لأن الطفل عمود في مركز رؤية المملكة 2030، أطلق سمو ولي العهد مؤشر حماية الطفل في الفضاء السيبراني؛ ليحمل الطفل حقه في فضاء رقمي آمن، وكعادتها المملكة تضع بصمتها في بناء فضاء عالمي يحمي البراءة، ويعزز القيم، ويحمي الغد من عواصف التقنية وأكثر.. في زمنٍ تتقاطع فيه البراءة مع التقنية، ويصبح العالم الافتراضي جزءًا من ذاكرة الطفولة، تقدّمت المملكة العربية السعودية بمبادرة استثنائية تعيد ترتيب أولويات العالم في أحد أكثر ميادين المستقبل حساسية من أجل حماية الطفل في الفضاء السيبراني. من الرياض عاصمة الطموح والمستقبل، وفي أروقة المنتدى الدولي للأمن السيبراني 2025، أُعلن عن إطلاق «مؤشر حماية الطفل في الفضاء السيبراني» تحت مظلة مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني، وبالتعاون مع المعهد الدولي (DQ) والمنظمات الدولية المعنية، امتدادًا للمبادرة العالمية التي أطلقها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- لحماية الطفل في الفضاء السيبراني. وهو مؤشر عالمي يقدّم أداة قياس تُظهر واقع الطفولة الرقمية، وتكشف مدى التقدّم في بناء بيئة رقمية آمنة للأطفال حول العالم، يرتكز المؤشر على منهجية شمولية تجمع بين المدارس والأهالي والبنى التقنية والقطاع الخاص والسياسات الوطنية، ويمنح صُنّاع القرار رؤية واضحة لبناء بيئة رقمية تحمي الطفل وتُعزّز سلامته. الإحصاءات الدولية تكشف عن مشهد رقمي يتطلب وعيًا عالميًا متجددًا، فتقرير DQ Institute لعام 2023 أشار إلى أن نحو سبعين في المئة من الأطفال والمراهقين في العالم واجهوا مخاطر رقمية تشمل التنمّر الإلكتروني والابتزاز والمحتوى الضار، وتقارير الأممالمتحدة بيّنت أن أكثر من ثلث الأطفال في ثلاثين دولة تعرضوا لأشكال من التنمّر عبر الإنترنت، وأن واحدًا من كل خمسة تجنّب المدرسة بعد تلك التجارب. أما جامعة «إدنبرة» فقد رصدت تعرض أكثر من ثلاث مئة مليون طفل سنويًا للاستغلال أو الإساءة الإلكترونية، ولا شك أن هذه الأرقام تضع العالم أمام مسؤولية جماعية تجاه مستقبل الطفولة الرقمية. وفي قلب هذه المبادرة تتجلّى رؤية المملكة التي تضع الإنسان في مركز كل تحول وتنظر إلى الحماية بوصفها قيمة إنسانية تُترجم إلى عمل وتخطيط ومؤشرات، فالمبادرة تتجه نحو آفاق عالمية، وتستهدف الوصول إلى أكثر من مئة وخمسين مليون طفل، وتطوير مهارات السلامة السيبرانية لستة عشر مليون مستفيد، ودعم أطر عمل متكاملة في أكثر من خمسين دولة. وفي إطار الشراكة مع منظمة الأممالمتحدة للطفولة «اليونيسف»، دعمت المؤسسة خطوط المساعدة في ثلاثين دولة، وأعدّت برامج تدريبية لخمسة ملايين من أولياء الأمور ومقدمي الرعاية حول أسس الحماية الرقمية. كما تبنّى مجلس حقوق الإنسان في يوليو 2025 قرارًا دوليًا تقدّمت به المملكة حول حماية الأطفال في الفضاء السيبراني، تأكيدًا لحضورها الفاعل في صياغة السياسات الإنسانية العالمية. وفي منعطف مهم بالمبادرة والمؤشر، نجد أن الوعي الإعلامي بالتماهي يشكّل عمودًا موازيًا لحماية الطفل؛ فالحماية ترتبط بالإدراك، والوعي هو السور الأول في مواجهة المخاطر، وكلما ازدادت معرفة الطفل ببيئته الرقمية، ارتفعت قدرته على التمييز بين الموثوق والمضلّل. ففي دراسة لمايكروسوفت عام 2023، عبّر 74 ٪ من المراهقين عن تعرضهم لمخاطر إلكترونية، مقابل 62 ٪ فقط من أولياء الأمور الذين أدركوا ذلك، ما يعكس فجوة إدراكية تحتاج إلى مبادرات إعلامية متجددة. والرسالة الإعلامية الواعية تُحوّل المعرفة إلى ممارسة وتربط القيم بالتصرف اليومي، لذلك نجد أن المدرسة والأسرة ووسائل الإعلام تشكّل مثلث الحماية، ومؤشر حماية الطفل في الفضاء السيبراني يمنحها أداة للقياس والتطوير. كما أن كل مؤسسة إعلامية أو تعليمية تنشر الوعي وتزرع الانتباه لا شك أنها تسهم في رفع تصنيف المجتمع ضمن هذا المؤشر العالمي، والمبادرة السعودية تُجسّد رؤية إنسانية متكاملة تُعيد تعريف الأمن السيبراني في العالم الحديث. ختامًا؛ ولأن الطفل في مركز الرؤية السعودية المبينة، يحمل حقه في فضاء رقمي آمن، ويشارك في رسم ملامح المستقبل بثقة ومعرفة وهو جوهر الرسالة، فالمملكة كعادتها تضع بصمتها في بناء فضاء عالمي يصون الكرامة ويحمي البراءة ويعزز القيم كسياج آمن يحمي الغد من عواصف التقنية وأكثر.