القيادة تهنئ رئيس جمهورية النيجر رئيس الدولة بذكرى يوم الجمهورية لبلاده    برعاية أمير المدينة.. اختتام مسابقة "مشكاة البصيرة" لحفظ الوحيين    إلغاء المقابل المالي على العمالة الوافدة: خطوة استراتيجية لتعزيز تنافسية الصناعة الوطنية    أمير الشرقية يكرّم داعمي جمعية «أفق» لتنمية وتأهيل الفتيات    جناح إمارة الرياض يوثق محطات تاريخية للملك سلمان    ارتفاع أسعار النفط    الإمارات تدرج السدو4 عناصر جديدة في قائمة «اليونسكو»    الإحصاء: ارتفاع عدد المراكز اللوجستية إلى 23 مركزا في 2024م    مرتفعات تروجينا وجبل اللوز تشهد تساقط الثلوج وهطول الأمطار    أمير القصيم يواسي خالد بن صالح الدباسي في وفاة زوجته وابنتيه    مسار رياضي لذوي الإعاقة بتعليم مكة    ندوات معرفية بمعرض جدة للكتاب تناقش الإدارة الحديثة والإبداع الأدبي    الاتفاقية الإستراتيجية مع شركة هيوماين تتبنّى تقنيات متقدمة وتوطين حلول الذكاء الاصطناعي    إطلاق عدد من الطيور الجارحة في السودة    هل الإنسانُ مُختَرَق؟    دار التوحيد بالطائف.. بدايات العلم والمعرفة    من سرق المصرف الإنجليزي؟    أمير القصيم: سوق العمل الموجّه الحقيقي للتخصصات التعليمية    سورية: مقتل شخص واعتقال ثمانية بعملية أمنية ضد خلية ل«داعش»    رينارد: الألقاب غائبة عن «الأخضر» منذ 2003    الحسني يقرأ ثقافة الخوارزميات بديوانية المزيني    احتجاز الآلاف و70 من طواقم صحية بجنوب دارفور «الصحة العالمية» تطالب بالإفراج الآمن وغير المشروط    نعمة الذرية    موسم الشتاء.. رؤية طبية ونصائح عملية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يشخص أورام الرئة عبر تقنية تنظير القصبات الهوائية بالأشعة الصوتية EBUS    "القصيم الصحي".. اعتماد "سباهي" و"عناية الكبار"    في ذمة الله    البيطار يحتفل بزفاف مؤيد    القحطاني يحصل على الماجستير    900 مليون لتمويل الاستثمار الزراعي    فرص امتياز في معرض أبها    مدربا ميلان ونابولي: مواجهتنا صعبة والتركيز سيمنحنا بطاقة العبور لنهائي السوبر الإيطالي    رئيس قسم الإعلام الخليجي والقطري ل «البلاد»: نبارك للأولمبي السعودي التتويج بكأس الخليج    «الأسير» يعيد هند عاكف بعد غياب 16 عاماً    خالد عبدالرحمن يصدح في «مخاوي الليل»    الكلية التقنية بجدة تنتزع لقب بطولة النخبة الشاطئية للكرة الطائرة 2025    الأخضر يواجه الإمارات لحسم المركز الثالث    تصاعد الاستيطان الإسرائيلي يثير إدانات دولية.. واشنطن تؤكد رفض ضم الضفة الغربية    تعزيزاً لمكتسبات رؤية 2030.. المملكة مقراً إقليمياً لبرنامج قدرات المنافسة    تعول على موسكو لمنع جولة تصعيد جديدة.. طهران تعيد تموضعها الصاروخي    سمو ولي العهد يعزّي ولي عهد دولة الكويت في وفاة الشيخ جابر مبارك صباح الناصر الصباح    حرقة القدم مؤشر على التهاب الأعصاب    علماء روس يطورون طريقة جديدة لتنقية المياه    حنان الغطيمل تحصد جائزة عالمية وضمن 100 قيادية    الفتح يتعادل إيجابياً مع النصر ودياً    رئيس الأكاديمية الأولمبية السعودية "بن جلوي"يشهد تكريم خريجي دبلوم الدراسات الأولمبية    تفوق رقمي للأفلام مقابل رسوخ محلي للكتب والمكتبات    أمسية شعرية سعودية مصرية في معرض جدة للكتاب 2025    موسكو ومسارات السلام: بين التصعيد العسكري والبعد النووي للتسوية    تصعيد ميداني ومواقف دولية تحذر من الضم والاستيطان    ضبط 952 كيلو أسماك فاسدة ببيشة    أبو ملحة يشكر أمير عسير    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشروعات التي تنفذها أمانة المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل وفد من أعضاء مجلس الشورى    الهيئة العامة للنقل وجمعية الذوق العام تطلقان مبادرة "مشوارك صح"    «هيئة الحرمين» توفّر سوارًا تعريفيًا للأطفال    «المطوف الرقمي».. خدمات ذكية لتيسير أداء المناسك    الحياة الفطرية يطور الحوكمة ب« الثقوب الزرقاء»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقصورة السويلم.. مَعلمٌ يُحاور الزمن
نشر في الرياض يوم 11 - 12 - 2025

في صمت الرمال، وبين تضاريس الصخر، وجنون التنوع تتحدث المملكة العربية السعودية بلغة التاريخ، وموطن الحضارات المتعاقبة، وشاهد حي على ولادة الإنسان، وتطور العمران، وتلاقي الثقافات.
