سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مؤتمر"رحلة الذكاء الاصطناعي لعام 2025" (AI Journey 2025) يستقطب نخبة من الباحثين والأكاديميين في مجال الذكاء الاصطناعي من شتى أنحاء العالم بهدف تحقيق التقدم المشترك للبشرية جمعاء
اختُتمت في العاصمة الروسية موسكو فعاليات مؤتمر "رحلة الذكاء الاصطناعي" (AI Journey) الذي استمر ثلاثة أيام. وقد جمع هذا الحدث المتخصص، الذي يُعد من بين الأكبر عالميًا، آلاف المهنيين من كل من روسيا، والصين، والهند، وصربيا، والبرازيل، والبحرين، والولايات المتحدة، وماليزيا، ودول أخرى، إضافة إلى ملايين المشاهدين العالميين الذين تابعوا وقائع المؤتمر عبر الانترنت. وقد تخصصت محاور كل يوم من أيام المؤتمر، الذي يعقد في نسخته العاشرة لهذا العام، بموضوع معين. إذ كُرّس اليوم الافتتاحي لتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI) في الحياة اليومية للأفراد ولخدمة التنمية الشاملة للدولة. وضمن حلقة بودكاست بعنوان "AI4You"، استعرض الخبراء التحول المتوقع في دور الإنسان مستقبلًا مع تولي الذكاء الاصطناعي مسؤولية معالجة القضايا العالمية والمهام اليومية. وتركز النقاش على محاور أساسية شملت البحث عن هوية وقيم جديدة ومخاطر الانفصال عن الواقع. وشهد اليوم الأول حدثه الأبرز، وهو جلسة النقاش "المستقبل مع الذكاء الاصطناعي" بحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي تولى إدارتها رئيس ورئيس مجلس إدارة "سبيربنك" السيد هيرمان غريف. وقد أثنى الرئيس فلاديمير بوتين في كلمته على بنك "سبيربنك" و"تحالف الذكاء الاصطناعي" لما أظهروه من إصرار في ترسيخ قيم التقدم وما بذلوه من جهود لتنسيق إمكانيات الدولة، وقطاع الأعمال، والمؤسسات العلمية حول استحقاقات التطور التكنولوجي. وأكد أن الذكاء الاصطناعي شهد طفرة هائلة خلال العامين الماضيين وبات قادرًا على اتخاذ قرارات مستقلة. وأشار إلى أن هذه التقنيات باتت ذات أهمية استراتيجية، حيث تتسابق الدول الرائدة عالميًا على امتلاك نماذجها الأساسية الخاصة للذكاء الاصطناعي، ويُعتبر تطوير هذا المجال أحد أضخم المشاريع التكنولوجية على مر التاريخ. وفي كلمته، أكد السيد هيرمان غريف أن تقنية الذكاء الاصطناعي تُحدث بالفعل تأثيرًا عميقًا، ومن المُنتظر أن تطال جميع مفاصل حياتنا؛ بما في ذلك قطاعات الصحة، والبحث العلمي، والتعليم، والاقتصاد، والصناعة. وصرح هيرمان غريف قائلًا: «نحن ندخل عصرًا جديدًا كليًا في مسيرة البشرية بوتيرة فائقة السرعة. فبينما استغرقت الثورة الصناعية 200 عام، فإن هذه الثورة ستكون أسرع بعشرة أضعاف. وتقع على عاتقنا مسؤولية حتمية تتمثل في تسهيل دخول الأفراد إلى هذا العصر الجديد بطريقة سلسة، بعيدًا عن الصدمات والتوتر. وسنعمل جاهدين لضمان تطوير التقنيات وتعزيز القدرة التنافسية لبلدنا. وهنا أود أن أعرب عن خالص شكري لأعضاء التحالف الدولي للذكاء الاصطناعي كافة على إبداء استعدادهم للتعاون في تطوير التقنية المحورية لهذا القرن". وركزت أجندة اليوم الثاني من المؤتمر على استعراض أوجه توظيف الذكاء الاصطناعي ضمن شتى القطاعات الاقتصادية ومسارات العمل المؤسسية. وفي هذا السياق، قدم السيد أندريه بيليفتسيف، النائب الأول لرئيس مصرف "سبيربنك" ورئيس قطاع "التطوير التكنولوجي"، عرضًا شاملًا للتوجهات السوقية الجديدة وأحدث الابتكارات التي توصلت إليها الشركة. وكشف عن الإمكانيات المتجددة لنموذج "سبير" اللغوي الضخم GigaChat، وأعلن أن المصرف قد أتاح بشكل مفتوح أوزان الإصدارات الجديدة منه، إضافة إلى نموذج توليد الصور والفيديو Kandinsky 5.0، مشيرًا إلى أن هذا المشروع يُعتبر الأضخم من نوعه كمشروع مفتوح المصدر في القارة الأوروبية. وكان الحدث الأبرز في البرنامج هو الكشف عن أول روبوت مجسَّم (شبيه بالبشر) يعمل بتقنية GigaChat على مسرح المؤتمر. وكان الحدث الأبرز في البرنامج هو الكشف عن أول روبوت مجسَّم (شبيه بالبشر) يعمل بتقنية GigaChat على مسرح المؤتمر، ويمثل هذا الإنجاز محطة متقدمة في تطوير الروبوتات الوطنية والذكاء الاصطناعي الفيزيائي (Physical AI) الذي يتجاوز نطاق الأجهزة الإلكترونية التقليدية (مثل مكبرات الصوت وأجهزة التلفزيون وتطبيقات الهواتف المحمولة)، ليصبح قادرًا على مساعدة الإنسان في إنجاز مهام مادية ملموسة ضمن العالم الحقيقي. ويشتمل الروبوت على 10 مستشعرات لمعالجة البيانات البصرية، إلى جانب مستشعرات القوة والقصور الذاتي التي تضمن توازنه ودقة حركته؛ مما يمكنه ليس فقط من التنقل في بيئات غير مألوفة، بل وحتى ممارسة الرقص فيها. وتجدر الإشارة بشكل خاص إلى قدرة الروبوت على المحادثة وفهم الأوامر المنطوقة. ويعتزم "سبير" في المستقبل القريب إطلاق مشروعات رائدة لدمج هذا الروبوت في مختلف العمليات التجارية بغية توسيع دائرة استخدامه العملي. ضمن محاضرته المعنونة "مستقبل الذكاء الاصطناعي: من الخيال إلى الواقع"، سلّط السيد تشن تشيوفان الضوء على أهمية الخيال العلمي كأداة فاعلة لاستشراف المستقبل وتجاوز القيود التي يفرضها تفكيرنا النمطي. وأشار إلى أن رواد الخيال العلمي، أمثال كاريل تشابيك وإسحاق أزيموف، نجحوا في التنبؤ بدقة بالتحديات المعاصرة، التي تتراوح بين حركات الاحتجاج الناتجة عن الأتمتة وصولاً إلى المعضلات الأخلاقية للتفاعل مع الذكاء الاصطناعي، وفي مقدمتها تباين الأهداف بين العنصر البشري والآلة. وفي سياق التنبؤ بتطور المسار التكنولوجي، بينّ أننا قد نخطئ في التفاصيل، لكن توقعاتنا لردود الفعل الإنسانية غالبًا ما تصيب. وخلص إلى أن الخطر الجوهري لا يكمن في الذكاء الاصطناعي بحد ذاته، وإنما في أنماط السلوك التي يتم دمجها فيه. وبالتالي، فإن السؤال المحوري ليس "كيف يمكن تطوير أفضل ذكاء اصطناعي؟"، بل "كيف يمكننا أن نرتقي بأنفسنا؟"، مؤكداً أن التقنية ليست سوى انعكاس لنا. في سياق متصل، شكّل المنتدى الدولي الثاني للأعمال لدول بريكس+ حول الذكاء الاصطناعي حدثًا بارزًا، حيث السيد كشف ألكسندر فيدياخين عن منصة دولية تهدف لتوثيق حالات النجاح في تطبيق الذكاء الاصطناعي لدى دول بريكس+ والشركاء، تحت مسمى "AI Success Hub". وتضم المنصة نحو 80 دراسة حالة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، جُمعت من ما يقارب 30 دولة. كما شهد اليوم الثاني من المؤتمر انعقاد جلسة لتحالف الذكاء الاصطناعي، وتضمن أيضًا حفل توزيع جوائز للفائزين بجائزة "قادة الذكاء الاصطناعي" الوطنية تقديرًا للمساهمين في دفع عجلة تطوير قطاع الذكاء الاصطناعي. وفي نفس اليوم، انطلق المسار المخصص للحضور المباشر AIJ Deep Dive. وتضمنت أجندة هذا المسار عروضًا تقديمية لخبراء الذكاء الاصطناعي البارزين من روسيا والمجتمع الدولي، وعروضًا تقديمية بحثية لمراكز الأبحاث تتناول مقالات علمية اختراقية، وجلسة لتقديم أفكار من قبل الشركات الناشئة الروسية الرائدة في المجال، إضافة إلى عروض تقديمية