في هذه الزاوية ستأخذنا تارا الدغيثر فنانة وباحثة صوتية تعمل عند تقاطعات الأرشفة الموسيقية، والصوت، والممارسة التنظيمية، تستند في عملها إلى إعادة تأطير وإحياء الموسيقى الشعبية في الخليج العربي، من خلال الإنصات إلى صداها العالق في الذاكرة واللغة والمكان، إلى عوالم القراءة من خلال ما اطلع عليه مؤخراً وتوصي بقراءتها. البوق السامع ليونورا كارينغتون يفتح هذا النص بوابة إلى المنطق الحلمي والخيال السريالي باعتبارهما أدوات لإعادة تشكيل الواقع. في روايتها، تمزج كارينغتون بين اليومي واللامرئي، مقدّمة نقدًا مرحًا وعميقًا لسلطة المؤسسات، والسنّ، والجندر. اخترت هذا الكتاب لأنه يمنحني نموذجًا للتفكير خارج القوالب الواقعية، وهو ما يتقاطع مع ممارستي الصوتية التي تستفيد من التشويه، والتقطيع، واللاخطية. بطلة الرواية، ماريان لاذربي، تمثّل مقاومة خفيفة وساحرة؛ وهذه الروح تلهمني في التعامل مع الذاكرة الجماعية والخبرة النسائية في الخليج. البنية السردية المتشظية للرواية تشبه عملي الذي يجمع بين الشذرات الصوتية والأصوات المحوّرة لتكوين منطق داخلي خاص. يذكّرني هذا العمل بأن الإنصات يمكن أن يكون مدخلًا إلى عوالم موازية، وأن الصوت قادر على كشف التصدّعات بين الواقع والحلم. بالنسبة لي، يشكّل هذا النص درسًا في كيفية إنتاج واقع جديد عبر الخيال، وكيف يمكن للصوت أن يصبح أداة لتخطي المألوف وصنع عوالم أكثر رحابة. الإنصات الكوانتي باولين أوليفيروس يمثّل هذا الكتاب حجر أساس في فهمي للصوت بوصفه ممارسة جسدية وعلاقتية تتجاوز السمع التقليدي. تقدّم أوليفيروس مفهوم "الإنصات العميق" كطريقة للانتباه المتعدّد الأبعاد، حيث يتقاطع الزمن بالذاكرة ويصبح الوعي مساحة تتشكّل فيها التجربة. اخترت هذا النص لأنه يوفّر لغة ومفهومًا قريبين من ممارستي، خصوصًا عند العمل مع الأرشيفات الصوتية والتراث الغنائي في الخليج. تؤكّد أوليفيروس أن الإنصات فعل سياسي يُعيد توزيع السلطة ويخلق إمكانيات جديدة للعلاقة مع الذات والمجتمع. يشكّل مفهوم الكوانتم -الوجود في حالات متعددة- استعارة دقيقة لعلاقتي بالمكان واللغة، وللطبقات الزمنية في أعمالي، حيث يلتقي الموروث بالصوت الإلكتروني داخل مساحة واحدة. يمنحني هذا الكتاب إطارًا للتعامل مع الصوت كجسر بين الماضي والحاضر، وكأداة للشفاء وإعادة الاتصال. الإنصات هنا ليس تلقيًا بل ممارسة حرّة، تتّسع لتشمل الذاكرة والتجربة والخيال. نساء يركضن مع الذئاب كلاريسا بنكولا إستِس يشكّل هذا الكتاب خريطة نفسية-أسطورية لفهم الحدس الأنثوي، والخيال، والقدرة على استعادة القوة الداخلية. تعتمد إستِس على الحكايات الشعبية والتحليل النفسي لطرح مفهوم "المرأة البرّية" التي تقاوم التدجين والقمع. أختار هذا النص لأنه يقدّم لغة تساعدني على فهم كيف يعود المكبوت عبر الصوت والحركة والإيقاع. في ممارستي، وخاصة عند الاشتغال على الغناء الشعبي الخليجي، يتقاطع هذا الكتاب مع بحثي عن الطاقة