انخفضت أسعار النفط، أمس الأربعاء، موسعة خسائرها من الجلسة السابقة، حيث قيّم المستثمرون تحذير وكالة الطاقة الدولية من فائض في المعروض في عام 2026 والتوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، الولاياتالمتحدةوالصين التي قد تُقلل الطلب. انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 9 سنتات، أو 0.14 %، لتصل إلى 62.30 دولارًا للبرميل، بينما تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 3 سنتات، أو 0.05 %، لتصل إلى 58.67 دولارًا للبرميل. أغلق كلا العقدين عند أدنى مستوياتهما في خمسة أشهر في جلسة التداول السابقة. وأعلنت وكالة الطاقة الدولية يوم الثلاثاء أن سوق النفط العالمي قد يواجه فائضًا في المعروض العام المقبل يصل إلى 4 ملايين برميل يوميًا، وهو فائض أكبر مما توقعته سابقًا، مع قيام منتجي أوبك+ ومنافسيها برفع الإنتاج واستمرار تباطؤ الطلب. وقال إمريل جميل، كبير محللي النفط في بورصة لندن: "يركز السوق على فائض المعروض وسط مؤشرات متباينة على الطلب. كما أن انحسار المخاطر الجيوسياسية وتصاعد التوترات التجارية يزيدان من الضغوط على الأسعار". ساد النزاع التجاري بين الولاياتالمتحدةوالصين، أكبر مستهلكين للنفط في العالم، خلال الأسبوع الماضي، حيث فرضت الدولتان رسوم موانئ إضافية على السفن التي تحمل بضائع بينهما. وسيؤدي ذلك إلى رفع تكاليف التداول وتعطيل تدفقات الشحن، مما قد يؤدي إلى انخفاض الناتج الاقتصادي. وقال توني سيكامور، محلل السوق لدى آي جي: "سيبقى التركيز منصبًا على التصعيد الأخير للتوترات التجارية بين الولاياتالمتحدةوالصين وما يحمله من مخاطر على الاقتصاد العالمي". اشتدت التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم بعد أن أعلنت الصين الأسبوع الماضي عن توسع كبير في ضوابط تصدير المعادن النادرة، وتهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب برفع الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى 100 % وتشديد قيود تصدير البرمجيات اعتبارًا من 1 نوفمبر. وقال يانغ آن، المحلل في هايتونق للعقود الآجلة: "إلى جانب العلاقات التجارية بين الولاياتالمتحدةوالصين وتقدم المحادثات، فإن مفتاح أسعار النفط الآن هو درجة فائض المعروض، الذي ينعكس في التغيرات في المخزونات العالمية". وللحصول على نظرة على الطلب الأمريكي، ينتظر المتداولون بيانات المخزونات الأسبوعية. ومن المتوقع ارتفاع مخزونات النفط الخام الأمريكية الأسبوع الماضي، بينما من المرجح انخفاض مخزونات البنزين والمقطرات. ويوقع المحللين ارتفاع مخزونات النفط الخام بنحو 200 ألف برميل في المتوسط خلال الأسبوع المنتهي في 10 أكتوبر. وتترقب الأسواق صدور التقرير الأسبوعي للقطاع من معهد البترول الأمريكي، في وقت لاحق من الأربعاء، وبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية يوم الخميس. وقد تأخر صدور كلا التقريرين ليوم واحد بسبب عطلة يوم كولومبوس/يوم الشعوب الأصلية يوم الاثنين. في تطورات أسواق الطاقة قال رئيس شركة أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، أمين الناصر بأن الشركة يمكنها الإنتاج بالطاقة القصوى البالغة 12 مليون برميل يوميًا، مما يُكرّس مكانتها كمورد موثوق لإمدادات الطاقة العالمية. بلغ إجمالي إنتاج أرامكو من النفط 10.45 مليون برميل يوميًا في الربع الثاني من العام الجاري، بزيادة طفيفة عن الربع الأول، ونحو 3 % أعلى من الفترة نفسها من العام الماضي، بحسب التقرير المالي للشركة. وعبر الناصر خلال مشاركته في منتدى "إنرجي إنتلجنس" بالعاصمة البريطانية لندن، عن تفاؤله حيال آفاق سوق النفط، مؤكدًا أن الطلب العالمي يتمتع بالمتانة كما أن العوامل الأساسية للسوق ما زالت "قوية"، متوقعًا أن يسجّل الطلب نموًا يتراوح