يتجه مشغلو وحدات تجزئة المواد الخام من النافثا والايثان العالمية لإنتاج البتروكيميائيات إلى مرونة استخدام المواد الخام لتحسين هوامش الربح، حيث يُعيد التحول في مجال الطاقة وزيادة الطاقة الإنتاجية للبتروكيميائيات، تشكيل العرض والطلب على النفط. دفعت أسعار النفط الخام المتقلبة باستمرار وضعف عوائد تكسير النافثا في السنوات الأخيرة، مشغلي وحدات التكسير الآسيوية - وخاصة في الصين - إلى تكسير الإيثان بدلاً من ذلك، سعياً وراء هوامش ربح أفضل، بحسب محللو ارجوس للكيميائيات. ويدرس المزيد من المنتجين إضافة الإيثان إلى وحدات التكسير التي تعتمد بشكل أساسي على النافثا للاستفادة من انخفاض تكاليف الإيثان مع الحفاظ على مرونة استخدام النافثا لإنتاج مجموعة أوسع من المنتجات الثانوية. تُعدّ شركة لونغ سون الفيتنامية أحدث منتج آسيوي يُجري تحديثاً لوحدة التكسير الخاصة به لتغذية الإيثان لتحقيق جدوى اقتصادية أفضل. بينما تخطط شركة اس بي كيميكل، ومقرها سنغافورة، لزيادة قدرة تكسير الإيثان في محطتها للتكسير في جيانغسو، الصين، التي تبلغ طاقتها 600 ألف طن سنويًا، من 75 % إلى 90 %. وقد أبرمت شركة النفط والغاز الطبيعي الهندية، المملوكة للدولة، شراكة مع شركة ميتسوي اليابانية لبناء ناقلتي إيثان ضخمتين لتزويد 800 ألف طن سنويًا من الإيثان إلى محطتها للتكسير ثنائية التغذية (النافثا / الإيثان) التابعة لشركة أوبال، والتي تبلغ طاقتها 1.1 مليون طن سنويًا، في داهيج، بدءًا من مايو 2028. وبدأت العديد من الشركات بدمج الإيثان في أنظمة التكسير الخاصة بها، إلا أن ارتفاع تكاليف البنية التحتية والشحن - إلى جانب التزامات التوريد طويلة الأجل - لا يزالان يشكلان عائقًا رئيسيًا أمام التوسع في استخدام الإيثان. وقال راجيش راوات، نائب الرئيس الأول ورئيس أعمال التكسير في شركة ريلاينس الهندية: "عادةً ما يُخصص الإنفاق الرأسمالي للإنتاج، لكن هذا الإنفاق الرأسمالي لا يقتصر على الإنتاج فحسب، بل يشمل أيضًا تأمين المواد الخام أو مستوى المرونة الذي تسعى إلى تحقيقه في بنيتك التحتية". وبما أن الولاياتالمتحدة هي أكبر مُصدّر للإيثان، فهناك أيضًا مخاطر كامنة تتعلق بالإمدادات. فقد أدى النزاع التجاري الأخير بين الولاياتالمتحدةوالصين إلى تعطيل تدفقات الإيثان بين أواخر مايو وأوائل أغسطس، عندما أمرت وزارة التجارة الأمريكية شركتي إينرجي ترانسفر، وانتربرايز برودكت، المُصدّرتين بالحصول على تراخيص لشحنات الإيثان إلى الصين. على الرغم من استئناف صادرات الإيثان الأمريكية إلى الصين - حيث بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق في أغسطس - إلا أن المخاوف بشأن انقطاعات الإمدادات المستقبلية قد أبطأت خطط التوسع في الصين. ويتم حاليًا تأجيل العديد من وحدات التكسير المُخطط لها والتي تعمل بالإيثان، حيث تُثني بكين عن المشاريع التي تزيد من الاعتماد على الواردات الأمريكية. وكانت الشركات الصينية تخطط لبناء 17 مليون طن سنويًا من طاقة