بعد اللقاء الذي تم على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (أبك)، بين الرئيس الصيني شي جين بينغ، ورئيسة وزراء اليابان ساناي تاكايتشي أواخر أكتوبر الماضي في كوريا الجنوبية، توقع العديد إن العلاقة بين هذين العملاقين الاقتصاديين في طريقها للتحسن، خاصة أن ساناي تاكايتشي لتوها قد أصبحت رئيسة وزراء اليابان، باعتبارها أول امرأة تترأس الحكومة في هذا البلد. ولكن لا.. إذ سرعان ما بدأت الغيوم تلبد جو العلاقة بين البلدين، فرئيسة الوزراء الجديدة تعتزم زيادة الإنفاق العسكري إلى 2 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. ومثلما نعرف، فإن الصين عانت الأمرين من الاحتلال الياباني لها، ولذلك تنظر بعين الشك إلى أي خطوة لإحياء العسكرة في هذا البلد، فهي تلاحظ تطور الأمور، منذ أن سنت اليابان في عام 2015 قانونا يسمح باستخدام قوات الطوارئ في حال نشوء وضع "يشكّل تهديداً وجودياً لليابان". ومثلما نعرف، فإن اليابان ممنوعة بعد الحرب العالمية الثانية من امتلاك جيش خاص بها، اللهم إلا في إطار قوة للدفاع عن النفس. ولذلك، فإن اعتبار ساناي تاكايتشي، أن أي هجوم للصين على تايوان قد يُعتبر "وضعًا يهدد بقاء اليابان"، ويبرر ردًا عسكريًا، يستدعي تجنيد قوات دفاع الطوارئ للدفاع عن تايوان، يغير المعادلة. فهذا يعني أن اليابان تسير باتجاه تحويل هذه القوات إلى جيش، وعلى هذا الأساس اعتبرت الصين تصريح تاكايتشي أمام البرلمان تهديدا لها، إلى درجة أن القنصل العام الصيني في أوساكا، شوا جيان، رد على ذلك بشكل حاد: "آن الرأس القذر الذي اندسّ إلى الداخل يجب قطعه". فاليابان تنظر إلى تايوان، التي كانت خاضعة لها خلال الفترة الواقعة بين 1895 إلى 1945، نظرة خاصة، تشبه نظرة فرنسا إلى الجزائر ولبنان. إن هذا التوتر يحدث بين بلدين تربطهما علاقات اقتصادية قوية، وأنا هنا أتذكر امتعاض إحدى الزميلات اليابانيات من كون الصين، وليس اليابان، هي الشريك التجاري رقم واحد للمملكة، ولذا ذكرتها بأن الصين هي أيضاً، من كبار الشركاء التجاريين لليابان، فالتجارة البينية بين هذين البلدين وصلت في عام 2024 إلى حوالي 308 مليارات دولار، ما يعني أن الصين هي أكبر شريك تجاري لليابان، وأكبر المصدرين لها. وعلى أية حال فإن العلاقات السياسية بين البلدين، التي لم تتحسن ألا عندما كان شينزو آبي رئيسا للوزراء، معرضة لمزيد من التوتر، خصوصاً مع التوجه الجديد لخلق ناتو آسيوي، يهدف إلى احتواء الصين ومحاصرتها. ولكن اليابان إذا توجهت نحو زيادة الإنفاق العسكري، فإن اقتصادها سوف يتضرر، فهي من دون ذلك تسير نحو خسران السباق الاقتصادي، فحسب بعض التوقعات، فإن ترتيبها بحلول عام 2075 سوف يتراجع إلى الثاني عشر.