بين 1.2 و1.4 مليون برميل يوميًا خلال العام المقبل، بما يتماشى مع التقديرات الصادرة عن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في تقريرها الأخير. فيما يخص التوجهات المستقبلية، أكد الناصر أن "أرامكو" تتطلع إلى نمو كبير في قطاع الغاز، مما يمثل مواكبة للتحول العالمي نحو مزيج طاقة أكثر استدامة. في الكويت، تم الإعلان عن اكتشاف تريليون قدم من الغاز الطبيعي ونحو 350 مليون برميل من المكافئ النفطي. يعدّ حقل "جزة" البحري الجديد، ثالث اكتشاف بحري تحققه الشركة الكويتية، بعد حقل "النوخذة" و"الجليعة" ضمن مشروعها للحفر الاستكشافي البحري، الذي أطلقته العام الماضي. وبينت نتائج الاختبارات الأولية للحقل الجديد الواقع على مساحة 40 كيلو مترًا، إنتاجًا يتجاوز 29 مليون قدم مكعب يوميًا من الغاز، وأكثر من 5 آلاف برميل يوميًا من المكثفات. من جهتها أبقت منظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك على توقعاتها لنمو الطلب على النفط خلال عامين دون تغيير، في وقت تواجه فيه الأسواق تقلبات حادة بسبب التوترات التجارية بين الولاياتالمتحدةوالصين. حافظت "أوبك" على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على الخام خلال 2026 دون تغيير للشهر الثاني تواليًا عند 1.4 مليون برميل يوميًا، مدعومةً بنشاط اقتصادي قوي في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وعلى رأسها الصين والهند ودول أخرى في آسيا. كما ثبتت تقديراتها لنمو الطلب خلال العام الجاري عند نفس مستوياته البالغة 1.3 مليون برميل يوميًا للشهر السادس على التوالي. يعكس تقرير أوبك الشهري ثقةً المنظمة في أساسيات السوق العالمية، رغم التهديدات الأخيرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية جديدة على الصين، والتي أثارت مخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وبالتالي تراجع الطلب على الخام. تلقت توقعات أوبك للسوق الدعم من تراجع مخزونات النفط التجارية في دول "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" بمقدار 500 ألف برميل يوميًا في أغسطس إلى 2793 مليون برميل، أي أقل ب 92 مليون برميل عن متوسط خمس سنوات، وفق التقرير. من جهة أخرى، وقّعت شركتا سوناطراك الجزائرية ومداد للطاقة السعودية عقدًا بصيغة تقاسم الإنتاج لاستكشاف واستغلال المحروقات في محيط "إليزي" جنوبالجزائر. وسيتم تمويل إجمالي الاستثمارات المخطط لها لاستكشاف واستغلال هذه الرقعة بالكامل من قِبل "مداد" بمبلغ إجمالي 5.4 مليار دولار، بما في ذلك 288 مليون دولار مخصصة لاستثمارات البحث. تتطلع الشركتان إلى تحقيق إنتاج بإجمالي 933 مليون برميل نفط مكافئ، منها 125 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي الموجه للتسويق، و204 ملايين برميل من المحروقات السائلة تتوزع على 103 ملايين برميل من غاز البترول المسال و101 مليون برميل من المكثفات مع نهاية للفترة التعاقدية. ويمتد العقد بين الشركتين لنحو 30 سنة قابلة للتمديد 10 سنوات، منها 7 سنوات للاستكشاف. في وقت، خفضت وكالة الطاقة الدولية توقعات الطلب العالمي على النفط في 2026، في ظل التأثيرات السلبية للرسوم التجارية على الآفاق الاقتصادية الكلية، وتسارع التحول نحو السيارات الكهربائية. وعدّلت الوكالة تقديراتها للطلب العالمي في العام المقبل إلى 104.5 مليون برميل يوميًا، مقارنةً بتقدير سابق بلغ 104.6 مليون برميل يوميًا، كما خفضت تقديراتها للعام الجاري إلى 103.8 مليون برميل يوميًا، بعد أن كانت 103.9 مليون برميل، وذلك بحسب تقريرها الشهري الأحدث. وقدرت الوكالة، نموًا في الطلب العالمي على النفط في 2026 بنسبة 0.7 % على أساس سنوي، أي ما يعادل 710 آلاف برميل يوميًا، متوقعة أن يبلغ الطلب العالمي 104.537 مليون برميل يوميًا في 