التكسير التي تُغذّى بالإيثان، ولكن من المرجح أن يستمر العمل في ثلاثة مشاريع فقط، بإجمالي 2.8 مليون طن سنويًا، وفقًا لمشاركين في السوق. وستُطوّر الشركات الخاصة، وهي ساتلايت، ولانهي نيو ماتيريالز، وشنغهونغ، المشاريع المتبقية، بطاقة إنتاجية تبلغ 1.5 مليون طن سنويًا، ومليون طن سنويًا، و300 ألف طن سنويًا على التوالي، ومن المقرر أن تدخل الخدمة في الفترة 2026-2028. وأفادت مصادر في شركات صينية أن وحدات التكسير البخارية الجديدة يجب أن تكون مرنة في استخدام المواد الخام بدلًا من الاعتماد كليًا على الإيثان، لتجنب انقطاع الإمدادات من الولاياتالمتحدة. وتظل وحدات التكسير التي تُغذّى بالإيثان أكثر تنافسية من حيث التكلفة بشكل عام، إلا إن وحدات تكسير النافثا تُنتج مجموعة أوسع من المنتجات الثانوية، بما في ذلك البروبيلين، والبيوتادين، والإيزوبرين. والنافثا، التي كانت تُعتبر سابقًا منتجًا ثانويًا للتكرير، تُنتج الآن بشكل متزايد لتلبية الطلب على البتروكيميائيات، مع ضعف مزج البنزين. لكن فارق سعر النافثا - وهو علاوة سعر النافثا اليابانية على خام برنت - يجب أن يكون مرتفعًا بما يكفي لدعم الإنتاج المُعتمد على البتروكيميائيات. وأفاد راوات من ريلاينس بأن استمرار ضعف هوامش الربح قد يدفع المصافي اليابانية والكورية الجنوبية والأوروبية إلى ترشيد طاقتها الإنتاجية، مما يُوسّع فجوة العرض للهيدروكربونات. يُنتج تحويل النفط الخام إلى كيماويات ما يصل إلى 60 - 70 % من البتروكيميائيات من النفط الخام، ولكنه يتطلب استثمارات كبيرة وفترة استرداد أطول. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان المنتجون على استعداد للالتزام بهذا الاستثمار الآن. ويُعد مشروع شاهين التابع لشركة إس-أويل الكورية الجنوبية في أولسان، استثمارًا في تحويل النفط الخام ويحظى بمتابعة دقيقة، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيله في عام 2026. يضم مجمع شاهين منشأة تكسير مختلطة اللقيم قادرة على إنتاج ما يصل إلى 1.8 مليون طن سنويًا من الإيثيلين و770 ألف طن سنويًا من البروبيلين. وتمتلك شركة أرامكو السعودية، عملاقة الطاقة في العالم، حصة الأغلبية في إس-أويل. وبلغت نسبة أعمال تطوير مشروع شاهين، أكبر استثمار لأرامكو السعودية في كوريا الجنوبية والذي يتم تطويره من قبل أرامكو السعودية وشركة إس-أويل المنتسبة لها، نحو 75 %، ومن المتوقع اكتماله في النصف الثاني من عام 2026، وعند اكتماله، من المتوقع أن يكون واحدا من كبرى وحدات التكسير بالبخار المتكاملة في العالم.