حلول أعمال تستند إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI) والنموذج متعدد الوكلاء. وافتتح فعاليات اليوم الثالث، المخصص للعلوم في الذكاء الاصطناعي، كلًا من نائب رئيس الحكومة الروسية السيد دميتري تشيرنيشينكو والسيد أندريه بيليفتسيف. وشدد السيد دميتري تشيرنيشينكو على تصاعد حدة التنافس على الموارد الحاسوبية، والطاقة، والقدرة على تطوير نماذج أساسية ذاتية، مؤكدًا في الوقت ذاته أن روسيا تؤيد التعاون العلمي المشترك بين الدول لتحقيق تقدم للبشرية جمعاء. وأشار إلى تنظيم استشراف دولي تحت اسم "آفاق الذكاء الاصطناعي" (AI Horizons) هذا العام، بمبادرة من "سبير" وتحت رعاية التحالف الدولي للذكاء الاصطناعي. وقد أسفر هذا الجهد التعاوني الذي جمع علماء من 36 دولة عبر 25 جلسة، عن بلورة 10 توجهات رئيسية لتطوير التكنولوجيا الأبرز في القرن الحادي والعشرين. وسيُمكن هذا الأساس المتين روسيا من تحقيق قفزات نوعية، ومن ضمنها تطوير الذكاء الاصطناعي القوي. في اليوم الثالث للمؤتمر، تبادل خبراء الذكاء الاصطناعي من مختلف أنحاء العالم تجاربهم العملية في تصميم حلول مبتكرة لمشكلات متنوعة. وفي هذا السياق، قدم السيد نيبويشا باتشانين جاكولا، نائب رئيس جامعة سينغيدونوم الصربية للبحث العلمي، عرضًا مفصلًا حول التطورات المنجزة في مجال الخوارزميات الاستدلالية المستوحاة من الأنظمة البيولوجية. وأوضح أن التلاقي بين تقنيات التعلم الآلي والخوارزميات الاستدلالية يمهد الطريق لفتح آفاق جديدة لاستغلال الإمكانات الهائلة لنماذج اللغات الكبيرة والنماذج الانتشارية. كما سلط الضوء على أن مفهوم التعلم الآلي الاتحادي يتيح تدريب النماذج بكفاءة عبر بيانات موزعة ولا مركزية. وأكد المتحدث على أن مستوى الشفافية العالي للخوارزميات المستوحاة من النظم البيولوجية يُعزز من عامل الثقة والموثوقية بها، مشيرًا إلى أن تطوير الخوارزميات الاستدلالية الكمومية سيسهم في تأسيس بنية حوسبة خضراء ذات بصمة كربونية منخفضة. كما تم التنويه إلى قدرة الخوارزميات الاستدلالية على تحسين التنسيق داخل الأنظمة متعددة الوكلاء في مجالات الروبوتات والخدمات اللوجستية، مما يمكن أن يحقق تخفيضًا في التكاليف يصل إلى 30%. وتوقع الباحث أن تشهد النظم البيئية للذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030 إدخال خوارزميات ذاتية التكيف، ما سيعزز من قدرتها على التكيف الفعال مع المتغيرات والمساهمة في حل القضايا العالمية. وضمن فعاليات "يوم العلوم"، عُقد مسار متخصص للناشئة بعنوان "AIJ Junior". حيث قدم خبراء روس خلاله إرشادات عملية حول توظيف حلول الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية والإبداع والتنمية الشخصية. كما تخلل المسار لقاء مع الفائزين في الأولمبيادات الدولية في مجال الذكاء الاصطناعي والعلوم الدقيقة، وذلك بهدف تحفيز الجمهور الشاب على استكشاف مسارات النمو الواعدة في القطاع. واختتم المؤتمر بجولة من التكريمات، حيث جرى منح الجوائز للفائزين في مسابقتي "AI Challenge" المخصصة للباحثين الشباب في البيانات، و"AIJ Contest" الموجهة للمتخصصين ذوي الخبرة في مجال الذكاء الاصطناعي. وتم أيضًا الإعلان عن نتائج الاختيار المفتوح للأبحاث العلمية بمسابقة "AIJ Science". ومن المقرر نشر أفضل الأعمال البحثية في مجلة علمية تصدر بالشراكة مع الأكاديمية الروسية للعلوم، مع تخصيص جائزة نقدية لأفضل ورقة بحثية.