الغريزية وكيف تتجلّى في النبرة والتنغيم والتكرار. يذكّرني هذا العمل بأن الإبداع ليس فعل إنتاج فقط، بل فعل نجاة واستعادة. تعتمد إستِس على السرد كأداة معالجة، وهذا يوازي استخدامي للأرشيف الصوتي ولحكايات النساء كدعائم للبحث. لقد أثّر هذا الكتاب على الطريقة التي أتعامل بها مع الصوت داخل عملي، حيث تظهر الأصوات -البشرية والموروثة- كقنوات للذاكرة، ومجالات لشفاء الصدمات والتحوّلات. "الركض مع الذئاب" يصبح أسلوب عمل: ثقة بالحدس، وعودة إلى طاقة أولى تحرّر الجسد والصوت معًا. مشاهير الفنانين طارق عبدالحكيم، إسماعيل حسناوي يمثّل هذا الكتاب امتدادًا مباشرًا للجذور الموسيقية التي أنتمي إليها. يوثّق الراحل طارق عبد الحكيم مسارات فنانين أسهموا في تشكيل الوجدان الموسيقي العربي، ولا سيما في الجزيرة العربية. أختاره لأنه يمنح بُعدًا تاريخيًا وشخصيًا لممارستي التي تعيد قراءة التراث الصوتي الخليجي. لغة الكتاب قريبة من الحياة اليومية، ومن التجارب التي صاغت الأغنية الخليجية المعاصرة، ما يعيد ربط بحثي الصوتي بسياقه البشري لا النظري فقط. في عملي، يساعدني هذا النص على تتبّع خيوط التأثير بين الأجيال، وفهم كيف تطوّرت الإيقاعات، الأصوات، والمقامات ضمن بيئة ثقافية وسياسية متغيّرة. يعيد الكتاب تموضع الخليج داخل المشهد الموسيقي العربي الأوسع، ويكشف عن تعقيداته وتاريخه الذي غالبًا ما يُختزل. أتعامل مع هذا المرجع كجسر بين موسيقى الأجداد والمقاربات الصوتية المعاصرة التي أعمل عليها، حيث يلتقي الماضي بالحاضر ضمن طبقات صوتية حيّة وقابلة لإعادة التشكيل. الأغاني الشعبية في المملكة العربية السعودية هند باغفار يقدّم الكتاب رؤية شاملة ومُعمَّقة لتراث الغناء الشعبي بوصفه أحد أهم المكوّنات الثقافية التي تحفظ الذاكرة الجمعية للمجتمع. يجمع الكتاب بين توثيق دقيق وتحليل واعٍ لأكثر من مائة وأربعين لوناً من الفنون الشعبية المنتشرة في مختلف مناطق المملكة، ما يتيح للقارئ استكشاف التنوع اللغوي والإيقاعي والموضوعي الذي يميّز هذه الألوان الفنية. كما يبرز العلاقة الوثيقة بين الأغنية الشعبية والبيئة الاجتماعية التي نشأت فيها، مسلطاً الضوء على دورها في التعبير عن قيم المجتمع وصوره الذهنية وطرائق حياته اليومية. وتمنح الشروح المصاحبة للنصوص فهماً أوسع للسياقات التاريخية والاجتماعية التي شكّلت هذا التراث، بما يجعل الكتاب مرجعاً مهماً للمهتمين بدراسة الفولكلور والموسيقى التقليدية والأنثروبولوجيا الثقافية. وبفضل منهجيته الواضحة وتنظيمه الدقيق، يفتح نافذة ثرية على موروث فني متنوّع يستحق التأمل ويقدّم مادة معرفية رصينة تسهم في فهم تطوّر الفن الشعبي ودوره في صياغة الهوية السعودية عبر الزمن. وإلى جانب قيمته العلمية، يكتسب الكتاب مكانة خاصة لندرته وخروجه من الطباعة منذ سنوات، ولأنه نُسخة أُهديت مباشرة من المؤلِّف، ما يجعله مصدراً يُعاد الرجوع إليه باستمرار بوصفه مرجعاً فريداً يصعب تعويضه.