يواصل الاحتلال قصفه الجويّ والمدفعيّ على عدة مناطق في قطاع غزة، بالتزامن مع استمرار انتهاكه للبروتوكول الإنساني الأمر الذي أدى إلى تفاقم معاناة أهالي قطاع غزة مع دخول أول منخفض جويّ وغرق خيامهم المهترئة، فيما لا تزال مستشفيات قطاع غزة تستقبل مرضى جرّاء التجويع وسوء التغذية. وجدد الاحتلال، صباح أمس، القصف المدفعي وإطلاق النار من آليات الاحتلال شرق خان يونس جنوب قطاع غزة وتكثيف الاستهداف في المنطقة منذ ساعات فجر أمس. وشن طيران الاحتلال 3 غارات وقصف مدفعي وإطلاق نار كثيف من الدبابات وراء الخط الأصفر شرقي مدينة خان يونس. ويعيش النازحون الغزيون في الخيام ساعات الليل الباردة في ظروف تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، فيما لا يزالون يفتقدون المستلزمات الأساسية مع استمرار الاحتلال "الإسرائيلي" في منع إدخال المنازل المتنقلة ومتطلبات تجهيز الخيام. وقصفت مدفعية الاحتلال مناطق شرق حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة. وأشارت مصادر محلية إلى أن طائرات الاحتلال شنت الليلة الماضية غارة على الأطراف الشرقية لحي الشجاعية شرقي مدينة غزة، وتزامنا مع ذلك، تعرضت المنطقة لقصف مدفعي وإطلاق نار من الآليات "الإسرائيلية". من جهته، قال المتحدث باسم الجهاز الرائد محمود بصل إن الأمطار الغزيرة أغرقت آلاف الخيام ومراكز الإيواء، وهددت الممتلكات والملابس -خاصة للأطفال- في ظل شح الإمكانيات وغياب البنية التحتية الملائمة. وأضاف بصل، أن المواطنين لا يملكون أي مقومات لمواجهة المنخفض، وأن الأزمة تتجاوز قدرة الدفاع المدني أو جهد الأفراد، وتحتاج إلى أماكن مخصصة لإيواء الناس بطريقة إنسانية. سياسيا، حذرت الفصائل الفلسطينية من خطورة مشروع القرار الأميركي المزمع عرضه على مجلس الأمن، معتبرة أنه يمهد لهيمنة خارجية على قطاع غزة. في السياق ذاته، أشار رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير، إلى استعداد الجيش لشن هجوم محتمل لاحتلال مناطق أخرى في غزة، فيما جدد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، تأكيده على عدم التخلي عن مرحلة نزع السلاح، في تصريحات جاءت قبيل التصويت على مشروع القرار الأميركي لنشر قوة دولية في القطاع. وكانت هيئة البث الإسرائيلية، قد ادعت بأن حماس تعمل على نقل أسلحتها إلى دول داعمة لها، بهدف تهريبها إلى أماكن استراتيجية. وذكرت الهيئة أن حماس "تستعد لاحتمال اضطرارها لتسليم سلاحها، وتنقل وسائل قتالية إلى دول داعمة لها، بهدف أن يتم نقلها وتهريبها إلى أماكن مختلفة واستراتيجية عند الحاجة". وفق مزاعمها. وأضافت الهيئة أنه: "في حين أن المراحل التالية من خطة ترمب (الرئيس الأميركي دونالد ترمب) تتضمن نزع سلاح حماس، فإن التنظيم بدأ في الأسابيع الأخيرة بتخزين وسائل قتالية في دول أخرى تدعمه". وادعت الهيئة أن: "هذه الوسائل القتالية تخزن بانتظار يوم الأمر، الذي وفق تخطيط حماس، سيتم فيه نقلها وتهريبها إلى مواقع مختلفة واستراتيجية بالنسبة للتنظيم، بما في ذلك قطاع غزة". واعتبرت أن "هذه الإجراءات تأتي في أيام تتحدث فيها جميع الأطراف عن نزع سلاح حماس، وهذا التخزين دليل آخر على النوايا الحقيقية للتنظيم في اليوم التالي للحرب، وعلى خططه طويلة المدى". على حد وصفها. كما ذكرت أن "مسؤولين أمنيين في إسرائيل تطرقوا إلى القوة متعددة الجنسيات المتوقع أن تعمل في القطاع لمعالجة مسألة نزع سلاح حماس، وكذلك إلى جاهزية إسرائيل للعودة للعمل في عمق القطاع إذا طلب من الجيش ذلك". تهجير الغزيين عملت جمعيّة إسرائيلية على تهجير مئات الغزيين من القطاع المنكوب بسبب الحرب الإسرائيلية إلى وُجهات متعدّدة حول العالم، مستغلّة بذلك أوضاعهم المعيشية الكارثية، في حين شهد كثير منهم ظروفا سيئة، وحرمانا من الطعام ومياه الشرب لساعات، كما أن بعضهم لم يكن يدري وُجهته المُقبلة. جاء ذلك بحسب ما أوردت