تشهد أسواق النفط العالمية فائضًا في المعروض يضغط على الأسعار، مما يشكل تحديًا كبيرًا للمنتجين والاقتصادات المعتمدة على النفط. تفاقمت هذه الأزمة في أغسطس 2025، ومن المتوقع استمرارها خلال النصف الأول من 2026. يرجع الفائض إلى تباطؤ اقتصادي في دول رئيسية مثل الصين، مما قلص الطلب على الطاقة، وزيادة الإنتاج من أوبك+ ودول أخرى مثل الولاياتالمتحدة، كندا، غيانا، والبرازيل. ورغم التحديات، يمكن التغلب على الأزمة عبر إجراءات منسقة من أوبك+ وديناميكية السوق التي تستهدف التوازن على المدى الطويل. قد يظهر فائض النفط عبر ارتفاع مخزونات النفط الخام والمنتجات النفطية مع زيادة إنتاج المصافي، أو من خلال تحول هيكل العقود الآجلة إلى التأجيل وتراجع الفروقات المادية. ورغم تقرير "أكسفورد إنرجي" الأسبوع الماضي، الذي أشار إلى عدم وجود دلائل على وفرة في المعروض قريبًا، مع تباطؤ نمو المخزونات التجارية في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والصين خلال النصف الأول من 2025، إلا أن فائض العرض يتجاوز الطلب، مما تسبب في انخفاض الأسعار. تراجعت عقود برنت الآجلة الأسبوع الماضي بنسبة 3.85 % (2.962 دولارًا) إلى 65.50 دولارًا، بينما انخفض خام غرب تكساس بنسبة 3.34 % (2.14 دولارًا) إلى 61.87 دولارًا. يتوقع جولدمان ساكس هبوط برنت دون 55 دولارًا مع فائض متوقع يصل إلى 1.8 مليون برميل يوميًا بنهاية 2025 و2026. وتدعم هذه التوقعات توقعات وكالة الطاقة الدولية وبنوك مثل مورغان ستانلي وآي إن جي، التي تشير إلى تراجع الطلب في الأسواق النامية وزيادة الإنتاج العالمي. قررت دول أوبك+ الثماني، في 7 سبتمبر 2025، زيادة إنتاجها بمقدار 137 ألف برميل يوميًا، ليصبح الخفض الطوعي المتبقي 1.513 مليون برميل يوميًا في أكتوبر مقارنة بسبتمبر. بدأت أوبك+ في أبريل 2025 إعادة تدريجية لتخفيضات الإنتاج الطوعية البالغة 2.2 مليون برميل يوميًا، مع تخصيص 300 ألف برميل يوميًا إضافية للإمارات. ومع ذلك، لم تتطابق الزيادات الفعلية مع التعهدات، إذ قام بعض الأعضاء بتعويض الإنتاج الزائد السابق، بينما واجه آخرون تحديات في زيادة الإنتاج بسبب قيود الطاقة الإنتاجية. وفرة النفط الحالية تشكل تحديًا كبيرًا للأسواق العالمية، لكنها ليست مستعصية. يمكن تجاوزها عبر انخفاض الأسعار لتحفيز الطلب وتقليص المعروض، بدعم من إجراءات أوبك+ المنسقة وتحولات سياسات الطاقة العالمية. التوترات الجيوسياسية والعقوبات على روسيا وإيران قد تحد مؤقتًا من الإمدادات. انخفاض الأسعار يعزز الاستهلاك، خاصة في آسيا، ويضغط على المنتجين عالي التكلفة خارج أوبك لخفض الإنتاج، مما يساعد على إعادة توازن السوق. كما يمكن للدول استغلال الفائض لتعزيز مخزوناتها الإستراتيجية، ما يخفف ضغوط السوق. لذا، يتطلب استعادة استقرار سوق النفط صبرًا استراتيجيًا وديناميكيات سوق فعّالة خلال الفترة المقبلة.