شكلت "148" قصيدة احتواها ديوان "أصداء عبر المحيطات" جسراً ممتداً بين ثقافتين تمتدان بين قارتين، إذ كسرت اللغة العابرة للحدود المسافات الجغرافية الممتدة بشكل هائل، إذ جسد الشاعر السعودي ناصر الشيخ أحمد، والشاعرة الأمريكية كريستي راينز في تلك القصائد الحب والعاطفة في قصائد عن العشق، الشوق، الحنين، الموعود كموضوعات تناولتها قصائد الحب في الديوان، وفي الذاكرة والغياب جسدت القصائد حضور الأماكن، الأصدقاء، الذكريات البعيدة، وفي الإنسان والوجود جسدت القصائد التأمل في المعاناة، الصمت، والبحث عن المعنى. وضمت قصائد الديوان المشترك الأصوات الشعرية على ضفاف الحلم لتقول: إن الشعر ما يزال قادراً على جمع المختلف والمتباعد في روحٍ واحدة، وإن اختلفت الثقافات، بيد أن اللغة الإنجليزية هي من توحد العمل الشعري المشترك بين شاعر سعودي وشاعرة أمريكية، ما يعد تجربة تعد الأولى من نوعها. وشكل هذا الديوان الصادر قبل أيام عدة تجربة فريدة في الشعر المعاصر، إذ تتجاور الأصوات الشعرية القادمة من الشرق والغرب في تناغم إنساني وجمالي، ومنذ الصفحات الأولى، يدرك القارئ أنّ الديوان ليس مجرّد مجموعة نصوص شعرية، بل هو حكاية لقاء مؤجَّل، إذ يروي كيف جمع القدر بين شاعرين عاشا في المكان ذاته بولاية كاليفورنيا دون أن يلتقيا، ليعود الشعر بعد عقود ويوحّد خطاهما عبر فضاءات الإنترنت، ثم عبر صفحات هذا الديوان. قصائد ناصر تحمل نَفَس الصحراء الشرقية، المجبول بالرمز، والذاكرة، والحنين إلى المطلق، بينما تنسج كريستي نصوصها بروح رومانسية شفافة، تمزج الواقع بالخيال، وتُعلي من شأن العاطفة الإنسانية في بعدها الكوني، ورغم اختلاف الأسلوبين، يتلاقى الشاعران في الهمّ الوجداني المشترك..، الحب، الغياب، البحث عن الذات، والاحتفاء بجماليات الكلمة. ويمتاز الديوان ببُعده الحواري والتفاعلي، وإن تجاورت نصوصه، إلا أن الأكيد فيه أنه حوار بين ثقافتين، وصوتين، وتجربتين إنسانيتين، كما أنّ حضور الطبيعة (المحيط، الرياح، الصحراء، الزهور) يمنح القصائد فضاءً بصريًا ووجدانيًا واسعًا، يفتح أمام القارئ أفقًا للتأمل في العلاقة بين الإنسان والكون. ويعد الديوان عملاً شعرياً يكرّس فكرة أن الشعر لغة عالمية، قادرة على تجاوز الحدود والاختلافات، وأن الكلمة الصادقة قادرة على أن تبني جسور الصداقة والحب والسلام بين الشعوب.