أقام مقهى أدب يوم أمس أمسية شعرية حملت عنوان «كآخر الخارجين من غرناطة»، قدم فيها الشاعر تركي المعيني قراءات من «غرناطته» الشعرية وسط حضور لافت من الأدباء والكتّاب والمهتمين بالمشهد الثقافي، وذلك تحت إدارة الشاعر شكري حسني الذي تولى تقديم الأمسية وإدارة فقراتها. استهل المعيني الأمسية بنصوص من ديوانه الجديد الذي يستعيد فيه «غرناطة» بوصفها رمزًا يتجاوز التاريخ إلى عوالم الذات والذاكرة، مقدماً لغة مشحونة بالصور والدلالات تنوعت بين الوجداني والفلسفي والإنساني. وتوقف عند المعاني التي شكلت تجربته، قبل أن يقرأ المقطع الذي حمل إحدى أكثر صور الديوان حساسية وعمقًا: ذَهَبْتِ بنا الطُّرُقاتُ غدًا مُتْلَماً قالتْ لنا: «غِرباءُ» يومًا غُربةً! وقاسَمْتنا بالطّالعِ من فمِ الشِّعراءِ لِلطلَبِ الأخيرةِ: فلَمْرَةٍ! وكَلَّفَتْنا بشُجونِنا الذِّكرى كما شَجَبَتْ بأندلسِ القديمةِ؛ لوحَةً! وقد لاقى هذا المقطع تحديدًا تفاعلًا كبيرًا من الجمهور، لما يحمله من شجن يتنقّل بين الذاكرة والرحيل وإعادة اكتشاف الذات. وفي حديثه عن بداياته الشعرية، قال المعيني: «الشعر يولد مع الإنسان وبالفطرة»، أن الموهبة جزء أصيل من التكوين الإنساني، وأن النص يتعمق كلما اتسعت تجربة الشاعر ووعيه بالعالم. وقدم مدير الأمسية قراءة نقدية مكثفة حول تجربة المعيني، مشيرًا إلى قدرته على تحويل الرموز التاريخية إلى مساحات وجدانية تُقرأ بروح معاصرة، وموضحاً أن «غرناطة» لدى المعيني ليست صورة من الماضي فقط، بل استعارة للبحث عن الذات واستعادة ما يضيع في ثنايا الذاكرة. وتواصل الحوار بين المعيني والحضور حول أثر الذاكرة في تشكيل النصوص، وكيف يعيد الشاعر بناء الرموز لتصبح امتدادًا لأسئلة الإنسان اليوم، في أمسية تركت أثرًا ثقافيًا عزز حضور المقاهي الأدبية كمرافئ داعمة للحوار والإبداع في الرياض.