ويضم موقع المشروع العديد من المرافق التي تحقق معايير قياسية، من بينها أكبر وحدة تكسير بالبخار أحادية في العالم، ومستودع لتخزين البوليمر يعمل آليًا بشكل كامل ويحتوي على 96,000 خلية تخزين، ويعتبر الأكبر عالمياً في قطاع البتروكيميائيات. ويغطي الموقع مساحة تزيد عن 881,000 متر مربع، وهو مصمم لإنتاج 1.8 مليون طن من الإيثيلين سنوياً. في وقت يمثل قطاع البتروكيميائيات في شركة أرامكو امتدادا لسلسلة القيمة الهيدروكربونية، حيث تمتلك أرامكو السعودية قطاعاً متكاملاً للبتروكيميائيات ضمن قطاع التكرير والكيميائيات والتسويق العالمي فيها، ينتج المواد الكيميائية الأساس مثل الأروماتية، والبولي أوليفينات، ًبالإضافة إلى منتجات أكثر تطور مثل البوليولات، والمطاط الصناعي. وتعتزم أرامكو السعودية زيادة طاقتها التكريرية والبتروكيميائية المتكاملة، وتنويع مستوى المنتجات التي تقدمها عبر كافة مراحل سلسلة القيمة الهيدروكربونية، وتخطط الشركة كذلك إلى مواصلة تنمية أعمالها في مجال تحويل السوائل إلى كيميائيات، بهدف زيادة طاقتها الإنتاجية في مجمعات إنتاج البتروكيميائيات بحيث تصل إلى 4 ملايين برميل في اليوم بحلول عام 2030. وبنهاية عام 2024 حققت أرامكو السعودية هذا الهدف بنسبة تقدر بنحو 45 % ولا تًزال مستمرة في سعيها لمواصلة زيادة طاقتها الإنتاجية. تعتبر العناصر الكيميائية الأساس للمنتجات البتروكيميائية مكونا رئيسا للتحول في مجال الطاقة نظراً لتنوعها وأهميتها في تطوير تقنيات مستدامة وإنشاء بنية تحتية حديثة. وهي تدعم عملية تطوير تقنيات الطاقة المتجددة، والمواد المتقدمة والاقتصاد القائم على تدوير الكربون. وتساعد أيضا في تقليل الانبعاثات الكربونية للقطاعات التي يصعب خفض انبعاثاتها بإحلالها محل منتجات ذات مستويات أعلى من الانبعاثات الكربونية، وهي المنتجات التي يصدر عنها مستويات أعلى من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري خلال دورة حياتها، بدء من مراحل الإنتاج حتى التخلص منها. ويتضمن التحول نحو بدائل أكثر استدامة اعتماد مسارات إنتاج بديلة، وتعًزيًز كفاءة استهلاك الطاقة، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري طوال دورة ً حياة المنتج، فضلا عن تحديد بدائل إنتاج لهذه المنتجات كثيفة الانبعاثات الكربونية. وتستطيع أرامكو السعودية من خلال قدرة إنتاج المواد الكيميائية الأساس فيها تبوء مكانة إستراتيجية حيث توفر هذه المواد الكيميائية المواد الأساس اللازمة لمختلف حلول الطاقة النظيفة ومنتجاتها، بالإضافة إلى الابتكارات والتقنيات ذات الانبعاثات الكربونية الأكثر انخفاضا، مما يجعلها ضرورية للتحول في مجال الطاقة. وتعمل أرامكو السعودية على تطوير واستخدام تقنيات تساعد في إنتاج مواد كيميائية تتميًز بمستويات أقل من الانبعاثات الكربونية وارتفاع الطلب عليها. ونجحت أرامكو السعودية في زيادة حجم إنتاجها من البتروكيميائيات إثر استحواذها على حصة الأغلبية في سابك في يونيو من عام 2020، وتواصل الشركة نموها عبر المشاريع التوسعية للطاقة الإنتاجية والاستثمارات الجديدة. وتسعى الشركة إلى تسويق التقنيات المبتكرة لتحويل النفط الخام إلى كيميائيات تجاريًا، بهدف وقف عدة عمليات صناعية تقليدية أو تطويرها مما يؤدي إلى تقليل تكلفتها الإنتاجية وخفض مستويات الانبعاثات الناتجة عن استخدام النفط. وتواصل أرامكو السعودية تعًزيًز نمو قطاع البتروكيميائيات