سيبدأ تحرك ديناميكية أسواق النفط بخطى متسارعة عندما يصل سعر برنت إلى 60 دولارًا، وغرب تكساس إلى 55 دولارًا، مع انخفاض إنتاج النفط من خارج أوبك -وبالتحديد النفط الصخري- خلال النصف الأول من 2026. ويأتي ذلك نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج لبعض المنتجين، كما أفاد رؤساء الشركات النفطية الكبرى مثل إكسون موبيل وشل، الذين صرحوا بأن سعر 60 دولارًا يمثل نقطة التحول في نمو النفط الصخري. وبهذا، سينتقل السوق من فترة تشاؤم قصيرة الأمد إلى مرحلة تفاؤل وتوازن على المدى المتوسط. وفي هذه المرحلة، سيواجه العرض صعوبة في مواكبة الطلب طويل الأمد، مما يعيد التوازن بين العرض والطلب في النهاية. سجلت أسعار النفط خسارة للأسبوع الثالث على التوالي بنسبة 2.3 % تقريبًا، مدفوعة بتوقعات الوكالة الدولية للطاقة بفائض متزايد في العرض العالمي، وأما العوامل الجيوسياسية، فقد ساهمت اتفاق ترمب وبوتين على عقد قمة في بودابست لمناقشة الوضع في أوكرانيا، إلى جانب تصاعد التوترات التجارية بين الولاياتالمتحدة والصين مع إعادة فرض الرسوم الجمركية، في تراجع ثقة المستثمرين؛ فانخفض سعر برنت إلى 61 دولارًا، بينما انخفض غرب تكساس إلى أدنى مستوياته في خمس سنوات. كما عززت زيادة مخزونات النفط الأمريكية هذه المخاوف، محذرة من فائض يفوق الطلب خلال 2025، مما قد يدفع الأسعار إلى أقل من 60 دولارًا. وتشير استطلاعات بنكي الاحتياطي الفيدرالي في دالاس وكانساس سيتي إلى أن أسعار التعادل للنفط الصخري الأمريكي تقارب 60 دولارًا لخام غرب تكساس. وفي حال انخفاض الأسعار إلى 50 دولارًا، يتوقع 90 % من الشركات المشغلة انخفاض إنتاجها. كما يظهر تقرير وكالة الطاقة الدولية الأخير حول معدلات الانخفاض الطبيعي أن تقليص الاستثمار في صيانة الحقول –نتيجة انخفاض الأسعار– سيزيد من تأثير هذه المعدلات على الإمدادات المستقبلية. وما زالت المخاطر الجيوسياسية تهدد الإمدادات من فنزويلاوإيران وروسيا، التي تخضع لعقوبات أمريكية حالية مشددة. فالعقوبات على إيران تعرقل قدرة طهران على تصدير نفطها الخام، مع تراجع مشتريات المصافي الصينية المستقلة منه في الأشهر الأخيرة. أما الاقتصادات المتقدمة، فقد بدأت في تشديد الخناق على قطاع الطاقة الروسي للحد من عائدات التصدير التي تمول الحرب في أوكرانيا، مما أدى إلى انخفاض واردات الهند من النفط الروسي. وتفاقم الوضع هجمات أوكرانيا المستمرة بطائرات بدون طيار على البنية التحتية الطاقية الروسية، مسببة تراجعًا حادًا في نشاط مصافي التكرير، ونقصًا محليًا في الوقود، وانخفاضًا في صادرات المنتجات. إذا استمر هذا الضغط أو اشتد، فقد يلوح في الأفق مزيد من انخفاض الإنتاج. مع اقتراب محادثات ترمب وبوتين، يتجه سوق النفط نحو مرحلة فائض واضح، مدعومًا ببيانات الوكالات الدولية وتصريحات الشركات. على المدى القصير، قد تنخفض الأسعار إلى أقل من 60 دولارًا. لكن التفاؤل طويل المدى يعتمد على استعادة التوازن العالمي عبر تراجع المعروض وتحسن الطلب، مع استمرار أوبك+ في إعادة الخفض الطوعي المتبقي من 1.66 مليون برميل يوميًا تدرجيًا لتنشيط ديناميكية السوق. ففي النهاية، 60 دولارًا ليست مجرد رقم، بل مفتاح لإنعاش السوق.