أكثر الإشكالات التأمينية تظهر في التأمين الطبي، وخاصة الموافقات الطبية، وهو ما يهم غالبية الناس، بالإضافة إلى أنه يمثل المنتج الأضخم في قطاع التأمين، ويمثل قرابة 59 % من اقتصاد التأمين، ومعظم المستفيدين لا يعرفون أن شركات التأمين مطالبة بالرد على الموافقات خلال مدة لا تتجاوز 60 دقيقة، وإذا لم تقم الشركة بالموافقة أو الرفض في الوقت المحدد فإن الخدمة المطلوب المصادقة عليها تعتبر مشمولة بالتأمين.. قطاع التأمين يعتبر من القطاعات المهمة في المملكة، وقد بدأ بشكله المتعارف عليه في 1986، وسبق ذلك شكل تأميني جاء بعد النفط، ودخول الشركات الأجنبية إلى الأراضي السعودية، ولكنه في تلك الأيام لم يكن محوكماً، والناس لم يفهموا طريقة استخدامه، وقد اهتمت الدولة به، وأنشأت هيئة مرجعية لإدارة شؤونه في عام 2023، باسم هيئة التأمين، وقبل تأسيسها كانت هناك لجنة مختصة بالتأمين موجودة في البنك المركزي السعودي، ما عدا التأمين الطبي، الذي كان من اختصاص مجلس الضمان الصحي. التأمين المعمول به سعوديا يتراوح بين إلزامي تفرضه الدولة، أو اختياري تحكمه الرغبات الشخصية، والأول يشمل التأمين الصحي في القطاع الخاص، للسعوديين وغيرهم، وتأمين السيارات ضد الغير، وتأمين مجالس إدارة الشركات المطروحة في سوق الأسهم، وتأمين الممارسين الصحيين، والتأمين في عقود العمالة المنزلية، وتأمين الحرائق على المصانع، وتأمين الزائر والسائح، وتأمين صاحب العمل على موظفيه، والقائمة تطول، بينما الاختياري يكون في السفر أو في الحيوانات الأليفة مثلاً، وفي كل ما يخرح عن نطاق الإلزام، وتاريخيا عرف التأمين للمرة الأولى في القرن الرابع عشر الميلادي، وبدأ بالتأمين على الشحن البحري ضد احتمالات الغرق أو التلف. بطبيعة الحال التأمين في المملكة تكافلي، وتراجع منتجاته بمعرفة لجان شرعية، واذا كانت مخالفة لا يتم إقرارها أو الاستثمار فيها، علاوة على وجود فائض تأميني لكل مؤمن له، يعاد إليه أو يحصل على خصومات بموجبه في نهاية العام، ما لم يستخدم التأمين، أو تصدر بحقه مطالبات تأمينية، طوال 12 شهرا، وهذا الفائض لا يدخل في أرباح شركات التأمين، وقيامها بذلك يدخلها في دائرة المساءلة من قبل هيئة التأمين. قطاع التأمين السعودي، بحسب أرقام شهر أبريل من العام الجاري، وصلت قيمته إلى 66 مليار ريال، أو ما يعادل 17 مليارا و600 مليون دولار، وهو يعيش تحديات كبيرة، سببها وجود 27 شركة تأمين في المملكة، وأن 79 % من أقساط التأمين موزعة على ثماني شركات، والقسم الأكبر من الكعكة التأمينية يذهب لشركتين عملاقتين من الثمانية، وما نسبته 21 % تتقاسمه 19 شركة متبقية، تصنف بوصفها شركات صغيرة، والرقم لا يتحمله سوق من هذ النوع، باستثناء السوق الأميركي وحده، ما يؤثر على جودة وكفاءة الخدمات المقدمة، ولا بد من التفكير في حلول أبسطها الاندماج بين الشركات، على طريقة البنوك، والأصعب أن شريحة واسعة من المؤمن عليهم أو لهم، لا يعرفون حقوقهم وواجباتهم بشكل دقيق، ولا حتى حدود المسؤولية التأمينية لوثائقهم، أو المنافع التي يمكنهم الحصول عليها، والاستثناءات التي لا تدخل في التأمين، وما قيل لا يغير في واقع سوق التأمين السعودي، وأنه الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، أو أن القوة الشرائية فيه عالية مقارنة بمحيطه الإقليمي. لعل أكثر الإشكالات التأمينية تظهر في التأمين الطبي، وبالأخص في مسألة الموافقات الطبية، وهو ما يهم غالبية الناس، بالإضافة إلى أنه يمثل المنتج الأضخم في قطاع التأمين، ويمثل قرابة 59 % من اقتصاد التأمين، ومعظم المستفيدين، لا يعرفون أن شركات التأمين مطالبة بالرد على الموافقات، خلال مدة لا تتجاوز 60 دقيقة، واذا لم تقم الشركة بالموافقة أو الرفض في الوقت المحدد، فإن الخدمة المطلوب المصادقة عليها تعتبر مشمولة بالتأمين، وذلك من الناحية التشريعية والنظامية في المملكة، وبعض المستشفيات قد لا يفهم العلاقة التعاقدية بينه وبين شركات التأمين، فيما تقدم الشركات موافقات جزئية تعطل تقديم الخدمات للمرضى، واستنادا لرأي خبراء التأمين السعوديين توجد حالة من عدم الثقة بين الطرفين، ومن يدفع فاتورتها في نهاية الأمر المستفيد من التأمين، فالشركات لا تثق في المستشفيات، والثانية تستغل الشركات، وكأنها الدجاجة التي تبيض ذهباً، والواجب تسوية الأمور السابقة، وإيجاد حلول نهائية تعالجها، أو تحيد أغلبها. الموافقات الطبية، طبقا لأهل الاختصاص، يحكمها جزء فني وآخر طبي، الجزء الفني يهتم بوجود الخدمة المطلوبة في وثيقة التأمين، وما إذا كان المستشفى الذي زاره المريض يدخل ضمن شبكة المستشفيات والمراكز الطبية التي تغطيها شركة التأمين، ويركز الجزء الطبي على حاجة صاحب وثيقة التأمين الفعلية للخدمة، والعلاقة في هذا الجانب قائمة على الدفع مقابل الخدمة، ولا يوجد مرجع متفق عليه سعوديا يحسم احتياج المريض من عدم احتياجه، لأن القضية محل خلاف بين الأطباء، والتشخيص يختلف فيما بينهم، وليس هناك اتفاق على دليل إكلينيكي موحد، يمكن الأخذ به كمرجع معتمد، مثلما هو الحال في أميركا وأوروبا، وقد استعانت هيئة التأمين السعودية بالجمعيات العلمية، ووفرت حوالي خمسين دليلا إكلينيكيا للاسترشاد بها، وللاتفاق مستقبلاً بين شركات التأمين ومقدمي الخدمة الطبية على دليل إكلينكي سعودي يمكن الرجوع اليه في إصدار الموافقات الطبية بالكامل، وتحديد ما تكون الموافقة عليه في كل مرض، بدون تعقيدات، خصوصاً أن 70 % من الشكاوى في مجال التأمين إجمالاً، مرتبطة بهذه الموافقات.