2026، و103.838 مليون برميل يوميًا في 2025. ورفعت الوكالة تقديراتها للإمدادات من خارج منظمة "أوبك" لعام 2026 إلى 73.2 مليون برميل يوميًا، مقارنة ب73.1 مليون برميل سابقًا، فيما خفّضت توقعاتها للطلب على نفط "أوبك" إلى 25.4 مليون برميل يوميًا في 2026، نزولًا من 25.6 مليون برميل، وإلى 26.2 مليون برميل يوميًا في 2025 مقارنةً ب26.3 مليون برميل في التقديرات السابقة. توقعت وكالة الطاقة أن يتجاوز المعروض العالمي من النفط الطلب بنحو 4 ملايين برميل يوميًا خلال العام المقبل 2026، وهو فائض غير مسبوق على أساس سنوي، ما يشير إلى تخمة متزايدة في السوق بدأت بالفعل بالتراكم على متن ناقلات النفط. من جهته، رفع صندوق النقد توقعاته لنمو المنطقة العربية خلال 2025 و2026، والتي عبّر عنها قبل ثلاثة أشهر، فرفع للمرة الثانية توقعاته للنمو في الشرق الأوسط خلال العامين الحالي والمقبل، استنادًا إلى تحسن في أسعار النفط مقارنة بتقديراته السابقة، وتسارع أداء الاقتصاد السعودي الذي يُعد الأكبر في المنطقة. وقال الصندوق في تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" الصادر الثلاثاء إنه من المتوقع تسارع النمو في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، مع تلاشي آثار اضطرابات إنتاج النفط والشحن، وتراجع آثار الصراعات الدائرة. جاءت التوقعات الجديدة لنمو اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2025 مرتفعة بمقدار 0.1 نقطة مئوية إلى 3.3 % مقارنة بنسخة شهر يوليو الماضي من التقرير التي كانت عند 3.2 %. أما بالنسبة لعام 2026 فيرى الصندوق أن نمو المنطقة سيتسارع إلى 3.7 %، بينما كانت توقعاته خلال يوليو عند 3.4 % فقط. كما رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للاقتصاد العالمي، مشيرًا إلى استمرار قدرته على الصمود أمام العواصف التجارية رغم تصاعد التوترات وحالة عدم اليقين. وأرجع الصندوق هذا التحسن إلى تحول السياسات النقدية نحو مزيد من التيسير، وضعف الدولار الذي منح الاقتصادات الناشئة متنفسًا لمواجهة الضغوط التضخمية. في تحديثٍ لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي، رفع الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي لعام 2025 إلى 3.2 % بزيادة قدرها 0.2 نقطة مئوية مقارنة بتقديرات يوليو الماضي، في ثاني تعديل صعودي على التوالي. كما أبقى على توقعاته لنمو 2026 دون تغيير عند 3.1 %، مشيرًا إلى أن الاقتصاد العالمي ما يزال محافظًا على مرونته رغم مؤشرات التباطؤ المتزايدة. من جانبه، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باو أن السياسة النقدية أمام مفترق طرق محفوف بالمخاطر، مضيفًا أن التصورات بشأن سوق العمل الأمريكية لا تزال في مسار نزولي، وأكد أن البيانات "لا تُظهر تحسنًا منذ سبتمبر. وألمح إلى أن آفاق التضخم والوظائف لم تتغير كثيرًا منذ اجتماع الفيدرالي الأخير في سبتمبر، لكنه أكد أن مخاطر تراجع التوظيف ازدادت. وأوضح أنه رغم غياب البيانات الرسمية بسبب الإغلاق الحكومي الفيدرالي، فإن "الأدلة المتاحة تشير إلى بقاء معدلات التسريح والتوظيف منخفضة، مع استمرار تراجع نظرة الأسر لتوافر الوظائف، وصعوبة التوظيف لدى الشركات". كما أوضح باول أن البيانات تشير إلى أن الرسوم الجمركية تزيد الضغوط التضخمية. وهو ما يدعم توقعات المستثمرين بخفض آخر لأسعار الفائدة هذا الشهر. وأشار باول، في كلمته أثناء اجتماع الرابطة الوطنية لاقتصاديات الأعمال في فيلادلفيا، إلى أن مؤشرات النمو الاقتصادي قبل الإغلاق الحكومي كانت إيجابية، وأن مسار السياسة النقدية مرهون بالبيانات وتقييم المخاطر. وأكد باول مجددًا أنه: "لا يوجد مسار خالٍ من المخاطر للسياسة النقدية، ونحن نحاول الموازنة بين أهداف التوظيف واستقرار الأسعار".