في كل يوم صباح، تجد المقاهي محشودة بطابور طويل من الناس ليس فقط احتساء قهوتهم المفضلة بل للالتقاط الصور معها. أصبحت هذه الموضة عالمية لأن كوب القهوة أصبح له شعبية واسعة أكثر من قارورة البيبسي، وجب عليّنا تكريمه وتقديمه للعالم على أنه أعظم شيء صنعته البشرية. فالزبائن لا يسألون المطعم عن طعم القهوة بل ما هي أفضل الزوايا للتصوير والإضاءة، لكي نضع الفلتر المناسب الذي يتماشى مع ذوقنا الشخصي، فأصبح على جميع أفراد المجتمع أن يرتدي أجمل الملابس وأن يظهر بمظهر أنيق وعصري وجذاب هذه القاعدة الجديدة التي أصبحت تطبق على الجميع. أصبح فنجان القهوة بطاقة اجتماعية فاخرة، يتم تقييم الفنجان بحسب نوع العلامة التجارية. حيث تعكس العلامة الفاخرة الإنتماء الإجتماعي لصاحب الفنجان، فالكثيرون يفضلون حمل القهوة ذات الصيت الذائع والتباهي بها على غيرها أمام المجتمع وخاصة في المناسبات الاجتماعية الهامة، بحكم أنها أشهر وأعرق قهوة في العالم. فبدلاً من القهوة القول «صباح الخير» نقول « وين راح نشرب قهوتنا اليوم». فقدت القهوة طعمها الأصلي بين الموكا والكراميل وربحت العديد الإعجابات على وسائل التواصل الإجتماعي، الجميع يصور قهوته على أنها سيارة فاخرة من الطراز الرفيع جداً أو طقم ألماس غالي الثمن. إنها أعجوبة الحياة لم نعد نستمتع بطعم القهوة بل لتوثيق للتاريخ بأننا قمنا بشراء القهوة وهذا يحسب لنا ضمن جدولنا اليومي. البعض يطلبها بدون سكر ولكن بفلتر برج إيفيل دون الاستمتاع بطعمها المميز. في قديم الزمان كانت القهوة تشرب في الصباح للتأمل والاسترخاء وتنشيط حركة الدماغ، اليوم أصبحت تستخدم لتجميل الحساب الشخصي على الإنستغرام. يذهب الناس إلى المقهى لقراءة الكتب أو مقال لكن أصبح الناس يرون أسماءهم على كوب القهوة، وينادي نادل المقهى بأسمائهم بصوت مرتفع بعد الانتهاء من إعداد القهوة لهم. تتنافس المقاهي بشكل كبير على تصميم كوب القهوة ولونه والرسومات عليه بحيث يجب أن يظهر بشكل أنيق ومميز وجذاب ، لذلك تحرص المقاهي على اختيار زوايا التصوير المختلفة. في عصرنا الحالي لم نعد بحاجة إلى ساعة منبهة في الصباح لكي نصحو من النوم العميق بل إشعار من إنستغرام.