عندما تُوغل في الطموح وأنت تحمل بين جنبيك وفي قلبك روحا وتاريخا وهوية، حينها تذهب باتجاه منصات الاحترام. لا فرق عندك بين الأصدقاء والخصوم، لأنك راسخ، عميق الجذور، فتصبح أنت الموضوع والمحتوى والمضمون، في الوقت الذي لا يجد الآخرون سوى طرح الأسئلة والتخمينات عن محطتك التالية، وهدفك القادم، وهم ما بين معجب يرجو أن لو كان بجانبك رغبة في نوال يحصل عليه، أو خشية من ضرر يأمل أن تكون بعد الله من يدفع ذلك الضرر عنه، وبين حسود تأكله نار حسده وغله حد الاضمحلال والتلاشي. تلك المقدمة كانت ضرورية لفهم الحالة السعودية الفخمة التي يقود حركة التطوير الواسعة فيها سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، بتوجيه من القائد الوالد خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله. في رحلته إلى أمريكا صحب سموه عددا ممثلا للشعب السعودي في طموحه وريادته وقوته وثقته، ليمنح العالم ضوءاً أخيراً، يعيد فيه الأمل له بمستقبل قليل المنغصات والمشكلات، واسع الفرص والممكنات. البعض سينظر لهذه الرحلة من الزوايا الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وهي أهداف مشروعة ولا غبار عليها، ولكن تلك الزوايا في أبعد أحوالها مجرد وسائل لتحقيق أهداف عليا عنوانها السلام العالمي، والتمكين الإنساني، والفرص المتكافئة لكل راغب في السلام والعيش الكريم، ولكل من يريد النمو والتشارك مع بقية خلق الله في حياة عادلة جيدة. إنّ أول ما يصدّره سمو الأمير محمد بن سلمان للآخرين عن قيمه ومبادئه في الحياة يتمثل في النزاهة والمصداقية والوضوح والوفاء بالالتزامات، وهي أمور تجعل الجميع يجد فيه ما لم يتوافر في غيره من القادة البراغماتيين المتأرجحين، صعودا وهبوطا، باتجاه المصالح المتغيرة، بينما أعطى هذا القائد تعريفا جديدا للالتزام والوضوح والقوة في المنعطفات الصعبة، والظروف المتشابكة، لهذا يعرف جميع من يمد إليه يده رغبة في التعاون أنه يكسب فوق جميع المصالح المستهدفة قِيَماً من الالتزام والوفاء، واستدامة التنمية وشمولها، وفي الوقت نفسه يعلم الجميع أيضا أنه لا يمكن المزايدة عليه أو استدراجه نحو مواقف البين بين، فهو حاسم واضح الرؤية، وملتزم بقضايا شعبه وأمته، يقول «نعم» للسلام المتكافئ الذي يعطي للجميع فرص العيش الآمن، ويقول «لا» مبديا رفضه التام لكل العروض التي يمكن أن تكافئ مجرما أو معتديا لا يؤمن جانبه، ولا تقبل توجهاته. إن المملكة، ومن خلال مبادئ قيادتها وشعبها منذ تأسيسها، تقدم نفسها بالعناوين التي تؤكد أن السلام العالمي هدف لا يمكن المساومة عليه، وأن المصالح المشتركة بين الأمم هي مساحات الاتفاق، ويمكن للجميع حصد المكاسب التي تسعهم بعيدا عن المغالبة والسيطرة والاستبداد. كما تؤكد دعم القضايا العادلة للشعوب، التي تكفل لكل شعب تقرير مصيره والعيش الكريم الذي يدعم استقرار العالم. وماذا بعد كل ذلك، نقول هنا إن الزمان قلما يجود بقادة تُوَجٍّههم الأخلاق والمثل والمبادئ التي تعيد رسم السياسات العالمية بما ينفع الناس، ويرسخ السلام العالمي، ويزيد من فرص الحياة المطمئنة لجميع الأمم والشعوب، كما هي الحال مع هذا القائد الشاب الفذ، لذا نقول: هذه فرص نادرة، وعلى الجميع بلا استثناء التقدم بثقة، لدعم مشروع هذا القائد، ورؤيته العالمية التي تعمل على استقرار العالم، واستثمار كل موارده لنفع البشرية ودعم نموها.