صحيفة "هآرتس" العبرية عبر موقعها الإلكترونيّ، في تقرير ذكر أن عدة رحلات جوية مستأجرة قد انطلقت خلال الأشهر الأخيرة من مطار "رامون" قرب إيلات، "حاملةً مجموعات من عشرات الغزيين إلى وجهات متعدّدة حول العالم". وأكّد التقرير أن مديرية "الهجرة الطوعية"، المُنشأة في وزارة الأمن الإسرائيلية في مارس من العام الماضي بهدف تهجير الغزيين، قد كلّفت الجمعية بتنسيق مغادرة سكان غزة مع منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق المحتلّة، مشيرة إلى أنه "تم توجيه منظمات أخرى حاولت تنظيم عمليات إجلاء سكان غزة من القطاع إلى منسق أعمال الحكومة في المناطق عبر المديرية، ولكن باءت جهودها بالفشل". ونُظِّمت مغادرة المجموعات من غزة من قِبَل جمعيّة مجهولة، يُشير موقعها الإلكتروني إلى أنها "منظمة إنسانية متخصصة في مساعدة وإنقاذ المجتمعات المسلمة من مناطق الحرب"، وذكرت "هآرتس"، أن تحقيقا أجرته، أظهر أن إسرائيليا - إستونيا مزدوج الجنسية، هو من يقف وراء هذه المنظمة، المسمّاة "المجد". لا ماء ولا طعام وانطلقت آخر مجموعة غادرت غزة، والتي ضمّت 153 غزيًا، إلى نيروبي على متن طائرة مستأجرة تابعة لشركة "فلاي يو"، فيما لم يكن الركاب على علم بالبلد الذي كانوا متجهين إليه، وقد سافروا من نيروبي على متن رحلة مستأجرة تابعة لشركة "ليفت" الجنوب إفريقية، وهبطوا في جوهانسبورغبجنوب إفريقيا، الخميس الماضي. وأجّلت سلطات البلاد هناك نزولهم، لأكثر من 12 ساعة، مدّعيةً وصولهم من دون أوراق ثبوتية، ومن دون تذكرة عودة، وبلا ختم جوازات سفرهم عند مغادرتهم إسرائيل، غير أنها وبعد تفتيش مطوّل، رضخت وسمحت للغزيين بدخول البلاد. ووفقًا لشهادات الركاب، ومن بينهم عائلات وأطفال، لم يُقدَّم لهم الماء أو الطعام أثناء انتظارهم، وكانت الظروف داخل الطائرة غاية في الصعوبة. وفيما يتعلّق بذلك، كانت السفارة الفلسطينية في جنوب إفريقيا، قد أكّدت في بيان، أن "مغادرة المجموعة دبّرتها منظمة غير مسجّلة، ومضلِّلة، استغلّت الوضع الإنسانيّ المأساويّ في غزة، واحتالت على العائلات، وأخذت أموالهم، ونقلتهم جوًا بطريقة غير منظمة وغير مسؤولة، ثم تنصلت تمامًا من مسؤوليتها عن التعقيدات التي نتجت عن ذلك". كما حذرت وزارة الخارجية الفلسطينية سكان غزة، قائلة: "لا تقعوا في فخاخ تجّار الدم، ووكلاء الترحيل". كيف تعمل الجمعية؟ وخلال الأشهر الأخيرة، انتشر عنوان موقع "المجد" الإلكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي في غزة، ويدعو الموقع الفلسطينيين الراغبين في مغادرة القطاع إلى ملء بياناتهم، وقد قدّم الكثيرون منهم بالفعل طلبات مغادرة. وبعد الحصول على الموافقة المبدئيّة، يتلقّى كل مرشح للمغادرة تعليمات بتحويل مبلغ مالي إلى الجمعيّة، يتراوح بين ألف و500 وألفين و700 دولار، ليُضاف المرشّح للسفر بعد ذلك إلى مجموعة "واتساب"، حيث تُرسل إليه التحديثات قبل بدء الهجرة. ويتم التواصل بين الجمعية والغزيين عبر رسائل "واتساب" فقط، من رقم هاتف محمول يبدو أنه إسرائيليّ، وفق التقرير. وغادرت المجموعة الأولى من الأهالي في غزة، وقوامها 57 غزّيًا، القطاع في 27 مايو. وفي الليلة التي سبقت مغادرتهم، تلقى عشرات الأهالي رسالة "واتساب" بعنوان دقيق في القطاع، حيث عليهم التوجّه، ومن هناك، اتجهوا بحافلة إلى معبر "كرم أبو سالم". وغادرت الحافلة بعد تفتيش إسرائيليّ إلى مطار "رامون"، حيث استقلّ الغزيّون طائرة مستأجرَة من شركة "فلاي ليلي" الرومانية، وقد حلّقت الطائرة إلى بودابست، ومن هناك واصل الركاب رحلتهم إلى إندونيسيا وماليزيا. أما المجموعة الثانية، وقوامها 150 شخصا، فقد غادرت القطاع في السابع والعشري من أكتوبر، بعملية مماثلة للمرّة الأولى، إذ غادرت ثلاث حافلات وسط القطاع عبر معبر كرم أبو سالم، وانطلقوا على متن طائرة مستأجرَة من شركة "فلاي يو" الرومانية إلى العاصمة الكينية نيروبي.