فيها. وفي عام 2024، وضعت أرامكو السعودية، بالتعاون مع الشركة الصينية للبترول والكيماويات "سينوبك"، وشركة فوجيان للبتروكيميائيات المحدودة، حجر الأساس لمجمع جديد متكامل للتكرير والبتروكيميائيات في مقاطعة فوجيان بالصين. ومن المتوقع أن يبدأ هذا المشروع أعماله بكامل طاقته بحلول نهاية عام 2030. ومن المقرر أن يضم المرفق وحدات لتكرير النفط بطاقة إنتاجية تبلغ 16 مليون طن في السنة (320,000 برميل في اليوم)، ووحدة لإنتاج الإيثيلين بطاقة إنتاجية تبلغ 1.5 مليون طن في السنة، بالإضافة إلى مليوني طن من البارازيلين ومشتقات قطاع التكرير والكيميائيات والتسويق، وفرضة للنفط الخام سعة 300 ألف طن. ويهدف المشروع إلى زيادة إنتاج الكيميائيات إلى أقصى حد ممكن، ومن المتوقع أن يوفر إمدادات تقدر بحوالي خمسة ملايين طن في السنة من اللقيم لقاعدة إنتاج البتروكيميائيات في غولي. تواصل أرامكو السعودية بناء مشروع شاهين للبتروكيميائيات، بالشراكة مع شركة إس-أويل. ومن المتوقع أن يحوّل المشروع النفط الخام إلى لقيم لإنتاج البتروكيميائيات، باستخدام التقنية التي طورتها أرامكو السعودية بالتعاون مع شركتي شيفرون لوموس غلوبال (سي إل جي) وشركة لوموس لتحويل النفط الخام إلى كيميائيات بالتكسير الحراري، حيث تساعد هذه التقنية على تبسيط عملية تحويل النفط الخام مقارنة بالتقنيات التقليدية لتحويل أنواع النفط الخام إلى كيميائيات علاوة على أنها تحقق كميات أكبر من إنتاج الكيميائيات. وقد بدأت أعمال البناء في 2023، وهي تسير حسب الخطة المقررة ومن المتوقع الانتهاء منها بحلول عام 2026. ومن المتوقع أن ينتج المرفق ما يصل إلى 3.2 ملايين طن من البتروكيميائيات في السنة، بما في ذلك البوليمرات عالية القيمة. وفي عام 2024 أبرمت أرامكو السعودية وشركة رونشنغ بتروكيميكال اتفاقية شراكة لتطوير مشروع ساسرف ضمن برنامج الشركة لتحويل السوائل إلى كيميائيات وتعتًزم أرامكو السعودية الدخول في شراكة بنسبة 50 % مع شركة رونغشنغ ضمن هذا المشروع، الذي يشمل وحدات لتكسير الإيثان واللقيم المختلط ومشتقاتهما. وتواصل أرامكو السعودية أعمال البناء في مشروع أميرال للبتروكيميائيات بالشراكة مع شركة توتال إنرجيًز، وكانت هذه الأعمال قد بدأت في عام 2023، ومن المقرر بدء الأعمال التجارية بحلول عام 2027 ويهدف المجمع إلى إنتاج 1.65 مليون طن في السنة من الإيثيلين من وحدة تكسير مختلطة اللقيم. وتواصل أرامكو السعودية أعمال الإنشاء في مشروع مجمع التكرير والبتروكيميائيات التابع لشركة هواجين أرامكو للبتروكيميائيات. ويعمل هذا المشروع المشترك بين أرامكو السعودية (30 %)، ومجموعة نورينكو (51 %)، ومجموعة بانجين زينتشنغ إندستريال بنسبة (19 %)، على تطوير المجمع في بانجين بمقاطعة لياونينغ الصينية. وقد بدأت أعمال الإنشاء في عام 2023 ومن المقرر بدء الأعمال التشغيلية بحلول عام 2026. ومن المتوقع أن تًزود أرامكو السعودية المرفق بما يصل إلى 210,000 برميل في اليوم من لقيم النفط الخام.