تسعى المملكة، من خلال رؤية 2030، إلى إعادة تعريف موقعها الحضاري عالميًا كأرض زاخرة بالإرث الإنساني، والمادي والطبيعي، وقد باشرت الجهات المختصة، كمنظومة الثقافة، في خطوات نوعية للحفاظ على الآثار، وتسجيلها في قائمة التراث العالمي (اليونسكو)، لتصبح هذه المواقع رواة لقصة وطن لم ينقطع عن التاريخ.
في قلب البكيرية، تتربّع مقصورة السويلم كأنّها فصل محفوظ من كتاب الزمن، يروي قصة المكان والناس، ويعكس عمق الارتباط بين الجغرافيا والتاريخ، بين الطين والقرار، بين الضيافة والحكم، إنها ليست مجرّد مبنى تراثي، بل حكاية متجذّرة تعانق المستقبل من نوافذ الماضي.
«ولادة على هامش القرن.. وبداية الحكاية»
في بداية القرن الثالث عشر الهجري، وتحديدًا عام 1240ه، شاد الأمير عبدالله بن سويلم هذا القصر الكبير، ليكون مقرًا للأمارة، ومسكنًا كريمًا لعائلته، ونقطة التقاء بين العامة والولاة، وبين السوق والحكم، وبين القهوة والقرار. المقصورة لم تكن جدرانًا فقط، بل كانت نبضًا للمنطقة، وشاهدًا على التحولات السياسية والاجتماعية التي مرّت بها البكيرية.
«عبقرية الطين وسحر التفاصيل»
يتكون القصر من دورين، كل دور منهما صُمم لغرض محدد، يعكس احتياجات الحياة في ذلك الزمن. الطابق الأرضي كان للمخازن والطعام، وفيه «قهوة السويلم» الشهيرة، التي تقع في جناح خاص تفصله عن المقصورة ممر يُعرف باسم «سوق القهوة»، وفيه يجتمع الضيوف، وتُدار الحوارات، وتُصنع القرارات. أما «المضيف»، فكان مبنًى مخصصًا لإقامة الضيوف، يحمل سمات الفخامة والكرم النجدِي المتوارث.
«أبواب تقودك إلى الزمن»
ثلاثة أبواب تُزين المقصورة وتربطها بالحياة من حولها: الباب الغربي المؤدي للنخيل، والباب الجنوبي الذي يفتح على سوق القهوة، والباب الشمالي الذي يعيدك للنخيل أيضًا، وكأنها ثلاثة اتجاهات تصوغ ذاكرة المكان: الطبيعة، السوق، والضيافة. لكل باب قصة، ولكل ممر حكاية، ولكل زاوية ظلٌّ من ماضٍ لا يزال حيًا.
«ملوك وأئمة مرّوا من هنا»
لم تكن المقصورة غريبة على الكبار. فقد زارها الإمام فيصل بن تركي، ومرّ بها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود عام 1325ه بعد ثلاث سنوات من معركة البكيرية. هذه الزيارة لم تكن مجرّد مرور عابر، بل كانت ختمًا ملكيًا على أهمية المكان ومكانته في ذاكرة الدولة الناشئة.
«الترميم.. إحياء الروح من جديد»
رغم تقادم البناء، فإن الأيدي الوفية لم تترك المقصورة تغرق في غبار النسيان. فقد بادر الشيخ محمد بن علي السويلم بترميمها عام 1416ه، وأُعيد ترميمها مرة أخرى عام 1428ه، ليشمل التحديث المباني والملاحق والساحات. واستعادة للهوية، وإحياءً لروح ما زالت تنبض تحت الطين والجصّ.
«بين الجذب السياحي والهوية الوطنية»
اليوم، تُعد مقصورة السويلم من أبرز الوجهات السياحية في منطقة القصيم، حيث يأتيها الزوار ليقرأوا التاريخ في ملامح الجدران، ويستشعروا أصالة الضيافة النجدية في تفاصيلها. إنها ليست متحفًا صامتًا، بل ذاكرة ناطقة، تشهد أن التراث ليس ماضٍ يُحكى، بل مستقبل يُبنى على أرضٍ من حكمة الأجداد.
خاتماً، مقصورة السويلم تجسيد حيّ لفلسفة البناء النجدي، وتعبير عن قيمة الإنسان والمكان في آنٍ واحد، وحين تزورها، لا تنظر فقط إلى الجدران، بل أنصت لما تهمس به النوافذ، وما تخفيه الزوايا، فهناك يسكن التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.