلي، وتكشف برمجية مثل «التنبؤ بتدفقات الأنهار الجوية»، المطورة من بحوث جامعة باث، العوائق مثل الأوراق أو النفايات بدقة تصل إلى 90 %، وترسل إنذارات فورية لفرق الصيانة، وهذا يمنع الانسدادات التي تسبب السيول، خاصة في المناطق الحضرية مثل شنغهاي، حيث تكون الأمطار الشتوية غزيرة لكنها قصيرة المدى، وبدلاً من الاعتماد على التفتيش اليدوي، يوفر هذا النظام تكاليف منخفضة ويجعل المدن أكثر مرونة أمام تغير المناخ. تُعد الخسائر الاقتصادية من الفيضانات والأمطار الغزيرة في الصين هائلة، مما يجعل الذكاء الاصطناعي أكثر أهمية في حماية الناس من مخاطر فصل الشتاء، وفي النصف الأول من عام 2025، بلغت الخسائر الاقتصادية المباشرة من الكوارث الطبيعية 54.11 مليار يوان (7.55 مليار دولار)، مؤثرة على أكثر من 23 مليون صيني، وبحلول أكتوبر 2025، ارتفعت الخسائر إلى 30.5 مليار دولار، ويقلل الذكاء الاصطناعي من هذه الخسائر بشكل كبير، وعلى سبيل المثال، في ميناء نينغبو-تشوشان، أكبر ميناء في العالم من حيث حجم البضائع، ومن خلال استخدام نظام «مازو» تم تحسين دقة التنبؤ بالعواصف إلى 86 %، مما أضاف 200 ساعة رسو إضافية للسفن وزاد القيمة الاقتصادية المباشرة ب 160 مليون يوان في النصف الأول من 2025. وفي مدينة يوياو التاريخية، ساعد الذكاء الاصطناعي في إجلاء أكثر من 1000 شخص أثناء إعصار «كو-واي»، مما منع إضافة المزيد من الخسائر، ويوفر استخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة الفيضانات، من خلال تقليل الإنفاق على الإصلاحات والإجلاءات الطارئة، حيث يحول الدفاع السلبي إلى إعداد استباقي، مما يعزز الإنتاجية في قطاعات نوعية مثل الزراعة والنقل، التي تتضرر بشدة أثناء الفيضانات، وتسمح تلك الاستخدامات بتحديد مخاطر السيول مسبقاً، مما يزيد من قدرة الجهات المختصة على صيانة المجاري وتوزيع الموارد بكفاءة. وعلى المستوى الصحي، يقلل الذكاء الاصطناعي من مخاطر الشتاء على مرضى الربو، وعلى سبيل المثال، أدت التحذيرات الصحية في شنغهاي إلى حماية أكثر من 2000 مريض من الأمراض الناتجة عن برودة الطقس، كما تدعم استخدامات الذكاء الاصطناعي قطاع الزراعة من خلال تنظيم درجات الحرارة وإدارة المياه، مما يمنع خسائر الحصاد، وبشكل عام، يحول الذكاء الاصطناعي فصل الشتاء إلى فترة مستقرة اقتصادياً، حيث يقلل الخسائر بنسبة 50 % في بعض المناطق من خلال الإنذار المبكر، مما يعزز النمو المستدام رغم الظروف المعاكسة لتغير المناخ.